على هامش انطلاقة حماس.. القادم أسوأ!

بي دي ان |

17 ديسمبر 2022 الساعة 10:10م

على هامش ذكرى انطلاقة حماس وتنظيمها لعدد من الاحتفالات في بعض جامعات محافظات غزة ومنها جامعة الأزهر "جامعة الفتح وجامعة الشهيد أبو عمار"، استوقفتني صورة كثيرًا.. تماما كما أحزنتني أكثر "شاب يسجد لله على أرض الجامعة أثناء الحفل". 

من جانب تذكرت حين كنت أدرس في الجامعة الإسلامية بغزة وكنت لسنوات فيها "الناطقة باسم منظمة الشبيبة الفتحاوية"، وكم كنا نعاني كطالبات الشبيبة حين نريد الاحتفال بمناسبة معينة، كنا نتفاوض قبل المناسبة بشهر على الأقل ليسمح لنا، وغالبا يتم طلبنا بالرفض وفي أحسن الأحوال كانوا يوفرون لنا أصغر قاعة لنقيم فيها حفلنا، قاعة (٥٤) على الأغلب مازال رقم القاعة منذ التسعينات بذاكرتي، كنا نقيم حفلنا أو مناسبتنا مصحوبة بالاحترام للجميع وبذكر أهمية أن نكون موحدين وصفا واحدا، وهذا لم يكن انقلاب ولا غيره، لكنها مسلمات وطنية لابد من التأكيد عليها دائما. 

اليوم نظرت صور ومقاطع من حفل انطلاقة حماس واستوقفتني صورة الحفل بجامعة الأزهر تحديدا وقد كان أكثر من حفل وأكثر من مكان، الأخطر ما نشده الشباب الحمساوي بالجامعة من اهانة وشتم واستعلاء بحق حركة فتح وللجامعة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ثم شاب يسجد لله في الحفل على أساس أنهم دخلوا الأزهر فاتحين كما دخلوا الوقائي والمنتدى من قبل، 
حزنت فعلا أن هذا هو الفكر الذي يحملون وهذا الشعور تجاه الآخرين، شعور الحاقد، المنتقم، وأنا أجزم أنهم يعتبرون دخولهم وسيطرتهم على جامعة الأزهر لربما أهم من تحرير مدينة فلسطينية تحت الاحتلال.

حقيقة لا أعلم من القائمين على تعليم وتلقين أولئك الشباب بهذا الفكر المدمر والهدام للنسيج الوطني والمجتمعي. حزينة جدًا لأن أجيال تنشأ على الحقد والكراهية لأقرانهم كونهم ينتمون لفصيل مختلف، ونحن ندرك أن جميع الفصائل هي المفترض ممرات للعبور نحو التحرير والقدس العاصمة، لا لتدمير وطننا ومجتمعنا ونشر ثقافات شاذة عن مجتمعنا أو توزيع أحقاد هنا وهناك وبذرها بالأرض لنعود ونحصد جميعنا الهلاك، لا يجوز بأي حال من الأحوال العبث بأجيالنا ولا بمفاهيمنا الوطنية وقيمنا التي تربينا عليها.

هناك آلاف بل مئات آلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين ومازالوا، مازال كل يوم تنزف الدماء من خيرة أبناءنا لنحيا نحن بكرامة وأخوة ومحبة، فلنحترم هذه الدماء وهذه التضحيات، ونترك لغة الاستعلاء والغرور الأجوف لدى البعض، فالساحة مكشوفة والشواهد المؤلمة والموجعة واضحة لدى الصغير قبل الكبير ولدى الصديق قبل العدو، فلا داع للنعرات والعنجهيات، فنحن الأكثر فقرًا.. وأقصد فقرا في كل شيء، وأكثر ألما وتشتتًا وضياع، نحن الأسوأ حال بعدما خاب ظن الشباب وتهجر ثم مات في بلاد الآخرين قهرًا. 

لا داع لشيء من هذا القبيل فهناك من لا يستحقون رفع رؤسهم أمام شعب يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة بعدما سلب منه كل شيء. 

في ذات السياق لربما مهم الوقوف على آخر مستجدات لقاءات الجزائر وقراءة ما أمكن بخصوص مستقبل هذه اللقاءات، وفي ظل هذه الثقافة والأيديولوجية الموجودة لدى البعض هل من الممكن أن تكون هناك مصالحة فلسطينية ؟! حقيقة لم تنتابني الدهشة لمرة واحدة مرت بها المصالحة الفلسطينية منعطفات صعبة وخطوات كلها كانت متعثرة ووصلت لنفق مظلم، فالمعطيات التي بين أيدينا والواقع المعاش والفكر الواضح أمامنا لا يحتاج جهد كبير للتنبؤ بما يمكن أن تصل إليه الأمور في هذا المسار المتعثر، بالتالي، من أيضًا لا أحبذ أن نرفع سقف توقعاتنا ازاء لقاءات الجزائر أو أي عاصمة عربية أو غير عربية ممكن أن يمر بها هذا القطار الذي لا يلائم القاطرة على السكة جيدًا.

ليس بآخر.. سلام لأرواح شهداء لقمة العيش الذين غرقوا بالبحر في تونس هربا من الموت إلى الموت.