مردود البيان الخماسي

بي دي ان |

19 فبراير 2023 الساعة 02:50ص

الكاتب
أصدرت خمس دول مركزية من الغرب الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة يوم الثلاثاء الموافق 14 شباط/ فبراير الماضي بيانا مشتركا، أدانت فيه مصادقة الكابنيت الإسرائيلي على تشريع تسع بؤر استعمارية، وبناء قرابة عشرة الاف وحدة استيطانية في الضفة الفلسطينية، وجاء في البيان الإيجابي نسبيا التالي: "نحن وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا، ووزير خارجية المملكة المتحدة، ووزير خارجية الولايات المتحدة منزعجون بشدة من إعلان الحكومة الإسرائيلية التقدم ( ببناء) ما يقرب من 10000 الاف وحدة استيطانية، وتنوي بدء عملية تطبيع (تشريع) تسع بؤر كانت في السابق غير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي." وأضاف البيان "نحن نعارض بشدة هذه الإجراءات أحادية الجانب التي لن تؤدي إلا الى تفاقم التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتقوض الجهود المبذولة لتحقيق حل الدولتين المتفاوض عليه." وفق ما نقلته وكالة "فرانس برس"
وكانت وزارتا خارجية كل من بريطانيا وفرنسا كل على انفراد أصدرت نص البيان المشترك، تأكيدا على مواقفهما من رفض القرارات الاجرامية للحكومة الإسرائيلية. وعلى الإيجابية النسبية لما حملته البيانات الثلاث من، أولا رفض القرارات الإسرائيلية أحادية الجانب المهددة خيار السلام على حد قولهم "المتفاوض عليه"؛ ثانيا تأكيدهم على ان هذه القرارات الخطيرة تزيد من تفاقم الأمور بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي؛ ثالثا الاعراب عن "انزعاجهم الشديد" من الخطوة الإسرائيلية. الذي لا يسمن ولا يغني من جوع. ولا يعكس الحرص على عملية السلام، التي تغنوا بها. لانهم لم يطالبوا حكومة نتنياهو السادسة النازية بإلغاء القرارات فورا، ووقف انتهاكاتها أحادية الجانب. كما لم يلوحوا على الأقل باي خطوة عقابية في حال واصلت الحكومة جريمة حربها الجديدة.
ولادراك القيادة الإسرائيلية سقف البيان الخماسي الناظم لسياسة الغرب الرأسمالي عموما تجاهها، لم تعر البيانات الثلاث اية أهمية، ليس هذا فحسب، بل انها ردت بصلافة وغطرسة عليها، من خلال مصادقتها على مشاريع قوانين تعمق خيار رفضها لعملية السلام من حيث المبدأ، واستمراء انتهاكاتها أحادية الجانب، ومنها مصادقة الكنيست بالقراءة الأولى يوم الأربعاء الموافق 15 /2 الحالي (2023) على مشروع قانون إلغاء الانسحاب من شمال الضفة الغربية، الذي يسمح لقطعان المستعمرين بالعودة إلى اربع مستعمرات، التي انسحبت منها عام 2005، وهي "غانيم" و"كاديم" و"حوميش" و"سانور" بتأييد 62 عضو كنيست، ومعارضة 32. وفق موقع i24news الإسرائيلي.
كما ان البرلمان الإسرائيلي صادق يوم الخميس الموافق 16 /2 الحالي بكامل هيئته بالقرائتين الثانية الثالثة على مشروع قانون "سحب الجنسية والإقامة من منفذي العمليات الفدائية من الفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب والساحل وسكان القدس الشرقية، وترحيلهم لاراضي السلطة الوطنية الفلسطينية." وهي عملية تطهير عرقي بذرائع واهية، وحسب صحيفة "يديعوت احرونوت" أن (الكنيست) صادقت بأغلبية 94 عضوا (من الموالاة والمعارضة) على القانون. الامر الذي يكشف عار ما يسمى المعارضة الإسرائيلية، التي لا تقل خطورة عن ائتلاف نتنياهو الحاكم.
