مغالطات بايدن الجديدة

بي دي ان |

11 فبراير 2023 الساعة 07:11ص

الكاتب
القى الرئيس جو بايدن اول امس الثلاثاء الموافق 7 فبراير الحالي خطاب حالة الامة امام مجلسي النواب والشيوخ، وهو الخطاب الأول له بعد تسيد الجمهوريين على مجلس النواب في الانتخابات النصفية مطلع نوفمبر 2022، الذين حرص على مخاطبتهم بود، رغم الغمز من قناتهم في ازمة الدين العام للدولة والعلاقة مع منطاد الصين. جال الرئيس الاميركي فيه على عدد من الملفات الداخلية والخارجية خلال زمن يزيد عن الساعة قليلا. ومن قرأ ابرز ما حمله خطاب صانع القرار في البيت الابيض، ودقق فيما تضمنه من معطيات ووقائع، خلص لاستنتاج سلبي لاكثر من سبب، أولا حاول الالتفاف على أزمات الولايات المتحدة المتعددة، وسعى لتبييض صفحة ادارته؛ ثانيا قلب الحقائق في اكثر من مفصل داخلي وخارجي؛ ثالثا لم يتعرض في خطابه للصراع الفلسطيني الإسرائيلي نهائيا، وقفز عن ملفات الشرق الأوسط عموما.
وفي رسالته الموجهة لاوكرانيا والحرب الدائرة هناك، اكد وقوف بلاده الى جانب نظام زيلنسكي، وقال موجها خطابه للسفيرة الأوكرانية، أوكسانا ماركاروفا، التي كانت موجودة "سنقف الى جانبكم مهما إستغرق الأمر." وتابع "أمتنا تعمل من أجل المزيد من الحريات والكرامة والسلام (...) ليس فقط في أوروبا بل في كل مكان." وهنا جانب الحقيقة، وتنكر لها على اكثر من مستوى، فهو لا يدافع عن الشعب والنظام الاوكراني، انما يدافع عن مصالح اميركا، ومكانتها الدولية وعلى حسابهم. ولم يدفع عشرات المليارات من الدولارات لسواد عيون زيلنسكي ونظامه، وانما دفاعا عن الذات الأميركية أولا وثانيا .. وعاشرا، أضف الى انه يخوض حربه العالمية على روسيا الاتحادية بالوكالة من خلال الزج بالشعب الاوكراني، الضحية الأولى، والتي دفعت، ومازالت تدفع الثمن غاليا.
كما انه تجنى على الواقع، عندما إدعى انه يدافع عن الحريات والكرامة والسلام، لان الوقائع المثالة للمراقب تشي بشكل عميق وجلي، ان بلاده تسبيح حريات وكرامات وسلام الشعوب، وتعمل على توريط الشعب الاوكراني في حرب لا ناقة ولا جمل له فيها، وزجت ادارته دول أوروبا الغربية والشرقية في حرب تقاسم النفوذ الجديدة لخدمة مصالح الولايات المتحدة الحيوية، وضغط عليها للمساهمة بدفع الجزية لاوكرانيا، والزمها بشراء النفط الأميركي بأسعار اعلى من النفط الروسي، مما أغضب العديد من الدول المركزية الغربية وخاصة المانيا وفرنسا وغيرها من الدول، التي عبرت في مواقف علنية عن استياءها من السياسة الأميركية.
