أُرغم جونسون على الاستقالة

بي دي ان |

09 يوليو 2022 الساعة 06:40ص

رغم انه يمتلك روح الدعابة والمرح، الا انه عنيد ومتشيث بارئه، وهو في كل الأحوال شخصية إشكالية، تولى زعامة حزب المحافظين في 23 حزيران / يونيو 2019، وصبيحة اليوم التالي الموافق 24 تولى رئاسة الحكومة بعد اقالة رئيسة الوزراء السابقة، تيريزا ماي. ويوم الخميس الماضي الموافق السابع من تموز / يوليو الحالي أُرغم على الاستقالة، بعد سلسلة استقالات من الحكومة طالت ما يزيد على خمسين وزيرا ومسؤلا حكوميا..
ثلاث سنوات صعبة ومليئة بالتشويش والارباك قضاها جونسون في الحكم، شهدت احداثا عاصفة أولا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؛ ثانيا وباء كوفيد 19، وتداعياته على بريطانيا والعالم؛ ثالثا الفضائح التي لاحقته شخصيا، ولاحقت مسؤولين اخرين في حكومته. ولعل فضيحة الحفلات التي أقامها في مقر الحكومة خلال مرحلة الاغلاق التام نتاج تصاعد حدة وباء الكورونا، هي التي شكلت دافعا قويا لارغامه على الاستقالة؛ ورابعا ارتفاع نسبة التضخم لاعلى نسبة منذ 40 عاما خلت، مع وصولها الى 9,1% في أيار/ مايو الماضي، كل هذه العوامل تداخلت فيما بينها مما أدى لتفاقم الأوضاع الحكومية، وساهم في قذف جونسون للشارع.
مع انه نجا قبل أسابيع قليلة من حجب الثقة عن حكومته نتاج تلك الفضيحة، وعدم مصداقيته. غير انه في اعقاب تصاعد حدة الاستقالات من مساء يوم الثلاثاء الماضي الموافق الخامس من هذا الشهر، اضطر لاعلان  استقالتة، مذعنا لارادة قيادة حزب المحافظين. فضلا عن ان رئيس حزب العمال المعارض، كير ستارمر طالبه بمغادرة مقر الحكومة فورا، قائلا "لا نحتاج إلى تغيير على رأس المحافظين، نحتاج إلى تغيير فعلي للحكومة."
وكانت الكرة بدأت التدحرج يوم الثلاثاء الماضي عندما استقال ثلاثة مسؤولين يتولون حقيبة سكرتير دولة، ووزير الخزانة، ريشي سوناك، ووزير الدفاع، بن والاس، وحتى وزيرة التربية التي لم تتولى مهامها الا قبل يومين، أي يوم الثلاثاء، قدمت استقالتها يوم الخميس. ولكن قضية الفضائح سابقة على التطورات الدراماتيكية في عشرة ستريت دواننغ، وجميعها فضائح ذات طابع جنسي، فكان أوقف نائب يشتبه في انه ارتكب عملية اغتصاب، وافرج عنه بكفالة منتصف حزيران الماضي، واستقال نائب آخر في نيسان / ابريل كونه شاهد فيلما جنسيا اباحيا في البرلمان على هاتفه المحمول، وحكم على نائب سابق في أيار / مايو بالسجن 18 شهرا بعد ادانته بتهمة الاعتداء جنسيا على مراهق في الخامسة عشر من عمره.
وادى خروج النائبين المذكورين أعلاه لاجراء انتخابات تشريعية فرعية، تكبد فيها الحزب الحاكم هزيمة نكراء، كل تلك الفضائح مترافقة مع الحفلات في مقر الحكومة، أدى الى فقدان الثقة بالرجل، لانه بداية لم يعترف بإقامة الحفلات، ثانيا واصل سياسة التغطية على عورات النواب والمسؤولين الحكوميين، الذين تورطوا بالفضائح. الى ان وصلت الذروة يوم الخميس، مما دعا وزيرة الخارجية، ليز تراس الى مطالبة النواب وقيادات الحزب ب"الهدوء والوحدة" بعد اعلان رئيس الحكومة زعيم الحزب السابق الاستقالة، وذلك لحماية الحزب من اية تداعيات سلبية نتاج فوضى الاستقالات، والهرج الداخلي في أوساط المحافظين.
وبالمناسبة سيبقى جونسون لمدة لا تقل عن سبعة أسابيع، او اقل لحين اختيار زعيم جديد للحزب، حيث من المقرر تحديد روزنامة اختيار المرشحين والتصويت لهم الأسبوع القادم، بحيث يكون رئيس الوزراء الجديد في منصبه في غضونها. وهناك عدد من المرشحين، منهم وزير الدفاع بن والاس، سكرتيرة الدولة لشؤون التجارة الخارجية ، بيني موردونت، ووزير الصحة السابق، ساجد جاويد، ووزير النقل، غرانت شايس، ووزير الخزانة، سوناك، والمدعية العامة، سويلا بريفرمان، والنائب ستيف بيكر، والنائب المحافظ، توم توعنهات، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، وأيضا يرجح ان تترشح وزيرة الخارجية تراس، ووزير الخارجية السابق جيريمي هانت...الخ  
النتيجة سيغادر جونسون الروائي غير المبدع حسب النقاد البريطانيين والإعلامي السابق مرغما في الأيام القادمة. واعتقد ان الارباكات التي شهدتها الساحة البريطانية نتاج الخطايا التي وقعت في الحزب والحكومة، ستترك بصمات سلبية على مستقبل المحافظين لحين.