وهذه وغيرها من مشاريع القرارات والقوانين الإسرائيلية المقترنة بجرائم الحرب اليومية، حتى بلغ عدد الشهداء، الذين اعدمتهم إسرائيل من بداية العام (50) شهيدا خلال 46 يوما. فضلا عن عمليات الهدم والمصادرة للبيوت، والاجتياحات للمخيمات والقرى والمدن الفلسطينية عموما والقدس العاصمة خصوصا، التي تتعرض الان لاشرس حملة تطهير عرقي من قبل عصابات الدولة الإسرائيلية النازية.
ولم تكتف إدارة بايدن بتحجيم سقف البيان السياسي الصادر عنها وعن حلفائها من دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، بل انها تواصل الضغط على القيادة الفلسطينية، التي توجهت الى مجلس الامن لاصدار قرار بوقف الانتهاكات الأحادية الجانب، وأعربت واشنطن يوم الجمعة اول امس (17/2) عن عدم رضاها على مشروع القرار في مجلس الامن الدولي، الذي يدعو الى "الوقف الفوري لإنشطة الاستيطان" الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة." حسب "فرانس برس" فإن "مشروع القرار الذي وزعته الامارات قبل الجلسة المقررة يوم الاثنين القادم (غدا) بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، "يؤكد مجددا ان انشاء إسرائيل مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية، ويشكل إنتهاكا للقانون الدولي."
هذا المشروع الذي ينسجم مع قرارات الشرعية الدولية، ويدعو لحماية خيار السلام، ويؤكد على رفض البناء الاستيطاني الاستعماري، ويدعو إسرائيل لوقف جرائم حربها، ترفضه ادارة بايدن، حيث أوضح مساعد المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيدانت ياتيل، قائلا "نعتقد أن طرح هذا القرار غير مفيد في تعزيز الشروط اللازمة للمضي قدما في مفاوضات حل الدولتين."  والسؤال ما هو المنطق الذي ينسجم مع رؤية الإدارة الأميركية؟ وما هي الشروط التي تعزز السلام وخيار حل الدولتين؟ هل المواقف العائمة والضبابية وغير المحددة تعزز السلام؟
بالنتيجة من خلال تتبع التطورات في مواقف الإدارة الأميركية ودول الغرب الأوروبي الرأسمالية المركزية في القارة العجوز، تتضح الصورة جلية دون التباس او غموض، بان مواقفها تساعد إسرائيل على المضي في غيها ومشروعها الاستعماري الاجلائي الاحلالي، ولا يساهم في حماية خيار السلام نهائيا، لا العكس صحيح تماما. ان الغرب صانع إسرائيل وحاميها بمواقفه الملتبسة والضبابية، ورفضه اصدار قرار من مجلس الامن يدعو لوقف جرائم الحرب الإسرائيلية، يدعم السياسات الاجرامية للحكومة الفاشية بقيادة نتنياهو. وبالتالي مردود البيان الخماسي صفر، ومن يعتقد ان الدول الخمس، رغم التباين النسبي بينها، تؤيد السلام يكون حالما. لانها بالمحصلة لا تخرج عن سقف الولايات المتحدة، التي تقف خلف المشروع الصهيوني بتفاصيله الاستعمارية الاجلائية الاحلالية، الامر الذي يتطلب من القيادة الفلسطينية مواصلة الذهاب لمجلس الامن لعل وعسى تتمكن من انتزاع قرار يعزز خيار السلام، ويرفع كرت اصفر في وجه إسرائيل. اضف الى ان المطلوب فلسطينيا الدفع بقرارات المجلسين الوطني والمركزي للمنظمة للتنفيذ، ووضع خطة استراتيجية لحماية القدس العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية.
[email protected]
[email protected]