شريكتا العنصرية ضد الموزانة

بي دي ان |

03 يناير 2021 الساعة 07:32ص

مرة جديدة، ولن تكون النهائية في سياسات إدارة الرئيس ترامب، المنتهية ولايته، وحكومة إسرائيل برئاسة الفاسد نتنياهو صوتتا ضد إقرار موازنة الأمم المتحدة للعام 2021، والتي تقدر ب 3,231 مليار دولار، التي جرى التصويت عليها يوم الخميس الماضي الموافق 31/12/2020، ووضعتا مرة أخرى نفسيهما في الزاوية، وعزلة عن المجموعة الأممية، التي صوتت لصالح إقرار الموازنة بأغلبية ساحقة ب168 صوتا، وفق ما نشرته وكالات الأنباء الأميركية والعالمية.
ولم تشهد عملية التصويت على ملف الموازنة في الأمم المتحدة اي تحفظ أو إعتراض إلآ منذ تولى الرئيس دونالد ترامب مسؤولياته في البيت الأبيض بذريعة أن الدول الأخرى لا تتحمل نصيبها كما يجب في الموازنة، في حين تتحمل الولايات المتحدة اعباء اضافية في هذا الشأن. اضف إلى ان بلاد العم سام خفضت من إلتزاماتها المالية مع خروجها من العديد من المنظمات الأممية: منظمة الصحة العالمية، وإتفاقية المناخ، ومنظمة اليونيسكو، ومجلس حقوق الإنسان الأممي باعتبار الأخريتين منظمات معادية لإسرائيل الإستعمارية... إلخ
هذا وأضافت إدارة ترامب وحكومة إسرائيل لرفضهما الموازنة هذا العام عامل جديد، هو حسب ما ذكرت مندوبة ترامب، كيلي كرافت، ان سبب إعتراض أميركا يعود لتخصيص "جزء من الموازنة لتمويل إجتماع خاص بمناسبة الذكرى العشرين للمؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية، الذي عقد في ديربان في جنوب افريقيا عام 2001." وفي محاولة ذرائعية مكشوفة لتغطي بؤس وإفلاس سياسة إدارتها، اشارت أن " الولايات المتحدة، وهي اكبر ممول للامم المتحدة، ارادت بهذا التصويت، ان توضح تمسكها بمبادئها ودفاعها عن الصواب." وفي ذات السياق، قال جلعاد اردان، مندوب إسرائيل في الامم المتحدة في رسالة وزعها على الصحفيين بمقر الهيئة الدولية، بعد ان إعتبر، أن "تصويت أميركا ضد الموازنة موقفا نادرا"، أضاف إن "تصويت واشنطن جاء ردا على تحيز الامم المتحدة المستمر ضد إسرائيل، وعزمها على تخصيص الاموال لحدث يحتفي بمناسبة الذكرى ال20 لمؤتمر ديربان لمكافحة العنصرية." وأضاف "نعلم جميعا أن هذة الاموال لن تستخدم لدعم حقوق الإنسان، ولكن لنشر المزيد من الكراهية تجاه إسرائيل".
ومن القراءة العلمية لمواقف الإدارتين الأميركية والإسرائيلية، نلحظ انهما كشفتا مجددا عن تناقضهما الصارخ، لا بل عداءهما الكلي أولا لقوانين وقرارات والمواثيق والمعاهدات الدولية الرافضة للممارسات العنصرية حيثما وجدت؛ ثانيا الإصرار على لي عنق الحقيقة، والسعي لتجميل صورة الدولة المارقة والخارجة على القانون الدولي، الدولة التي تأسست على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني، وتشريع وقوننة السياسات والإنتهاكات العنصرية ضد الفلسطينيين، وعمدتها بإقرار الكنيست في 19 تموز/ يوليو 2018 "القومية الأساس للدولة اليهودية" العنصري بامتياز، الذي أنكر حق تقرير المصير، والمساواة لإبناء الشعب الفلسطيني على ارض فلسطين التاريخية؛ ثالثا كشف التصويت مجددا، ان الدولة الإستعمارية الإسرائيلية، التي تدعي انها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، ليست سوى دولة منتجة للعنصرية والكراهية والإرهاب، وتفتقد لإبسط معايير الديمقراطية، أو بتعبير آخر، لا علاقة لها بالديمقراطية، لإنها تقوم بإستعمار أرض شعب آخر، وتمارس ضده ابشع اشكال والوان العنصرية، وترتكب بحق ابنائه بشكل مستمر المجازر والمذابح ومصادرة ارضه، ونهب خيراته، وإستباحة حقوقه السياسية والقانونية والثقافية والإقتصادية والدينية، وترفض السلام الممكن والمقبول لبناء ركائز التعايش والتسامح، وتهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي على حد سواء؛ رابعا كشفت ايضا عن إفلاس سياسات وإنتهاكات إدارة ترامب، التي إدعت مندوبتها، انها "تدافع عن مبادئها الصائبة"، وهي المبادىء القائمة على الكيل بمكيالين، والمتناقضة مع ابسط معايير حقوق الإنسان بإنحيازها الكلي لصالح الدولة المارقة والمؤججة لعوامل العنف والحرب والإرهاب في المنطقة والعالم ككل؛ خامسا تأكيد كلا الدولتين على المضي قدما بالدفاع عن العنصرية، التي تمثل هوية وسياسة الإدارتين الفاسدتين. وهو ما يعني تخندقهما في الموقع الهادف لترسيخ ركائز الجريمة والإرهاب المنظم ضد الشعب العربي الفلسطيني والعرب عموما والعالم اجمع.
وعليه، فإن العالم بقضه وقضيضه، الذي اجمع على دعم الموازنة، ودعم حقوق مصالح الشعب الفلسطيني بالقرارات الاممية المتعاقبة، والمتمسك بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والمؤكد على بناء أسس السلام المقبول، والتي كان آخرها خلال الأيام والأسابيع الماضية وبالأغلبية الساحقة، عليه مواجهة هذا التحدي والصلف والغطرسة والعنصرية بموقف موحد لحماية الشعب الفلسطيني، والدفاع عن قوانين ومعاهدات ومواثيق الأمم المتحدة، وصيانة السلم العالمي، وتوسيع دائرة الدعم لذكرى مؤتمر دربان، ودعم كل المؤتمرات والفعاليات الأممية الرافضة للعنصرية القاتلة والمدمرة للسلام الإقليمي والدولي، والإرتقاء لمستوى المسؤولية الأممية عبر فرض عقوبات جدية ضد دولة الإستعمار الأخير في العالم لإلزامها باستحقاقات السلام.
[email protected]
[email protected]