خوري جانب الصواب

بي دي ان |

23 أغسطس 2022 الساعة 11:47م

للروائي والاديب والمناضل الياس خوري، اللبناني الفلسطيني الهوى والانتماء (لحركة فتح) مكانة خاصة في الأوساط الفلسطينية وبالضرورة اللبنانية والعربية عموما، وبالتالي للاختلاف معه نسق آخر، نسق ودي ومعاتب، وعاتب على ما دونه في مقالته التي نشرها في جريدة "القدس العربي" الصادرة في لندن امس الثلاثاء الموافق 23 اب / أغسطس الحالي بعنوان "الهولوكست والنكبة مستمرة"، والتي ضمنها هجوما لا أساس له من الصحة، ومفتعلا، وقاصرا في المعلومة، ونقصا في المعرفة بمن كتب عنه، وحاول ان يحاججه لسبب في نفس يعقوب، خلفياته معروفة، وناجمة عن تحامل غير مبرر، وفيه تزيد، وتطاول واجحاف بحق الحقيقة، وتفسير بعض المواقف على غير دلالاتها السياسية والأمنية، والتي تدخل ضمن لعبة التكتيك. دون ان يعني ذلك ان صفحتنا بيضاء، العكس صحيح، صفحتنا مليئة بالألوان والنواقص، لكنها النواقص المرتبطة بالعمل لبلوغ الأهداف الوطنية.
وقبل مناقشة خوري، اود ان اسجل، اني لست محام دفاع عن الرئيس أبو مازن، ولكن واجبي ان انصفه، وادحض الأفكار مسبقة الصنع عن الرجل، الذي تبنى خيار السلام منذ عقود سابقة على نشوء وتأسيس السلطة الفلسطينية، وكان عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح، ومازال على رأس الحركة، وقائدا عاما لها، التي انتمى لها الكاتب اللبناني العربي المبدع ولم يخطو خطوة نحو اتفاق أوسلو 1993 الا تحت قيادة الرئيس الرمز الشهيد الراحل ياسر عرفات، وبموافقة غالبية أعضاء اللجنة المركزية للحركة. رغم اني شخصيا أعلنت منذ البداية رفضي للاتفاق المشؤوم، وانا في سوريا ولبنان وقبل عودتي للوطن، بيد اني كنت مع فلسفة البناء على ما تم الاتفاق عليه، والاستفادة من حق العودة وتحت أي سقف سياسي، لان هذا حقي وحق أبناء شعبي بغض النظر اتفقنا ام اختلفنا مع أوسلو ومخرجاته اللعينة.
وبالعودة لمقالة الروائي خوري، التي جانب فيها الصواب من السطر والجملة الأولى، حيث يبدأ مقالته بالتالي: "المانيا مشغولة بأبو مازن، وأبو مازن لا يلوي على شيء." ولا ادري ماذا يريد خوري من ذلك، سوى الانتقاص من مكانة الرئيس محمود عباس. وهذه ليست في صالح الاديب الياس. لان الرئيس يلوي على مصالح واهداف الشعب العربي الفلسطيني، وله فلسفته ورؤيته في هذا الشأن. ويتابع في فقرة لاحقة قائلا "كيف انطبقت السماء على "بطل السلام الفلسطيني"، ورائد التنسيق الأمني، الزعيم الذي فك خلايا المقاومة في الضفة الغربية ووضع الفدائيين في سجون السلطة الفلسطينية؟" مرة أخرى، اعود للتأكيد، ان خيار السلام اشتقته القيادة منذ ان وافقت على النقاط العشر في العام 1974 في دورة المجلس الوطني ال12 في القاهرة، ومن ثم في الدورة 19 للمجلس الوطني عام 1988 في الجزائر .. الخ. وهذا كان خيار الغالبية آنذاك. وذهب الرئيس أبو عمار لجنيف وخاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة بمقولته الشهيرة "جئتكم حاملا غصن الزيتون بيد، وبندقية الثائر باليد الأخرى. لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي." وبالتالي معظم اركان القيادة الفلسطينية كانت مع خيار السلام، ولم يكن عباس الوحيد، رغم انه اكثرهم وضوحا وجرأة في تمسكه بهذا الخيار.
