الثورة الفلسطينية "ومراهنة فتح"

بي دي ان |

01 يناير 2021 الساعة 06:03ص

تطل علينا اليوم الذكرى السادسة والخمسين على انطلاق الثورة الفلسطينية بكل ما تحمله هذه الثورة من تاريخ عميق، حافل بالنضال والبطولات وقصص الشهداء وحكايا الأسرى، انتصارات واخفاقات، علاقات بحركات تحرر، تعاطف دولي مع قضية شعب يناضل لأجل التحرير والانعتاق من محتل خيم ظلمه وفساده وتجبره على كل مناحي الحياة الفلسطينية.

ثورة عانت المؤامرات من القريب قبل البعيد، تلقت ضربات وخناجر مسمومة في خاصرتها، وكان المعتدي هو الأخ في العروبة قبل عدو المفترض أنه عدو مشترك، ثورة اختلطت بها دماء عربية بدماء فلسطينية، سجون ضمت تحت أسقفها الباردة معتقلين مناضلين عرب جاؤوا للدفاع عن قضية هي الأقدس، مدركين شرف النضال والدفاع والاعتقال. 

ثورة قادها شباب ورعتها نساء حارسة نارنا، ورسم معجزاتها أطفال الحجارة، جنرالات، سطروا قصص قد تبدو لسامعها أساطير، لكنها الحقيقة التي لا ولن تقتلها كذب الرواية الإسرائيلية، فصاحب الحق وحده صانع المعجزات، "الإيمان يزيد وينقص " فكيف لثورة ألا تبدع وتخفق ؟ لكنها لاتموت ولاتنتهي ولا تستبدل لأنها ثورة شعب حر، لا يبالي بحجم التضحيات مهما بلغت مبلغها. 

تعرضت الثورة الفلسطينية على مدار عشرات السنوات لكثير من المؤامرات وتم استهدافها خدمة للعدو الاسرائيلي بالوكالة، فالمتطوعين والمتبرعين هنا كثر ، والجهل سيقتل صاحبه يوما

ما تتعرض له الثورة والقضية الفلسطينية في الآونة الأخيرة لا شك أنه الأخطر والأصعب، فالتحالفات والتطبيع العربي مع مغتصب أرض عربية واسلامية وكل هذا التشبيك وهذا التزاوج الغير شرعي حتما سينجب تشوهات، ولن يستمر، هي ضربة قوية بحق العروبة أولا، لكنها الانهزامية، وعبادة الحكم والسلطة، وانبطاحنا غير مسبوق في مشهد محزن للغاية ، فما أصعب أن يذل الأب أمام أبناءه ويتعرى الحاكم أمام شعبه بل وشعوب الأمة قاطبة. 

نحن نحزن لهذا الضعف العربي وهذه الحالة العصيبة والمهترئة التي تمر بها أمتنا العزيزة على قلوبنا ، لكن هذا ما ارتضوه لأنفسهم فليستعدوا لساعات الندم في وقت لن ينفع فيه الندم، حالنا الفلسطيني أيضا ليس بأفضل حال ، علينا أن نقر ونعترف أننا سبب من بين أسباب وقاحة المطبعين، وتراجع الاهتمام الدولي بقضيتنا ، علينا أن نمتلك قدرا من الجرأة ونقر بأننا ساهمنا بضعف الحالة الوطنية.

 في الذكرى على مايبدو أن حركة حماس مازالت تسعى لأن تكون البديل وتقيم دولة على أي شبر في الوطن ، وهذا بحاجة الى يقظة جادة بكل ما تحمله المساعي من ملامح فصل بين شقي الوطن .

في الذكرى مهم جدا لحركة فتح إعادة تقييم لكل الأداء الوطني كوّن فتح لديها مسؤولة وقيادة الشعب الفلسطيني بشكل عام وأن تبقى حركة عابرة للقارات، تمتلك كل عناصر البقاء والديمومة، تماما كما أنه مهم إعادة تقييم والاداءالتنظيمي بشكل خاص، وعلاقتها بالآخرين، واحتواء الكادر الفتحاوي كما ينبغي، واستعادة زمام الأمور على اعتبار بدء انطلاق الثورة، بذات الروح والزخم والحشد الشعبي، وبالتكاتف مع الكل الوطني لتبقى فتح حامية المشروع الوطني.

ولتكن دماء الشهداء شاهدة معركة التحرر ، خاصة في ظل حكومة يمينية متطرفة ، وفِي ظل مشاريع الضم والتهويد ، والزحف الاستيطاني ، والذي يقابله حالة بؤس فصائلية، وإحباط شعبي، وغياب استراتيجية وبرنامج وطني موحد لمجابهة كل هذا الواقع المتردي ، لكل ماسبق يبقى الرهان على صاحبة الرصاصة الأولى حركة فتح.