ابداع التربية فاق المتوقع

بي دي ان |

04 ديسمبر 2022 الساعة 12:39ص




امس الثلاثاء الموافق 29 نوفمبر الحالي كانت فعالية احياء يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني مغايرة تماما لكل النماذج الكلاسيكية من الفعاليات، خرجت عن المألوف، وضربت بعرض الحائط الاشكال التقليدية المتعلقة بالاحتفاء بالمناسبة. فاجأ فريق وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع مفوضية التعبئة الفتحاوية للمحافظات الشمالية برئاسة الصديق محمد المدني، عضو اللجنة المركزية للحركة قبل تركه الموقع الحضور في قصر الثقافة في رام الله.
ولعل التفويض الذي منحه وزير التربية والتعليم، د مروان عورتاني لفريقه برئاسة وكيل الوزارة، نافع عساف، وصادق الخضور، الوكيل المساعد، ومراد بشار، مسؤول الفضائية التابعة للوزارة، والمخرج رائد الكوري، من وزارة الثقافة، واخرين من مختلف ادارات ودوائر الوزارة، بالإضافة لممثلة التعبئة الفتحاوية، ميساء أبو زيدان ساهم مساهمة جلية في انجاز فعالية يوم التضامن العالمي مع شعبنا بالشاكلة التي يرتأونها، وبحيث تمثلت الواقع الوطني خلال قرن من الزمان.
نعم بدأت الفعالية بإخراج ساحر ومعبر بدءا من قراءة آية من الذكر الحكيم، الى السلام الوطني الى الحديث عن فلسطين وتطورها التربوي والعمراني والفني قبل وجود إسرائيل اللا شرعية، ومنذ مطلع القرن العشرين، حيث سلط الضوء على انتشار المدارس والمعاهد والعلم والفن في حيفا ويافا وعكا والقدس العاصمة وغيرها من المدن الفلسطينية، ثم وجه طفلين (بنت وولد) رسالة للعالم اجمع، اكدوا خلالها، ان الشعب العربي الفلسطيني جزء اصيل من شعوب الأرض بتاريخه وحضارته وثقافته وكفاحه البطولي، وتم تقديم شهادتين من شخصيتين دوليتين عن مكانة ودور وهوية الشعب الفلسطيني.    
كل فقرة من الفقرات التي تم تقديمها على المسرح مزجت بين التاريخ والحاضر، بين الانسان الفلسطيني طفلا، تلميذا ام مدرسة ام ام شهيد وبين معاناتهم جميعا، أي معاناة ومكابدات الشعب في حرصه وحرص أبنائه من التلاميذ الأطفال على مواصلة درب العلم، الذين يسيرون مسافات طويلة وصولا لمدارسهم، التي هدم بعضها جيش الموت والجريمة المنظمة الإسرائيلي. كما في  مسافر يطا، والتي عبر عنها التلميذ الطفل سيمينار ابن السنوات التسع بطريقة مبدعة وشجاعة وآسرة، كما يليق برجالات المستقبل الوطني، ولم تترك الفعالية مدينة او بقعة من جغرافية فلسطين الا وسلطت الضوء على معاناتها، القدس وتغيير المناهج، والساوية واللبن الشرقية وحرب قطعان المستوطنين، ومدرسة قرطبة في الخليل وكيفية وصول التلاميذ لمدرستهم كل يوم من خلال الحواجز والحلابات ووحشية الجيش وقطعان المستعمرين ضدهم، وعرضت مديرة المدرسة مباشرة امام الحضور حجم المعاناة والظلم الواقع عليها وعلى الطاقم التدريسي وعلى الأطفال التلاميذ، والاثار النفسية التي تتركها عمليات الترهيب الاجرامية الصهيونية عليهم، وأيضا عن التلميذ الطفل من أبناء غزة، الذي فقد عينيه نتاج الحرب الاجرامية قبل الأخيرة عام 2021، ولم يعد يرى، ويحلم بعودة النظر له ليعود يقرأ ويكتب، ويرى والديه ومدرسته وأصدقائه، وحدث ولا حرج عن الاف، وعشرات الاف من أبناء الشعب، الذين يعانون مختلف صنوف الجرائم اللا إنسانية من قبل جنود وضباط وحرس الحدود وقطعان المستعمرين الصهاينة. ولم يفت عن بال الفريق المنظم للفعالية المميزة والمتفوقة استحضار استشهاد الشهيد الطفل ريان سليمان، الذي قتله جنود المستعمرين بدم بارد بارهابهم، واوقفوا قلبه عن النبض، وهو هارب منهم دون ان يفعل شيئا، الا انه طفل فلسطيني عربي، وروت والدته معاناتها والمها اليومي بعد فقد ابنها الجميل والمحب للحياة.  
نعم كل فقرة من الفقرات، التي اعتقد ان عددها قارب العشرين لوحة ومشهد حملت رسالة، منها: أولا عكست التنوع الفلسطيني الجغرافي، حيث شملت كل فلسطين؛ ثانيا جمعت بين أصحاب المعاناة الحقيقيين والواقع المؤلم، الذي يتعرض له أبناء الشعب دون تمييز بين طفل وامرأة ورجل وعجوز، ومن ذات المكان، حيث تتجلى العنصرية والكراهية والحقد والإرهاب بابشع صورها؛ ثالثا عرت تماما وحشية وهمجية الاستعمار الإسرائيلي، وكشفت على الملأ الانتهاكات اللا إنسانية ضد أبناء الشعب عموما، والتي تتناقض مع ابسط القوانين والمواثيق الدولية وخاصة قانون حقوق الطفل، وقوانين حقوق الانسان العامة؛ رابعا كل فقرة عكست الدفاع عن الهوية والشخصية الوطنية الفلسطينية؛ خامسا لم تخلُ فقرة دون تأكيد أطفال فلسطين على تمسكهم بالعلم، وحقهم بالحياة الكريمة، والاستقلال السياسي لوطنهم الام وشعبهم الابي؛ سادسا سلطت الضوء على العلاقة الجدلية بين الفن من خلال الكورال، الذي اداه الأطفال، وحب الحياة، وحب العلم والتطور المشروع اسوة بشعوب الأرض قاطبة.
كل الرسائل وصلت بسهولة ويسر لكل من شاهد الفعالية النوعية، وارجو ان يتم عرض الفقرات ذاتها في الأمم المتحدة بغض النظر عن التكاليف، وفي جامعة الدول العربية لايصال الرسائل للاشقاء والاصدقاء والاعداء على حد سواء.  وشكرا لكل من اسهم في الاشراف والتخطيط والاعداد والإخراج وتأدية الدور المنوط به في الفعالية الرائعة، التي تستحق وسام التقدير والجدارة والتفوق من مجلس الوزراء، ان لم يكن من الرئيس أبو مازن.