مؤامرة صك الانتداب

بي دي ان |

19 يوليو 2022 الساعة 01:39ص

نكبة الشعب العربي الفلسطيني عام 1948 لم تبدأ مع قيام دولة الاستعمار الإسرائيلية، انما قبل ذلك بكثير، ولعلي أوردت مرات عدة مراحل انضاج الشروط الموضوعية والذاتية لاقامة دولة المشروع الصهيوني اللا شرعية، وحتى سابقة على مؤتمر الحركة الصهيونية الأول في بازل في سويسرا 1897، عندما اقامت عائلة روتشيلد اليهودية الصهيونية اول مستعمرة صهيونية في العام 1882 على انقاض قرية الخالصة في الجليل الفلسطيني.
وما كان للحركة الصهيونية وعائلة روتشيلد، ولا العائلات اليهودية الصهيونية ال13 قادرة لوحدها على تحقيق الهدف الصهيوني في إقامة كيان سياسي امني وظيفي في العالم العربي وخاصة في وطن الشعب الفلسطيني. بيد ان مصالح رأس المال المالي والصناعي والعسكري الغربي الاستعماري، وعقدة الحروب الصليبية، والاساطير والخزعبلات اللاهوتية المتعلقة بحرب ياجوج وماجوج رسخت القناعة في أوساط الدول الغربية مجتمعة ومنفردة لضرورة خلق الدولة الصهيونية. ولتحقيق ذلك أوردت مرات عدة هنا سلسلة الخطوات الغربية لتهيئة المناخ الملائم لانشاء القاعدة الاستعمارية في فلسطين، ومنها أولا عقد مؤتمر كامبل نبرمان 1905/1907، الذي اكد على ضرورة وجود دولة غريبة في وسط الشعب العربي الواحد؛ ثانيا اتفاقية سايكس بيكو 1916، التي قمست العرب الى دول بعد خديعة الشريف حسين؛ ثالثا وعد بلفور 1917 البريطاني الغربي؛ رابعا مؤتمر سان ريمو 1920، الذي طالب بتنفيذ الوعد المشؤوم؛ خامسا صك الانتداب البريطاني على فلسطين، الذي صادقت عليه عصبة الأمم في 24 تموز / يوليو 1922، أي قبل مئة عام بالضبط، والذي اشتمل على 28 مادة، منها اول ثمان مواد محصورة في تطبيق وتجسيد وإقامة "الوطن الصهيوني" في فلسطين، وهي المنظمة الأممية الثانية التي تشكلت في العام 1920 في اعقاب زوال الاتحاد البرلماني الدولي؛ سادسا تقديم كل اشكال الدعم المالي والعسكري والاقتصادي لبناء ركائز دولة الحركة الصهيونية الرجعية الاستعمارية؛ سابعا قامت الأمم المتحدة، المنظمة الأممية التي جاءت في اعقاب فشل وانهيار العصبة في العام 1945 بإصدار قرار التقسيم الدولي 181 وفتحت الباب لتشريع الدولة الوظيفية، وحالت مع دول الغرب الرأسمالي ومعها بعض العرب من إقامة الدولة الفلسطينية وفقا لذات القرار الاممي، الذي غبن الحقوق الفلسطينية.  
اذاً كأن صك الانتداب البريطاني بمثابة الضوء الأخضر الدولي الأكثر وضوحا وفجورا لتجسيد وعد بلفور المشؤوم، وبعدما فشلت تلك العصبة الاجرامية في ترجمته، تابعت المنظمة الأممية الجديدة، التي اصلت لها الولايات المتحدة تنفيذ جريمة العصر، وهو ما حصل. ورغم ان الولايات المتحدة الأميركية لم تكن عضوا في العصبة، مع انها هي وخاصة الرئيس ودرو ويلسون، هو من وضع في مبادئه الأربعة عشر أسس نشوئها (العصبة). ولكن لخلافات في تقاسم غنائم الحرب العالمية الأولى 1914 /1918 تراجعت إدارة ويلسون عن الانضمام لها. لكنها كانت الشريك الأساس لبريطانيا وباقي دول الغرب الرأسمالي في إقامة الدولة الصهيونية. وبالتالي التواطؤ والمؤامرة الغربية على فلسطين تشمل كل الغرب الرأسمالي، وان كانت بريطانيا أداة التنفيذ الرئيسية، والتي لم تف حتى بما تضمنه وعدها المشؤوم حول حقوق من اسمتهم ب"الأقليات" والمقصود أبناء الشعب العربي الفلسطيني، أصحاب الأرض والتاريخ والجغرافيا والحقوق السياسية والقانونية في فلسطين عبر حقب التاريخ القديم والوسيط والحديث، لم تعرها اهتماما. لان جل تركيزها منصب على تكريس الدولة الكولونيالية على ارض فلسطين، وعلى انقاض نكبة اهل وشعب الأرض الأصليين.
ومع حلول الذكرى المئوية لصك الانتداب الاجرامي تستدعي الضرورة الوطنية والقومية والإنسانية العمل على الاتي: أولا مطالبة بريطانيا بشكل أساسي ودول الغرب وعلى رأسها اميركا الاعتذار عن جريمتهم اللا إنسانية ضد الشعب الفلسطيني؛ ثانيا تحميل عصبة الأمم ومنظمة الأمم المتحدة المسؤولية الموازية لبريطانيا ودول الغرب عن جريمة المصادقة على الصك المشؤوم، وتجسيد إقامة الدولة الصهيونية على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني؛ ثالثا مطالبة كل دولة او منظمة شاركت في جريمة الصك الاعتذار الرسمي عن ما ارتكبته للشعب الفلسطيني؛ رابعا والعمل على إعادة الاعتبار لحقوقه السياسية والقانونية في الاعتراف بدولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وعقد مؤتمر دولي للسلام وفق جدول زمني محدد لتنفيذ قرار التقسيم الدولي 181، وضمان حق العودة للاجئين على أساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لابناء الشعب في مناطق ال48؛ خامسا قيام الجامعة العربية بإصدار بيان بالمناسبة لادانة الصك الاجرامي، وتحميل بريطانيا وكل الغرب الرأسمالي والأمم المتحدة المسؤولية عن نكبة الشعب الفلسطيني، واحياء الذكرى الأليمة، بحيث تكون مناسبة سنوية لتسليط الضوء على جانب من جوانب نكبة الشعب الفلسطيني.
وبالمناسبة فإن المجلس الوطني الفلسطيني بالتزامن مع الرابطة السورية للأمم المتحدة سيقيما فعاليات بالمناسبة في ال24 من تموز / يوليو القادم بهدف تسليط الضوء عليها، ولتذكير العالم بالجريمة التي ارتكبتها بريطانيا وأميركا وعصبة الأمم والأمم المتحدة بحق الشعب العربي الفلسطيني الأعزل. وبهذه المناسبة ادعو كافة المنابر والبرلمانات العربية ومؤسسات المجتمع المدني وتحديدا الحقوقية إيلاء الاهتمام بالمناسبة لفضح وتعرية بريطانيا والأمم المتحدة على ما اقترفوه من جرم لا يغتفر بحق فلسطين وشعبها العربي المنكوب.
[email protected]
[email protected]