اما موضوع التنسيق الأمني، فهو أيها المناضل المحترم جزء من اتفاقية أوسلو، وبموافقة وتحت رعاية واشراف وقيادة الشهيد المؤسس للوطنية الفلسطينية أبو عمار. بتعبير اخر، لم يكن معزولا عن الاتفاقية المشؤومة أوسلو. وهذا التنسيق ليس مقدسا، ولا هو سيفا مسلطا على رقاب الفلسطينيين، واوقفته القيادة الفلسطينية مرات عدة، وسيتم في المستقبل المنظور تحلل منظمة التحرير وسلطتها الوطنية من كل ما تم التوقيع عليه مع إسرائيل تطبيقا لقرارات المجلسين الوطني والمركزي. اما موضوع اعتقال الفدائيين ووضعهم في السجون الفلسطينية، فهو حمال أوجه. لانه يقوم على ركيزة الباب الدوار، الذي أعلنته واعترفت به القيادات الصهيونية المختلفة، وتقوم فكرته على حماية عدد من المناضلين من عمليات الاغتيال الإسرائيلية. ولم تنقلب النظرية الأمنية الفلسطينية على طابعها الوطني، وبالامس القريب تقريبا قبل شهر او اكثر قليلا كتبت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها "رجال الامن الفلسطينيين في الصباح يلبسون ملابس رجال الامن، وفي المساء، هم ذاتهم من يطلق الرصاص على الإسرائيليين." وهناك مئات القصص، واعيدك مجددا للعام 2002 عندما اجتاح المجرم شارون محافظات ومدن ومخيمات وقرى الضفة وحاصر الرئيس أبو عمار، واثناء ذلك دمر 530 مركز شرطة فلسطيني، وقتل واعتقل العشرات من أبناء الأجهزة الأمنية. لذا كف عن التساوق مع منطق وخطاب جماعة الاخوان المسلمين ادعياء المقاومة، الذين انكشفوا في الحرب الأخيرة في قطاع غزة، وقبل ذلك بكثير لمن يعرف حقيقة ودور الاخوان المسلمين وفرعهم في فلسطين، ويكفي انقلابهم على الشرعية الوطنية عام 2007، الذي كان رأس حربة ما يسمى "الربيع العربي".
وساختصر اما عن المجازر، وعدم معرفة الرئيس عباس بها، واطلاق الكلام على عواهنه، فهو أولا كاتب، وكتب عن الموضوع مرات عدة، ومختص بالشأن الصهيوني، ثانيا هذا مردود عليك، وللأسف الشديد انت لا تعرف تاريخ المجازر والمذابح الصهيونية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، يكفي كما انت ذكرت، موضوع وملف النكبة، وتدمير 530 قرية، وارتكاب حتى الان ما يزيد على ال100 مجزرة، واعيدك فقط للبحث على غوغل وادخل الى  موقع وكالة الانباء الفلسطينية "وفا" وما دونته حول أسماء وعدد المجازر، اتعلم ان مدينة حيفا لوحدها حصل فيها ثمانية مجازر، ومدينة القدس لوحدها لا تقل عنها، وحدث ولا حرج عن كل مدينة وقرية فلسطينية، ومازال حبل المجزرة على الجرار الصهيوني. وبالتالي الرئيس يعرف ما يقول، ولم يرمِ الكلام على عواهنه، ويدرك دلالة كل كلمة وحرف وفاصلة.
وعلى أهمية ما ذكرت عن مسؤولية أجهزة الامن الألمانية والإسرائيلية عن قتل الرياضيين الاسرائيليين عام 1972 في ميونيخ، الا ان ما ذكره الرئيس عباس كان ضروريا، وردا شجاعا، والهجمة الصهيو المانية لم تفت في عضد رئيس منظمة التحرير، انما عززت مكانته، ووضعت الالمان والإسرائيليين القتلة في الزاوية. فضلا عن ذلك هو لم ينكر الهولوكست ضد شعوب العالم كله وفي المقدمة منهم اليهود اتباع تلك الدول. فياريت ويا حبذا لو حضرتك تتروى وتناقش الأمور بهدوء اكثر، ومسؤولية اعلى، وانت رجل حصيف ومتميز بانتاجه المعرفي والادبي خصوصا، ولديك الشجاعة لمراجعة الذات.
[email protected]
[email protected]