لننتصر على الهنات

بي دي ان |

29 نوفمبر 2022 الساعة 12:22ص

كنت اقرأ مذكرات المناضل القومي السوري العربي، صياح النوباني بعنوان "من الثورة السورية الكبرى الى الاستقلال"، وهو المساعد المقرب من قائد الثورة سلطان باشا الأطرش، وهو من عائلة مجاهدة أبُ عن جد، وعائلته من بني معروف، ونفي من مدينته السويداء الى النبك مع القائد سلطان، واعتقل وواصل الكفاح مع قيادته واقرانه من القوميين العرب الى ان حصلت سوريا على الاستقلال السياسي عن المستعمرين الفرنسيين، عندما سمعت ما حصل مع جثمان الشاب المغفور له تيران فرو، ابن قرية دالية الكرمل في جنين.
وتريثت قبل ان اخط كلمة واحدة عن الحدث. لا سيما واننا أبناء شعب واحد أي كانت الأخطاء والنواقص والهنات، وحتى الخطايا التي تواجهها القيادة والشعب على حد سواء. اذا أي كانت الأخطاء والخطايا التي وقع بها البعض في اعقاب نكبة العام 1948 من إخواننا من بني معروف بتعاونهم مع سلطات الاستعمار الإسرائيلي، بيد ان الغالبية الساحقة بقيت محافظة على مورثها الكفاحي، ورسخت انتماءها لقضية شعبها وامتها العربية، ومازالوا وسيبقوا عنوانا من عناوين النضال الوطني والقومي. وكل يوم يكتشف أبناء الشعب في دالية الكرمل وعسفيا وجولس والبقيعة وبيت جن، وعين حوض، وشفا عمرو، والمغار والرامة ويركا.. الخ ال18 مدينة وقرية القائمة في الجليل عنصرية ووحشية العدو الإسرائيلي، ولعل ما لمسوه من إقرار الكنيست لقانون " أساس القومية للدولة اليهودية" العنصري، وما واجهه ابناءهم   في معسكرات جيش الموت الإسرائيلي من تمييز وعدوان وحشي ضدهم، وضد هويتهم الفلسطينية العربية، اقنعهم، او على الأقل جعل غالبيتهم يراجعوا انفسهم تجاه دولة التطهير العرقي الصهيونية.
ولمن لا يعرف، فإن المعروفين هم من العرب الاقحاح، ولديهم باع طويل في النضال الوطني والقومي، ولا يستطيع احد ان ينسى شيخ المجاهدين سلطان باشا الأطرش، ولا قائد الحركة الوطنية اللبنانية، كمال جنبلاط، وشاعرنا وحبيبنا الكبير المغفور له سميح القاسم، والراحل الكبير الكاتب سليمان الناطور، والمناضل الشيوعي محمد والقومي سعيد نفاع وغيرهم  العشرات والمئات، لا بل الاف من أبناء شعبنا في فلسطين وسوريا ولبنان والأردن من اتباع المذهب الدرزي من المناضلين، ولا يتسع هنا المقام لادراج أسماءهم، وكان من بينهم اول من رفض التجنيد في جيش الحرب والجريمة المنظمة الإسرائيلي.
ما اردت ان ادونه هنا، ان السمة العامة لابناء شعبنا من المعروفيين، هم مناضلون مخلصون لقضية شعبهم، وتورط البعض منهم مع أجهزة دولة المشروع الصهيوني، لا ينتقص من وطنيتهم وعروبتهم. وأيضا يعلم أبناء شعبنا من اتباع المذهب الدرزي، ان ما عانى ويعاني منه أبناء الشعب الواقعين تحت نير الاستعمار الصهيوني في الأراضي المحتلة عام 1967 من قتل واعتقال وتخريب واجتياحات وحروب واستيطان استعماري وحشي وعنصري وفاشي يفوق الوصف، وبعضهم شارك ويشارك في حملات الجيش المجرم على المدن والمخيمات والقرى والخرب الفلسطينية، ورأوا بام العين همجية غير مسبوقة، والقتل على الهوية، كما رأوا وشاهدوا ما يجري مع المعتقلين في باستيلات العدو اللا إنسانية. وبالتالي حدوث أي فعل من قبل الشباب المناضل والمقاوم للدفاع عن الذات الوطنية يصبح مفهوما، وان كان قاسيا، لكنه لم يتم عن سوء نية، ولا عن قصدية، انما ناتج عن نقص المعلومة، او سوء تقدير، وجميعنا ممكن ان نقع في هذا الخطأ او ذاك. ولا نناقش هنا، ان كان الخطأ مبررا ام غير مبرر. انما نتحدث عن الخلفيات التي دفعت المناضلين لاتخاذ اجراء ما غير موفق، كما تم احتجاز جثمان الراحل تيرو فرو، انطلاقا من فرضية، انه من منتسبي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وبالتالي يمكن المقايضة مع الجيش لاطلاق سراح جثامين بعض الشهداء المعتقلة في مقابر الأرقام.
في مطلق الأحوال، ما حدث لا يجوز ان يعطى اكثر مما يستحق، وتفرض الضرورة ان يوضع في سياقه الطبيعي، دون ردود أفعال، كما حصل مع ثلاثة من شباب الخليل من احتجاز، والتعرض لخمس شباب اخرين في الجليل من أبناء جلدتنا الواحدة للضرب والاهانة بردود فعل عصبية ضيقة. لان هذه الردود تتناقض مع الروح الوطنية الواحدة، والمستفيد منها العدو الصهيوني، وهو الذي غذاها، ومازال يغذيها وفق مبدأ "فرق تسد" لتمزيق وحدة ونسيج الشعب العربي الفلسطيني.
جميعنا مطالب الانتصار للذات الوطنية. كما حصل مع إعادة جثمان الشاب المغفور له تيرو، وكما يجب ان يحصل في حال حدوث أي خطأ او هنة من هذا القبيل. كنا شعب واحد، ومازلنا شعب واحد، وسنبقى رغما عن إسرائيل وأميركا وكل ادواتهم شعبا واحدا، ومصيرنا واحد، ومستقبلنا واحد. تراصوا ورصوا صفوفكم خلف راية الوطنية الفلسطينية والقومية العربية حتى تحقيق اهدافنا السامية على كل الصعد والمستويات.
[email protected]
[email protected]