خطوتان اميركيتان مع فلسطين

بي دي ان |

26 يوليو 2022 الساعة 12:12ص

يتملكني الشعور بالارتياح النسبي، وانا اراقب تطور حركة الشارع الأميركي خارج حدود المنظومة الرسمية، التي تتسم اجمالا بالانحياز الفاقع لصالح دولة الاستعمار الإسرائيلية، ليس هذا فحسب، وانما تقوم دوائر الادارات المتعاقبة بدءا من البيت الأبيض مرورا بالخارجية والبنتاغون والمالية ووصولا لاخر مركز مؤثر في صناعة القرار الأميركي بتغذية ودعم شبه المطلق في محتلف مجالات الحياة السياسية والديبلوماسية والعسكرية الأمنية والاقتصادية للدولة القائمة على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطينية. ولا تتواني الإدارات الديمقراطية والجمهورية بإصدار الإعلان تلو الإعلان والصفقة لتأكيد التزامها بأمن وتفوق ودعم دولة التطهير العرقي والابرتهايد الإسرائيلية، وتدفع من جيوب دافعي الضرائب حوالي أربعين مليارا سنويا لها، وتصل نسبة المساعدات المقدمة لها سنويا ما يزيد على ال50% من قيمة مساعداتها لدول العالم كافة. وتستخدم لحمايتها كل الوسائل وفي مختلف المحافل الأممية والإقليمية بما في ذلك حق النقض الفيتو في مجلس الامن الدولي، والتي قاربت ال45 مرة خلال السنوات ال74 الماضية من نشوء الدولة غير الشرعية. لا سيما وان إدارة الرئيس الأسبق ودرو ويلسون وقفت خلف اصدار وعد بلفور البريطاني، وصك الانتداب البريطاني على فلسطين، وتبنته عصبة الأمم وورثته هيئة الأمم وعملت على تنفيذه، الذي حلت ذكراه المئوية اول امس الاحد، وحرمان الشعب العربي الفلسطيني من حق تقرير المصير، الذي دعا له الرئيس الأميركي آنف الذكر، في تنكر واضح لحقوق الشعب، ولطمس هويته، ولتمرير جريمة العصر بإقامة الدولة الغريبة من مجموعة من مرتزقة الدول والأمم من اتباع الديانة اليهودية، والذين كانوا جزءا من مشكلة أوروبية تاريخية، وعنوانا ومادة أساسية لاقامة الدولة الوظيفية في الوطن العربي بهدف تمزيق وحدة شعوب الامة، ونهب ثرواتها، وتصفية حساب تاريخي معها وعنوانه الحروب الصليبية .. وكانت من اوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل في الأمم المتحدة الخ
هذه السمة الأميركية الدامغة للادارات المتوالية تشهد في الآونة الأخيرة تفككا نسبيا، وبروز ظاهرة جديدة تتجاوز منطق المؤسسة الرسمية عموما، عنوانها انزياح داخل الرأي العام الأميركي عموما، وفي أوساط  الكنائس واتباع الديانة اليهودية الاميركيين خصوصا لصالح دعم الشعب العربي الفلسطيني، ورفض الرواية الرسمية والإعلامية الصهيو أميركية المسيطرة والمشكلة لوعي الشعب الأميركي، والتي تلقنه رواية كاذبة ومزروة لدعم دولة المشروع الكولونيالي الصهيوني. وهذا التحول الإيجابي والمتزايد عموديا وافقيا بخطى حثيثة احدث اختراقا ملموسا في الأوساط الأميركية المختلفة.
ومن بين الخطوات الجديدة التي رأيت من الواجب تسليط الضوء عليها، لانها تساهم بشكل إيجابي في زيادة التحول داخل القطاعات المهنية والمؤسسات المركزية في صناعة الرأي العام الأميركي، أولا تصويت المؤتمر العام للنقابة الوطنية للمعلمين الاميركيين لصالح قرار يوفر الحماية والدعم للمعلمين الذين يدرسون أو يثقفون الجماهير عن القضية الفلسطينية. ويعتبر القرار رقم 13 الذي اقره المؤتمر في مدينة شيكاغو ما بين الثالث والسادس من تموز / يوليو الحالي إنجازا مهما، أولا كونه يصدر عن واحدة من النقابات الأميركية الهامة، وثانيا لانه صوت لصالحه 60% من أعضاء المؤتمر المكونين من 6000 عضو، الذين يمثلون ما يزيد على الثلاثة ملايين معلم أميركي؛ ثالثا لانه يؤمن الحماية لكل من يساهم في تثقيف وتعليم القضية الفلسطينية من المنظمات الصهيونية وخاصة "الايباك" واليمين العنصري الأميركي؛ رابعا وصوت المؤتمر لصالح قرار إضافي حول الموضوع، ومفاده قيام النقابة بتثقيف المعلمين والجمهور خلفيات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وجوهر القضية الفلسطينية، وأيضا لتدريس سياسات الفصل العنصري الإسرائيلية واعتماد مصادر منظمة العفو الدولية "امنستي"، ومنظمة "هيومين رايتس ووتش" كمراجع حول تلك الممارسات. والقرار الأخير رفع للجنة التنفيذية للنقابة للبت به؛ خامسا صوت المؤتمر أيضا لصالح قرار ثالث، هو البند التاسع والذي يقترح دعم النقابة وترويجها للحقوق والرواية الفلسطينية للاحداث، وإتاحة مصادر لتعليمها للطلاب والتثقيف حولها. المصدر وكالة "وفا" 5/7/2022
والتوجه او المؤشر الثاني والهام، تمثل باقتحام انصار الحق الفلسطيني في تحالف "لا تكنولوجيا للفصل العنصري الإسرائيلي" مؤتمرا رئيسيا لشركة "امازون" احتجاجا على عقد وقعته إدارة الشركة مع الحكومة الاستعمارية الإسرائيلية لنقل قاعدة البيانات "الإسرائيلية" لتكنولوجيا السحاب يوم الأربعاء الموافق 13 تموز / يوليو الحالي.
واوقف المتظاهرون يوم الثلاثاء الموافق 12 من الشهر الحالي (يوليو) الخطاب الرئيسي في قمة امازون ويب سيرفيسز (AWS) في مركز جافيتس مانهاتن بمدينة نيويورك للفت الانتباه إلى العقد المذكور، وتيسير استخدام أدوات المراقبة على الفلسطينيين.  واتهم المتظاهرون الشركة بالترويج لسياسة الفصل العنصري الإسرائيلية، والمساهمة بالتهجير والفصل العنصري الذي يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني.
هذه وغيرها من المؤشرات الدالة والهامة على اتساع دائرة التطور الإيجابي داخل أوساط الرأي العام الأميركي. المطلوب من الشعب الفلسطيني واشقائه العرب وانصار السلام تعزيز الديبلوماسية الشعبية داخل منتديات وقطاعات الشعب الأميركي لاحداث التحول النوعي الاستراتيجي المطلوب لقلب الطاولة على داعمي الاستعمار الإسرائيلي الذين يهددون السلام والتعايش وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني اسوة بشعوب الأرض.
[email protected]
[email protected]