تعجلت الرحيل يا مجدي

بي دي ان |

06 يناير 2021 الساعة 06:51ص

قافلة الموت والرحيل الى دار الخلود تسير بسرعة، وكأن الأحياء لم يعودوا يحتملوا العيش وسط لعنة وشؤم الواقع البائس والخطير، الذي تعيشه البشرية، لن اتوقف أمام كل فرد باسمه ولقبه وموقعه ومكان وزمان رحيله، بيد اني ساتوقف أمام إنسان قريب وعزيز وغال على قلبي، هو صهري، وصديقي، وشقيق زوجتي ام نادر، وخال ابنائي، وأبن الخال محمد (ابو العبد)، وشقيق الشهيد العميد فتحي، الذي استشهد في تونس مطلع اكتوبر 1985. انه الفارس الشجاع، والبطل المغوار محمد (مجدي) محمد أحمد الغول، الذي وافاه الأجل صباح يوم الإثنين الموافق 4 كانون ثاني، يناير الحالي (2021) بعد إشتداد المرض، وتكالب شظايا إحدى الطائرات الحربية الصهيونية، التي أصابته أثناء الإنتفاضة الثانية عام 2000 في قطاع غزة، وهو في مواقع الدفاع عن السلطة والثورة.
عشرون عاما كاملة تعايش مجدي مع الشظايا في رأسه، وتحمل وحشيتها، وقذارتها، بيد انها غيرت من تكتيكاتها ومناوراتها في رأسه الصغير قبل ما يزيد على العام، وأرغمته على الدخول لإكثر من مستشفى الأردن في عمان ثم سعاد كفافي في مدينة 6 اكتوبر المصرية، ومستشفى فلسطين في القاهرة، قاوم حرب الشظايا بإقتدار طيلة 15 عشرا، لكن مقاومته تضاءلت مع اشتداد حدة الألم، إلى أن غادرت روحه الطاهرة الأرض بسلام إلى بارئها.
ترجل اللواء مجدي (ابو وائل) احد فرسان قوات ال17 وحرس الرئاسة في بيروت ومحافظات الجنوب، الذي إلتحق بحركة فتح وعمره لا يزيد على أحد عشر عاما، وذهب الطفل مجدي لوحده في اذار/ مارس 1968 إلى الكرامة للدفاع عن الثورة، غير ان الرئيس الرمز ابو عمار آنذاك اعاده مع والدته، التي لحقت به باحثة عنه. لكنه لم يستسلم، وتوجه لمعسكر الشبال في جبل الهاشمي الشمالي، وواصل مسيرته الكفاحية منذ نعومة اظفاره. وعندما غادرت قوات الثورة الأردن، غادر معها إلى لبنان، وشارك في كل معارك الدفاع عن الثورة، ثم غادر إلى تونس بعد اجتياح حزيران 1982، ولاحقا إلتحق هناك بالكلية الحربية في الجزائر (تشرشال)، وتخرج منها بجدارة.
ولم يتوقف مشواره الكفاحي عند ذلك، بل إلتحق بإحدى المجموعات الإنتحارية، وكان من المفترض ان يكون ضمن مجموعة دلال المغربي ورفاقها الابطال، لكن لإسباب موضوعية، تم تأجيل مشاركته، ولاحقا أرسل ضمن مجموعة اخرى من قبرص إلى داخل الداخل، وتم القبض عليه، وعلى مجموعته قبل وصولهم الشاطىء الفلسطيني من قبل قوات البحرية الصهيونية، وتم إعتقاله خمس سنوات كاملة، وبعدما خرج واصل مشواره النضالي، ثم عاد مع من عاد من قوات الثورة ضمن قوات ال17 إلى الوطن الفلسطيني وبالتحديد لقطاع غزة، ودافع عن الإرادة والشرعية الوطنية في مواجهة الإنقلاب الأسود أواسط 2007، وبقي الأخير إن لم اكن مخطئا في المنتدى (مقر الرئاسة في غزة) بعدما إنفض رفاقه من حوله.
المناضل مجدي واصل البقاء في القطاع تحت نير حكم الإنقلاب الأسود، وتعرض للمضايقات، ومحاولات الإعتقال، لكنه لم يهاب، ولم يهادن الإنقلابيين الحمساويين، وهاجمهم في كل منبر، وتصدى لممارساتهم وإنتهاكاتهم. وشارك عضوا كاملا في المؤتمر السابع لحركة فتح في رام الله 29 تشرين ثاني/ نوفمبر 2016، وفي عام 2017 خرج مع عائلته لجمهورية مصر العربية إلى ان وافاه الأجل.
رحل ابو وائل عن عمر 62 عاما، وهو بكامل عنفوانه وقوته وعطائه. لكن يد الموت كانت العليا، وهذا ما شاء الله وقدر، ولا راد لقضائه، غير ان الضرورة تحتم وتملي علي أن أقول كلمة حق بصديقي وحبيبي وصهري وفاءً له ولعطائه الوطني، ولإخلاصه لحركته الرائدة، حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، التي لم يخذلها يوما، وتمسك بها تمسك المؤمن بها وبدورها وبريادتها وقيادتها، ودافع عن شرعيتها دون تردد او تعلثم او إنحراف. وكان اللواء المتقاعد عنوانا للبسالة والشجاعة والكرم والوفاء والتواضع، وإحترام الآخر، وابناً بارا بوالديه وخاصة والدته، التي أقامت الفترة الزمنية الأخيرة عنده، إلى ان وافاها الأجل في 13 من كانون أول / ديسمبر 2007، وكان سندا لإخواته وإخوته، مع انه كان الإبن الثامن وقبل الأخير، كان حنونا، وطيب النفس وشهما وفارسا بإمتياز. وكان ابا عطوفا ورؤوفا وحانيا وغيورا على ابنائه وزوجته، لو استطاع ان يلبي لهم مطالبهم جميعها لما تأخر لحظة.
ترجل أخيراً الصهر والحبيب والغالي ابو وائل، بيد ان سجله الكفاحي، وعطائه للثورة وللحركة وللعائلته وللشعب سيبقى ساطعا في سجل الخالدين مع من سبقوه لدار الخلود والفناء. رحمة الله على اللواء والصديق الحبيب مجدي
[email protected]
[email protected]