رسائل الأوائل الميسورين: نمتلك المستقبل رغم أنف تجار الوطن

بي دي ان |

02 أغسطس 2022 الساعة 10:25م

ما زال المواطنون منغمسين في مظاهر واحتفالات واعتراضات وانتقادات نتائج الثَّانوية العامة، فقد مرَّ هذا العام الدِّراسي(٢٠٢١-٢٠٢٢) بالعديد من المطبات، وأهمها اضراب المعلمين، بالإضافة إلى قضية تغيير طبيعة أسئلة الامتحانات فجأة في الأيام التي تنفذ فيها الامتحانات، وتناقل مواعيد النَّتائج المتضاربة، وصولاً بالنَّتائج الصَّادمة لمئات الطُّلاب وفق ما يتداوله الطُّلاب أنفسهم على صفحاتهم وعلى صفحات التَّواصل الاجتماعي، حيث رسوب المئات من الطَّلبة المتفوقين في أكثر من مادتين وثلاث، وهذا حدث بشكلٍ واضحٍ في غزة والضِّفة مع استحالة المراجعة.

عامٌ دراسيُ كان الأصعب والأقل نجاحًا، وفق حديث الكثير مِن المعلمين، ولعلَّ الملفت هذا العام أن معظم المتفوقين والأوائل على فلسطين هم من الفقراء والأسر الميسورة الحال، وهذا بالطَّبع ليس عيباً بل فخر تلك الأسر بأبنائهم وفخرنا جميعًا بأولئك الطَّلبة الذين تفوقوا وتميزوا رغم كلِّ الظُّروف الطَّاحنة التي يعيشونها، خاصة الأوائل في المحافظات الجنوبية حيث الفقر الواضح، فإحدى الأوائل من أسرة بسيطة جدًا ومسكنها قد لا يصلح للسكن، وواحدة كانت تلبس عقدا به مبلغاً بسيطاً جداً (فئة العشرين شيكل)، وطالبٌ متفوقٌ يقول أن الصِّينية التي بيديه تمثل له مكيفًا من الحرِّ لا يتركها لحظة، مُنوهًا أن أسوأ الأوقات حين ينتهي شحنُ (بطارية اللدات) ويتوقف عن الدِّراسة طوال الليل ليبدأ دراسته بالنَّهار على نور الفي. 

نماذجٌ كثيرةٌ تبرزٌ لنا عسر الحياة في غزة، وتهميش فئات كثيرة من الأسر التي  تستحق الاهتمام والرِّعاية، يبدو المشهد بائساً حيث أننا لم نعرف عن أولئك الطَّلبة ولا قدراتهم ولا ووضعهم المادي، وكان ممكن أن يتم ذلك من خلال مدارسهم ورفع تقارير للجهات المعنية لتبنيهم وتوفير حتى مصباح كهربائي لهم، بؤس الحال والحالة الفلسطينية ستؤكد وتجدد حضورها حين (ينفض المولد) وينتهي موسم التَّهاني والمجاملات، فيبدأ أولئك الطَّلبة صراعهم الحقيقي مع الجامعات والتَّخصصات، وعدم مقدرتهم على دراسة التَّخصص المطلوب، وعدم مقدرتهم على الذَّهاب والإياب من وإلى الجامعة أو توفير الكتب والملازم وكلّ ما تطلبه العملية التَّعليمية، حينها سيبقى الطَّلبة وحدهم يصارعون من أجل مستقبلٍ كان من المفترض أن توفره لهم مؤسسات تتبع لحكومتين موزعتين على شقي الوطن، أو بفعلٍ وطني وأخلاقي رشيق من رجال أعمال فلسطينيين الذي يقومون بتبني بعض ممن يستحقون الدَّعم والمكافأة، أو تأسيس صندوق لدعم الطَّلبة ويساهم به شخصيات فلسطينية من خارج الوطن، فهناك واجب عليهم تقديمه للوطن الأم ولشعبهم فليأخذوا دورهم في مثل هذه المبادرات الوطنية والإنسانية. 

الأوائل من ذوات الأسر الميسورة وجهوا رسائلاً قويةً مفادها: (نحن من نمتلك المستقبل رغم أنف كلِّ تجار الوطن الذين ينهبون الوطن لأبنائهم).