غزة والعذاب الصامت.. تطبيق لدراسة ماير

بي دي ان |

03 يناير 2021 الساعة 08:52م

لا يخفى على أحد منا أن حتمية الوضع الكارثي في قطاع غزة الذي يعاني بسبب الكثير خصوصاً في ظل تفشي فايروس كورونا، حيث وصل العدد الاجمالي التراكمي للإصابات حوالى 42377 اصابة، بإجمالي حالات نشطة تقدر ب 9938 حالة ويأتي ذلك في ظل استمرار  اغلاق المعابر، واستمرار انقطاع الكهرباء، وارتفاع البطالة، والنقص الحاد في الادوية والارتفاع المخيف للأمراض  المزمنة والسرطانية خصوصا بعد الحروب المتكررة التي أنتجت دمار هائل في البنية التحتية ، بالإضافة لارتفاع نسبة البطالة بالتحديد بين فئة الشباب فوفق تقرير منظمة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا، فإن إيجاد فرصة عمل في قطاع غزة ليس بالمشروع السهل، فالأوضاع الإجتماعية  الاقتصادية في القطاع الضيق قاسية للغاية، حيث تتميز غزة بأعلى معدلات البطالة في العالم  للعام 2020، وبحسب تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (PCBS)، فإن معدل البطالة وصل لنسبة 33%، وفقاً لمعايير منظمة العمل الدولية المنقحة ((ICLS-19th. حيث ما يزال التفاوت كبيراً في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغ المعدل 46٪ في قطاع غزة مقارنة بـ 14٪ في الضفة الغربية، أما على مستوى الجنس فقد بلغ معدل البطالة للذكور في فلسطين 21٪ مقابل 40٪ للإناث ، ما يحدث بغزة منذ اكثر من اثني عشر سنه من الانقسام  يذكرني بأحد القصص التى قرأتها عن الحرب الكورية الامريكية وكأن ما يحدث هو تطبيق لسياسية ما يعرف بسجن دون جدران والذي يوضح كيف تم قتل 1000 جندي امريكي في كوريا بدون اطلاق رصاصة واحدة .
فبعد انتهاء الحرب الكورية قام الجنرال وليام ماير المحلل النفسي في الجيش الامريكي بدراسة واحدة من اعقد قضايا تاريخ الحروب في العالم، فقد تم اسر وسجن حوالي الف جندي اميركي في تلك الحرب وتم وضعهم داخل مخيم تتوفر فيه كل مزايا السجون من حيث المواصفات الدولية
هذا السجن لم يكن محصورا بسور عال كبقية السجون بل كان يمكن للسجناء محاولة الهروب منه الى حد ما والاكل والشرب والخدمات متوفرة بكثرة، وبدون تعذيب جسدى.ولكن التقارير كانت تشير الى عدد الوفيات في هذا السجن اكثر من غيره من السجون هذه الوفيات لم تكن نتيجة محاولة الفرار من السجن بل كانت ناتجة عن موت طبيعي !.الكثير منهم كانوا ينامون ليلا ويطلع الصباح وقد توفوا!..وقد استطاع ماير أن يحصل على بعض المعلومات والاستنتاجات من خلال هذه الدراسة
1. كانت الرسائل والأخبار السيئة فقط هي التي يتم ايصالها الى مسامع السجناء اما الاخبار الجيدة فقد كان يتم اخفاؤها عنهم .
2. كانوا يأمرون السجناء بأن يحكوا على الملأ إحدى ذكرياتهم السيئة حول خيانتهم او خذلانهم لأحد أصدقائهم او معارفهم .
3. كل من يتجسس على زملائه في السجن يعطى مكافأة كسيجارة مثلا ...
لقد كشفت التحقيقات ان هذه التقنيات الثلاثة كانت السبب في تحطم نفسيات هؤلاء الجنود الى حد الوفاة :
1. الأخبار المنتقاة ( السيئة فقط ) كانوا يفقدون الأمل بالنجاة والتحرر .
2. حكايتهم لذكرياتهم كالخيانة أو التقصير امام الملأ والعموم ذهبت باحترامهم لأنفسهم واحترام من حولهم لهم .
3. تجسسهم على زملائهم قضى على عزة النفس لديهم ورأوا انفسهم بأنهم حقراء وعملاء .
وكانت هذه العوامل الثلاثة كفيلة بالقضاء على الرغبة في الحياة ووصول الانسان لحالة الموت الصامت .
النتيجة :
هذه الدراسة تطبق بحذافيرها علينا في غزة بل في معظم الوطن العربي خصوصا بعد ما سمى بالربيع العربي الذى اختلقته كل من امريكا واسرائيل خصوصا بعد حديث كوندليزا رايس المتواصل عن الثورة الخلاقة والشرق الاوسط الجديد ، الاخبار التى يسعون لإيصالها الى مسامعنا والتى خلقت لدينا مصطلحات لم نسمعها من قبل والسوء اننا نرددها دون وعي معظمها سيئة .
انتشار الفقر، ازدياد البطالة، ارتفاع الاسعار، انتشار تناول الادوية الممنوعة، الارتفاع في انتشار الامراض، الهجرة المقنعة، ازدياد معدلات العنوسة، ازدياد حالات الموت المفاجئ، كل ذلك يؤذي للقضاء على رغبتنا بالحياة .
ختام حديث يتمحور حول ضرورة القضاء على الانقسام بين شطرى الوطن الواحد من اجل انهاء الحصار على غزة وهذا يعتبر مطلب جماهيرى.
لذا اطالب الشريحه المثقفة التى تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة المحاولة دوما لبث جميع الوسائل التوعوية والتي تزرع فينا وفى النشئ الطاقة الايجابية من اجل تعزيز عزة انفسنا ومحاولة التكيف مع الواقع رغم صعوبته ورغم الضغوطات التى تمارس علينا من اعدائنا الكثر ...فلابد ان نكون كالجبل الذي لا تهزه الرياح رغم شدتها.