وفي ملف الصراع الأميركي الصيني، رغم انه خاطب جمهورية الصين الشعبية بطريقة ناعمة، عندما قال "ان واشنطن لا تسعى الى نزاع مع بكين، وأضاف " لاتسيئوا فهمنا: كما اظهرنا بوضوح الاسبوع الماضي، إذا هددت الصين سيادتنا، فسنعمل على حماية بلادنا، وفعلنا ذلك"، وهو يقصد اسقاط المنطاد الصيني. وبدأ رسالته للقيادة الصينية، ان الولايات المتحدة لن تسمح للصين بترهيبها، لكن الحقيقة تقول، ان مواقف الحزبين الديمقراطي والجمهوري والدولة العميقة تعمل على تأجيج الصراع مع التنين الصيني، ولعل جملة القيود التي فرضتها الإدارات الأميركية المتعاقبة وخاصة ادارتي ترامب وبايدن تعكس الحقيقة، فضلا عن التنافس بين الحزبين على دفع الأمور نحو مزيد من تأزيم العلاقات الصينية الأميركية. ومما جاء في خطابه ردا على الجمهوريين، الذين اعتبروا موقفه من المنطاد الصيني دليل ضعف، لانه انتظر طويلا، فقال إن الولايات المتحدة اليوم "في أقوى موقع منذ عقود للمنافسة مع الصين، أو أي طرف آخر في العالم." والحقيقة تقول عكس ذلك تماما، فواشنطن واقعيا تعيش لحظة ضعف وتراجع على أكثر من مستوى وصعيد. وأكد ذلك في خطابه بشكل مباشر وغير مباشر، عندما قال "أوضحت للرئيس شي جين بينغ اننا نسعى الى المنافسة، وليس الى الصراع واعترف بتفوق الصين الى معركة تصنيع أشباه المواصلات، حيث فقدت اميركا مكانتها المهيمنة لصالح الصين.
وعلى الصعيد الاقتصادي، اكد ساكن البيت الأبيض، أن الاقتصاد الأميركي في وضع أفضل "من أي بلد آخر على وجه الأرض." في تحقيق النمو، على الرغم من التحديات التي فرضها وباء كوفيد 19 والحرب في أوكرانيا. ورد في ذات النقطة على نفسه وادعائه، حينما اتهم شركات النفط الكبرى باستغلال ازمة موارد الطاقة الأخيرة لتحقيق الأرباح، مطالبا بفرض زيادة ضريبية كبيرة على عمليات إعادة شراء أسهم الشركات لتوجيهها للاستثمار اكثر في الإنتاج. ليس هذا فحسب، بل انه اتهم المعارضة بالسعي إلى "اخذ الاقتصاد رهينة" في مواجهة تهديدات برلمانيين بعدم التصويت لصالح رفع سقف الدين العام، الذي تطالب ادارته برفعه الى 31,4 تريليون دولار أميركي، وذلك لتجنب التخلف عن سداد الديون المستحقة.
فهل يعقل ان يكون الاقتصاد الأميركي الأفضل عالميا، وهو الأعلى مديونية في العالم، ومكانة الدولار تتراجع امام سلة العملات العالمية، ومع شروع العديد من الدول للتخلي عن التعامل به كمعادل للتبادل التجاري؟ اعتقد ان بايدن هرب من مواجهة الحقيقة المرة، ولجأ لسياسة الالتفاف على الحقائق الصعبة للاقتصاد الأميركي.
وفي ملف الديمقراطية الداخلية، وإدعائه انها الأقوى، والراسخة، للأسف ما شهدته الديمقراطية من 6 يناير 2020 عندما اقتحم العنصريون الافنجليكان، انصار ترامب لمبنى الكونغرس، وقتل الشرطة للسود دون سبب الا سبب العنصرية المتفشية في بلاد العم سام، اخرها العملية التي جرت في يناير الماضي (2023) عندما قتلت الشرطة شابا اسود بلا سبب تكشف سقوط ما ذكره الرئيس الأميركي، وهناك مئات والاف البشواهد في كافة الولايات التي تؤكد تراجع الديمقراطية بشكل مريع.
بالنتيجة الماثلة امامنا، فإن بايدن انقلب على الحقائق، وفشل في ذكر حقيقة واحدة صحيحة. لان كل الملفات التي تعرض لها هرب للامام، وغادر المصداقية، وهذا ليس مستغربا على القيادات الأميركية المختلفة وخاصة إدارة بايدن الضعيفة والمهزوزة.
[email protected]
[email protected]