رسالة الموفدون الاميركيون

بي دي ان |

04 سبتمبر 2022 الساعة 12:14ص

إدارة الرئيس بايدن، هي الاستمرار الأضعف والأكثر بؤسا للادارات الأميركية السابقة الديمقراطية والجمهورية منذ التوقيع على اتفاقية أوسلو في البيت الأبيض في 13 أيلول / سبتمبر 1993 وحتى اليوم، ورعايتها عملية السلام، وهي تحاصر القرار الوطني المستقل، وتمارس اقصى الضغوط على قيادة منظمة التحرير وصناع القرار، وتلوح بين الفينة والأخرى في حال تجاوزت القيادة السقف المسموح لها بعظائم الأمور، وباستخدام حق النقض الفيتو ضدها في حال التوجه للأمم المتحدة، كما حصل عام 2011 و2012 عندما شاءت القيادة الخروج من نفق المراوحة والتسويف والمماطلة الاستعمارية الإسرائيلية، ووضع حد للبلطجة وجرائم الحرب الصهيونية، وغموض والتباس مواد الاتفاقية المشؤومة أوسلو المتعلقة بالملفات الأساسية الست، وخاصة حدود الدولة الفلسطينية عموما وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة في الخامس من حزيران / يونيو 1967، وحصولها على عضوية دولة مراقب وفقا للقرار الاممي 19/67. ونجحت آنذاك إدارة أوباما  آنذاك دون تمكن القيادة من الحصول على دعم تسع دول لمشروع الاعتراف بعضوية فلسطين كدولة في مجلس الامن الدولي.
والان وعشية توجه الوفد الفلسطيني بقيادة الرئيس محمود عباس للأمم المتحدة في الثلث الأخير من هذا الشهر أيلول / سبتمبر الحالي، وعزمه على عودة طرح مشروع الارتقاء بمكانة دولة فلسطين كعضو كامل في الأمم المتحدة، انبرت إدارة بايدن للتلويح بقبضتها وعصاتها الغليظة في مواجهة الرغبة الفلسطينية المشروعة، والمنسجمة مع قرارات الشرعية الدولية، وحتى مع ما تعلنه واشنطن ليل نهار، وإقرارها بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وفي نفس الوقت ترفض مجرد طرح الملف على مجلس الامن، وتعتبره خروجا عن السقف السياسي المسموح به للقيادة والشعب الفلسطيني. لانه توجه يتناقض مع رغبة إسرائيل المارقة، والمُصّرة على إبقاء الأمور على حالها، لمواصلة الاستيطان الاستعماري وتصفية خيار حل الدولتين، وأيضا رفضها لخيار الدولة الواحدة، وبالتالي رفضها لقرارات الشرعية الأممية واخرها قرار مجلس الامن الدولي 2334 الصادر في 23 كانون اول / ديسمبر 2016.
وكأن لسان حال الإدارات الأميركية المتعاقبة يقول، لا تصدقونا عما نعلن من مواقف عن خيار حل الدولتين، نحن لا نقصد ذلك، انما المقصود منه، هو ذر الرماد في عيونكم لتهدأوا جماهيركم، وأيضا لنوقف اية تداعيات للرأي العام العالمي المتضامن مع حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني. وبالتالي نحن مع ما اعلنه بصراحة الرئيس السابق دونالد ترامبـ،، ومع صفقة القرن، ومع قانون "القومية الأساس" الإسرائيلي، الذي ينفي حق الفلسطينيين في تقرير المصير في وطنهم الام. ولن نسمح لكم بتمرير هذا التوجه في مجلس الامن من خلال حق النقض الفيتو، وبفرض العقوبات عليكم، وعليكم قبول مساوتنا ببضاعة رخيصة تختارونها انتم.
وهذا ما عبر عنه كل من هادي عمرو، مبعوث الإدارة للسلطة، وبربارا، مساعدة وزير الخارجية بلينكن، الذين توافدا على أراضي السلطة في اليومين الماضيين، ولم يعودا لديارهم بعد، وطرحوا بشكل واضح على من التقوهم من القيادات الفلسطينية: لا تطرحوا رفع مكانة فلسطين لدولة كاملة العضوية في مجلس الامن، لأننا لن نسمح لكم، وسنستخدم حق النقض. ولتعويضكم اطلبوا أي شيء اخر. وعندما سألهم بعض القادة: انتم ماذا عندكم لتعطونا؟ لم يجيبوا بجواب واحد.
إذا الإدارة الأميركية لا يوجد في جعبتها السياسية أي توجه إيجابي لصالح الشعب الفلسطيني، وتعمل وفق التوجهات والمعايير الإسرائيلية الفاشية، وفي ذات الوقت تسعى بشكل حثيث لتبديد خيار السلام بالتلازم مع دولة الابرتهايد، وتنفذ بشكل مباشر صفقة القرن، وتحاصر كل توجه إيجابي فلسطيني او دولي لصالح القضية الفلسطينية، وحقوق الشعب السياسية والقانونية في الأمم المتحدة.
والبعض يعتقد ان إدارة بايدن لا تستطيع مواجهة إسرائيل في ملفين مركزيين، الأول وهو الأهم بالنسبة لها، وهو الملف النووي الإيراني، والثاني الملف الفلسطيني، الذي لا يعنيها بشيء، وبات ملفا ثانويا وهامشيا، وخارج نطاق أولوياتها. وحتى تمرر الاتفاق النووي مع ايران، وترضي إسرائيل، فعلى الفلسطينيين ان يدفعوا الثمن وقيمة الفاتورة الاميركية لرشوة حكومة لبيد غانتس . وهذا الافتراض برأي بمثابة كذبة كبيرة، وضحك على الدقون. اميركا منذ اليوم الأول لاوسلو وهي تماطل وتسوف وتشترك مع إسرائيل لضرب ركائز عملية السلام. واللحظة التي خرجت في الإدارة عن هذا السقف، كان في نهاية عهد إدارة الرئيس أوباما، عندما بلغت التناقضات مع شخص نتنياهو الذروة، وسمحت بتمرير القرار الدولي 2334 عشية تولي إدارة ترامب للحكم. غير ذلك بقي الخطاب الأميركي دون المستوى المطلوب، ومجرد ثرثرة على جسد الشعب الفلسطيني وحقوقه السياسية، وعلى انقاض خيار السلام.
وهذا يستدعي من القيادة ان لا تتردد عن شرف المحاولة في انتزاع الاعتراف بدولة فلسطين كدولة كاملة العضوية، وهي فرصة ذهبية الان، وفي ظل التحولات العالمية، ورغم لعنة حق النقض الفيتو، غير ان فتح المعركة تستحق خوضها حتى النهاية، والعمل على استقطاب كل الاشقاء والأصدقاء القادرين على دعم الخيار الفلسطيني.
[email protected]
[email protected]