هل هي العودة إلى البدايات أم طريق النهايات؟

بي دي ان |

11 يناير 2023 الساعة 05:18م

إجراءات أشد قسوة وضراوة يستخدمها جيش الحرب من جديد بأوامر صارمة من قيادته وإيعاز من الحكومة اليمينية المتطرفة، التي تم تشكيلها مؤخرا والتي تعتبر الحكومة الأسوأ على الإطلاق في تاريخ دولة الإحتلال، والتي "لملمت الكثير من اللقطاء ما بين المستوطنين والمثليين والمتطرفين ومن لهم ملفات وتهم فساد دخلوا فيها على أمل الهروب من قاعات المحكمة، حتى أن هذه الحكومة لرداءتها لاقت اعتراضا وعصيان مدني ومظاهرات احتجاجية، واعتراضات على سوء أدائها من أيامها الأولى 

حكومة المتطرفين جاء عملها على عجل للانتقام سريعًا من كل ماهو فلسطيني، فالعقاب هنا على الهوية الفلسطينية، برنامجًا عنصريًا بدأ تنفيذه بقرارات أكثرها سوءة وانتهاكا، من قبل وزير أمن الاحتلال بن غفير، والذي كانت ارهاصات قراراته قد قرأها بل وعاشها الشعب الفلسطيني مقدما وخاصة المقدسيين وذلك أثناء محاولاته المتكررة لاقتحامات المسجد الأقصى، ومحاولته نفخ البوق هناك إلى العديد من الاختراقات التي قام بها قبل تعيينه بالحكومة. 

مؤخرا ولكنها ليست قرارته الأخيرة، بدأ بن غفير بجملة إجراءات عدوانية منها تسببت بنقل أكثر من 70 أسيرا من الأسرى الفلسطينيين من أماكنهم إلى سجون عزل أخرى، من ضمنهم الأسير القائد مروان البرغوثي والذي كان معتقلا في سجن هداريم، ونقل إلى العزل المشدد في معتقل نفحة.

قرار آخر اتخذه بن غفير وهو ما يمس الهوية الوطنية بشكل مباشر ويمس انتماء الفلسطينيين لعلمهم الفلسطيني، حيث منع رفع العلم الفلسطيني في الاعتصامات والمسيرات والمنازل وغيرها في المدن الفلسطينية المحتلة عام 1948، وفي هذا مَس واضح وخرق للقوانين الدولية وحرية الرأي والتعبير، فعلى ما يبدو بدأ الخوف من رفع العلم الفلسطيني لمًا فيه من اعتناق وانتماء الفلسطيني لوطنه وعلمه وهويته، وقد أدانت منظمة العفو الدولية ( أمينستي ) هذا القرار الفظ لما فيه من مخالفة للقوانين الدولية التي تتيح للإنسان حرية التعبير والرأي. 

يذكرنا هذا القرار بعقود مضت ما قبل اتفاق أوسلو حين كان الفلسطيني يعتقل بتهمة رفع علم فلسطين، ويذكرني شخصيا حين كنا نرسم العلم على ورقة ونخفيها تماما حتى لا يراها الجيش حين يقتحم بيوتنا، لكننا نكون سعداء بل ونشعر بذاتنا ووجودنا حين كنا صغارا ونرسمه، حتى وإن تم اخفاؤه بعد الرسم، شعورك أنه لك علم كان يعطينا احساس بالانتماء لهذه الأرض واصرار على رفع العلم في أول فرصة تتاح لنا.
 
لقد امتلأت السجون الإسرائيلية بالمئات وربما الآلاف على مر سنوات احتلالها، بالمعتقلين الفلسطينيين بتهمة رفع العلم وهنالك الآلاف أيضًا مازال لديهم استعداد للاعتقال من جديد لأجله.
 
لاشك أن لهذا القرار "منع رفع العلم الفلسطيني" له أبعاده السياسية من حيث نزع السيادة الفلسطينية عن أراضيها سواءً بطرق ناعمة أو خشنة في محاولة جادة لفرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية وضم الضفة الغربية ومناطق "ج" خاصة بعد قرار منع البناء للفلسطينيين في هذه المنطقة، قرارات يمينية كثيرة، أغلبها مرتبكة ومتخبطة اتخذتها الحكومة وستتخذ أكثر مما نتوقع مستغلة حالة الانقسام الفلسطيني، والتطبيع العربي المجاني، وفقر قرارات الجامعة العربية، والانحياز والنفاق الدولي لإسرائيل.

على ما يبدو أن المناخ ملائم جدًا لإسرائيل لتنفيذ مخططات أكثر تهويدا واستيطانًا، وإجراما إذا ما كان هنالك برنامج وطني ووحدة فلسطينية، وترك الأجندات الخارجية والمصالح الحزبية الضيقة، اذا ما جد الفلسطينون أنفسهم لمواجهة هذا التهويد والسرطان الاستيطاني، ومجابهة هذه الحكومة الفاشية، فإننا سنكون أمام أحد المسارين، إما العودة للبدايات أو مزيدا من الضحايا بالمجان. 

في كل الأحوال لا يجب أن ننسى أن الثابت بالكون هو التغيير وبشهادة سياسين وشخصيات إسرائيلية "شهد شاهد من أنفسهم" أكدوا أن إسرائيل تقترب من النهايات. فهل هذه الحكومة هي التي ستعجل النهايات؟ 

اذا لربما نحن أمامنا طريقين إما العودة للبدايات أو الطريق للنهايات.. الأيام والتحديات القادمة ستحدثنا على أي مسافة يقف جميع الأطراف!