شدة وتزول؟!

بي دي ان |

10 سبتمبر 2022 الساعة 12:06م

- على بعد مسافة قصيرة من الشاطئ، يقع مقهى صغير متهالك يدعى الوحدة الوطنية، كراسيه ومناضده الخشبية تطل على الشارع، ويرتاده المناضلون من المفكرين والمثقفين، والمفلسين، وتتبارى فيه أصوات الزبائن الصاخبة مع أصوات أبواق السيارات، مع أصوات الباعة المتجولين المتكررة صانعة مزيجًا أوبراليٍّا، يختلط فيه الدخان المتصاعد من نارجيلة المقهى برئحة البحر مع الرطوبة، بعوادم السيارات.

-  الحياة الاجتماعية الزاخرة بالأحداث لأناس أكثر ما يعشقونه هو الخوض في حوارات عامة، بعد  تهميش90% من المجتمع. فالجلبة حول بعض الأمور الثانوية صرفت انتباه الناس عن واقع محزن يعيشونه، لكنهم لا يستطيعون في الوقت نفسه معالجته، لا عجب في أن الدجل السياسي والكوميديا الرخيصة تسيطر سيطرة كبيرة عندما تتعذر معالجة القضايا الملحة إلي درجة مقبضة للصدر.

- يلتقي العم عشم كل خميس فى مقهي الوحدة بأصدقائه ومحبي مقالاته، و بغيره من الكتاب والمفكرين؛ لمناقشة آخر التطورات السياسية والثقافية، ويملك قاعد بسيطه من المعجبين، البسطاء المحبين لهذا الوطن الذين ليس لديهم سواه، لا يعرفون الباسبورات الأجنبية، وليس لديهم مهجر يمكن أن يناضلون منه، كما لا ترحب بهم البلاد العربية، هؤلاء هم من يقومون بالعمل الحقيقى فى بلادنا، وهؤلاء وقود لكل محرقة صهيونية. أنهم لا يستطيعون تعبيراً عن أنفسهم أو ضرباً في الأرض. فالقاعدة التي بدت مستقرة أن العامة لا يثورون،  ولكنهم  ينتظرون الفرصة. 

- قال له: في أي شيء فلح؟! كنت فين يا ابو قردان.؟ قال: كنت اعجن في القشطة!.. علق:  كان بأن على عراقيبك!،حوار العم عشم، وسعيد همبكة، حوار عبثي من منطلقات متصادمة، فكل جدال سياسي يؤدي الى انقسامات عمودية؛ ليعرض بقوة وعلى نحو فريد الواقع المرير الذي يواجهه الناس يوميا، في بيئة سياسية وثقافية تكاد تكون قاحلة. حيث الانقسام والفساد تفشيا حولهم، والذي تتحرك فيه، وتنافس فيه كبار الدجالين،وصغار المحتالين، على غناىم القضية المتهاوية التي باتت الآن تعيش كابوسا من عدة جوانب.

- قال: أنا ملاحظ إن الموالسة. بالذات عمرهم طويل وبيعيشوا كتير قوي؛ قال له: طبعا بينصرف عليهم فلوس بالهبل: أكل وشرب و عجن في القشطة والزبدة، وعلف ورياضة وماساج وعلاج فخم وسفر وفسحة هم وعيالهم.. يعني نص ميزانية التسول، والجبايات  بيروح على الموالسة وعيالهم عشان يعيشوا أكتر ويحكمونا أطول فترة ممكنة... دا إيه الغم دا يا عم عشم؟!! فقال.. إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس، اظلمهم وبعدين اطلع اعمل عمرة مثلما يفعل الموالسة.. عادي!  فقال:الأمر الذي لو طبق معه صحيح القانون، لقضى كل منهم ما تبقى له من عمر في السجن. 

- قال له: كما تكونوا يولى عليكم،  هذه قاعدة صحيحة تماما، فالطيور على أشكالها تقع ، وبالتالى فما يحدث من وجهة نظرى هو أمر طبيعى للغاية، كما إنه غير قابل للإصلاح فى المدى القصير. ‏من أفسد شيئا فعليه إصلاحه، بلا مواربة وخداع؛  وبعيدا عن التفاصيل الكثيرة، شديدة التشعب والتى يمكن من خلالها إثبات صحة مانفترضه سنأخذ مثالا حديثا  يؤكد مانراه، وهو: استمرار مخطط الانقسام الصهيوني، ودائرة الخراب والفساد الجهنمية؛ فهناك موالسة الانقسام؛ و تحالف الفساد مع الإهمال مع انعدام الكفاءة، مع الأجندات والمصالح الشخصية؛ قالها شمعون بيريس، و قد اعتبر الانقسام ثالث إنجاز تاريخي للحركة الصهيونية بعد الإنجاز الأول إقامة الكيان الصهيوني، عام 1948، وهزيمة حزيران العام 1967.

-قال: نحن في حاجة لمن يحكمنا باسمنا.. باسم الشعب ، لمن يحكمنا بإرادتنا واختيارنا ليس رغماً عنا ولا غصباً منا ، وبمن يحقق وحدتنا ومصالحنا السياسية والوطنية والمعيشية الواقعية المادية منها والأدبية ، وبمن يتأهل بالعلم والعقل والخبرة والتجربة ، وبمن يؤمن بالمساواة والحريّة والعدل ، وبمن يخضع لمراقبتنا ومحاسبتنا ومساءلتنا ، و بمن يؤمن أن كرامة الانسان هي غاية الأديان والاوطان معاً.

ما علينا، تفاءلوا بالخير تجدوه.  رد قائلا : نحن بالفعل نعيش شدة، ولا احد يستطيع إنكار ذلك.. ولكنها إن شاء الله شدة وتزول؛ ما يقال يتضاءل أمامه أي رد، ويدعو للسخرية!. هات قهوة سادة.