في الانتظار؟!

بي دي ان |

11 يناير 2023 الساعة 11:43م

قال: إلى متى  الانتظار؟ عندما يأتي موعد الكتابة لا نجد إلا القضية المركزية التي ندور حولها: مخطط الانقسام الصهيوني، والاختلافات والنزاعات.. دائرة جهنمية أدت إلى فقدان موضوعات وقضايا كثيرة أهم من هذه المهلكة الفارغة التي يدفعنا إليها هذا المخطط المصنوع بالتعمد.. كأنه أصابنا بحالة من الوسواس القهري، فلا نستطيع أن نطرده من أدمغتنا، وأن نكتب بعيدا عن هيمنته وموضوعاته الفاسدة التي يطرحها لتبديد تركيزنا وزيادة تشتيتنا. ودفعنا للمشاركة في ضجة بلا طحين، بعيد عن  اللحظات التي تصنعها الكلمة الفعالة، وتبرز موقف الكاتب من مشكلات شعبه. لتمثل دورًا  بالنسبة إلى المحيط الفكري للقارئ وهو يشق طريقه إلى هدفٍ محدد، تقوده أضواء باهرة من الإيمان بقيمٍ المقاومة و عمادها الوحدة والحرية والاستقلال، و إلى التطلع  إلى حياة أفضل!


- قلت له: وإذ توقفت الضجة وتم طوي الملف، ولم يعد أحد يتذكر! .. على أي حال القضايا الوطنية وقضايا الفساد والقهر والظلم لا تفسد ولا تسقط بالتقادم. الانقسام جملة اعتراضية في تاريخ الشعب الفلسطيني وإن طالت. فيقول ساخرًا: الفيلم مُعاد، والأحداث محروقة، والساذج من ينتظر مفاجآت جديدة في فيلم مقاولات مكرر شاهده من قبل مراراً؛  ومؤامرة أخُفيت فيها الحقيقة عن الشعب، لقد عاش الشعب سبعة عشر عامًا في ظلال زيف متصل الحلقات، اجتهدت كثيرا  للخروج من هذه الدائرة الملعونة، هذا السجن الذي يدور، إنا لا نسير، لا نتقدم. ونتأخر، لا نرتفع ، إنما نحن ندور، تلك هي القضية! الوحدة والحرية والاستقلال حياة أفضل! كلمات،  لا شيء غير الكلمات؟!حال المسؤولين السلبيين، وسلوكها الذي يتَّسم بقدرٍ كبير من المثالية الزائفة، وحسبهم في ذلك أن نقدمهم  من خلال أحداثٍ ومواقف تجسَّم فيها. إنهم المشكلة الحقيقية، بحيث نثور نحن من أجلها، هم في حالة ضعف وعجز عن الانجاز؛ بعد أن عجزالقوم عن صنع هذه المعجزة..  يا لها من خدعة.. فقط كلمات!


- قلت له: لا تظن أن كونك كاتبا يعني أنك ستحدد مصير هذه القضية، هذا ملف حسم منذ زمن، ملف دولي بامتياز ويحدد وجهته النظام العالمي الذي لا يحتمل أي وحدة، ويسعى للاحتفاظ بالقضية معلقة على الدوام، لذا كان التعامل مع القضية دوما من باب أنها مسألة معلقة. وضعها متقدم، وضعها مرتبك وضعها مقيد، وضعها منقسم، إلى اخره.. مسألة أخطر من أن تترك لأهلها دوما، المرة  التي تُرك فيها مساحة، انفرط عقد الوحدة الوطنية، و موالسة الانقسام، ليست لهم  اية اهداف وطنية او اصلاحية وكل املها، المصالح الشخصية والحزبية حتى ولو على أشلاء الوطن.


- فقال: أصبحنا ندرك وجوب التغيير الشامل للسلطات والسياسات الحالية بكل مؤسساتها؛ أصبحنا متأكدين أن القيادات الحالية  ليست هى الشخصيات التى يمكنها عمل إجراءات وطنية كما نتخيل او نتمنى، أصبحنا ندرك أن المعارضة  غير قادرة علي الوقوف ضد هذه السلطات، وغير قادرة علي الوصول للناس حتي عندما تتوافر اللحظة الفاصلة بوجود قضايا وطنية وجودية يمكن البناء عليها، أصبحنا متأكدين أن التابعين للتيار الحزبي السلطوي لن يتغيروا سياسيا وفكريا ولن ينضجوا وطنيا، علي الاقل في القريب المنظور.


- أصبح الشعب مدركا أنه قد تم انهاكه وتشتيته والعبث في كل مقدراته وتاريخه لأهداف خبيثة وليس من أجل القضية الشريفة العادلة، كما ادعي البعض؛ وإذا حاولنا وضع افتراضات لتفسير أسباب كل ما قام به موالسة الانقسام  علي مسرح الأحداث، ومنها أسباب خفية غير معلومة. فربما تكون منها. مصالح حزبية وشخصية، سوء تخطيط، فشل الوحدة الوطنية، فشل تام في ادارة الملف السياسي. دكتاتورية حزبية عنصرية وحماقة وعقلية منغلقة وسطحية. عداء وكره أعمى للوحدة الوطنية وللشعب ورغبة شخصية في الانتقام من بعضهم. تنفيذ أجندات للخارج. نكبة وطنية حقيقية واعمال فائقة لا يمكن إدراكها بسهولة.


-  أصبحنا ندرك أننا. وان لم نتكلم الان.. فقد لا نتمكن من الكلام نهائيا، ليس بسبب الاحتلال الصهيوني، والانقسام والحصار النازي والبطالة والفقر و القمع الأمني؛ و لكن لأن ما هو آت سيكون ادامت مشروع الاحتلال بشكل كاملا، وبسيطرة  قوي  بقدر ما هى منتقمة وكارهه وحاقدة. أصبحنا.. متأكدين حاجتنا الشديدة لقيادة وطنية موحدة تستطيع تجميع الشعب حولها ومعها، وتستطيع الوقوف في وجه المخطط الصهيوني، وفي وجه سادة الانقسام والخراب، فعليا.. نستطيع عبور حاجز الخوف وتقديم امل في المستقبل ثم نستطيع إدارة الوطن وبناء دولة حرة مستقلة جديدة واستعادة ما فقد وتعويض ما أهدر. آن الاوان أن تنتهي هذه المسرحية ويسدل الستار تماما.

- كل ما هو مطلوب أصبح معروفا.. وليس من المفترض منا كبشر ذوي عقل انتظار النهاية بلا عمل! وانتظار المحتل واعوانه ! ونحن علي علم بالمخطط، لكن ما لم ندركه بعد هو متى سنتحرك؟ من هم القادة؟ ما هى الخطة؟ نعلم جميعا ان النهاية والبداية بأيدينا أن نصنعها، ولابد أن يتحول الكلام الذي طال وتعدى أوانه. إلي أفعال حان أوانها.. الآن وليس لاحقا..

 - ام متعودون على الانتظار؛ انتظار ما سيأتي وما قد لا يأتي، وانتظار المجهول، إلى أن صار المعلوم مجهولا من كثرة انتظارنا له،إلى متى  الانتظار؟ لتتمكن منا الخيبة بعد طول انتظار، والتي لا نجد حيالها إلا فقدان الأمل في الانتظارات المقبلة، ومن كثرة ما طالت انتظاراتنا، لم نعد قادرين على تحملها، ولم يعد بوسعنا أن نقف مكتوفي الأيدي في لحظات الانتظار.