قراءة في تفاهمات العمادي "2020"

بي دي ان |

01 سبتمبر 2020 الساعة 02:46م

عقب التوصل لاتفاق تهدئة بعد كل جولة تصعيد مع الاحتلال الاسرائيلي، يدور جدل كبير اوساط الفلسطينيين، حول جدوى الاتفاق، مقارنة بالتكاليف التي تكبدوها، والوضع السابق.

تفجرت حرب 2008, بعد انتهاء تهدئة استمرت ستة شهور، لم تلتزم اسرائيل باستحقاقات التهدئة من حيث رفع الحصار، فخاضت حماس والجهاد وفصائل المقاومة حربا مع اسرائيل لمدة 21 يوما, خسرنا خلالها أكثر من 1400شهيد، و4330 جريح، والحقت دمارا شاملا بالبنى التحتية في مختلف أنحاء القطاع؛ بسبب عمليات القصف العنيف والمتواصل على مدار الساعة طول فترة الحرب، حيث دمرت 50 % من شبكات المياه، و55 % من شبكات الكهرباء، ودمرت ( 11200) منزلاً، منها (2627) دماراً كلياً ، ما أدى إلى تشريد سكانها وتشتتهم و اللجوء إلى المدارس، أو إنشاء خيام على أنقاض المنازل، تدمير(581) مؤسسة عامة، توقفت (3900) منشأة صناعية عن العمل، وفقد أكثر من (40) ألف شخص وظائفهم في القطاع الزراعي، و(90) ألف شخص لوظائفهم في قطاعات مختلفة، مما رفع نسبة الفقر في قطاع غزة إلى (79) في المائة، ووفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة 88% من مجمل سكان قطاع غزة، قدموا طلبات للحصول على مساعدات غذائية, انتهت الحرب بالعودة إلى مربع التهدئة دون انجازات جديدة تذكر.

في شهر نوفمبر من العام 2012, باغتت اسرائيل باغتيال قائد كتائب القسام احمد الجعبري، مما أدي لاندلاع حرب استمرت ثمانية أيام، قصف خلالها جيش الاحتلال أكثر من 1500 هدف، وخسرنا حوالي 175شهيد، من بينهم عشرة مواطنين من عائلة واحدة عائلة الدلو في قصف منزلهم، وحوالى 970 جريح، و200 منزل تدمير كلي، و 1500 تدمير جزئي، وخسائر اقتصادية تفوق 120 مليون دولار، وانتهت جولة القتال بهدنة بعد تدخل مصري، وعادت الامور الى ما كانت عليه.

في أعقاب عملية اختطاف وقتل ثلاثة مستوطنين إسرائيليين في 12 حزيران / يونيه 2014 من قبل حركة حماس في الضفة الغربية، قامت اسرائيل بتنفيذ غارة جوية وقصف نفق تابع لحركة حماس في 7 يوليو، أدي لاستشهاد سبعة من كتائب القسام في خانيونس، وفي اليوم التالي بدأت الحرب وكانت الاعنف، استمرت 51 يوم، تعمدت خلالها اسرائيل قصف المنازل على من فيها ، فابيدت عائلات كاملة، استشهد خلالها 2175 شخص، وجرح حوالي 10870, وتم تدمير 17130 منزل, و372 منشاة صناعية، و62 مسجد، وقصفت ابراج كاملة، وتكبدنا خسائر اقتصادية تجاوزت 3.6مليار دولار، وانتهت الحرب بتدخل مصري واتفاق على هدوء مقابل هدوء، دونما تغيير لواقع غزة المحاصرة.

هشاشة هذا الاتفاق عمق من معاناة اهالي قطاع غزة، وعلى مدار السنوات الستة التي اعقبت هذه الحرب دارت اكثر من 17 جولة تصعيد، كانت تلعب مصر في اغلبها دور رجل الاطفاء، والاوضاع الاقتصادية والانسانية تزداد سوء، ولا يلوح في الافق اية حلول او امل بانفراجة على اهالي قطاع غزة.

و عقب اكتشاف إصابات جديدة بفيروس كورونا زادت تعقيدات الوضع الإنساني في قطاع غزة ، بالتزامن مع جولة التصعيد بين حماس وجيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي ترتب عليه تشديد الحصار المفروض للعام الـ14 على التوالي، حيث حاولت حماس التي تسيطر على قطاع غزة، الموائمة بين إدارة حالة التصعيد مع إسرائيل وأزمة جائحة كورونا، بحيث يرتبط الملفان بمطلب تخفيف الحصار عن غزة لتحسين شروط الحياة، وأبرزها الخدمات الصحية
فمارست الضغط المضبوط، من خلال تكثيف اطلاق البالونات الحارقة واستنزاف اسرائيل اقتصاديا واضهارها امام شعبها عاجزة عن صد هذه البالونات، التي اشعلت بمتوسط 30 حريق يوميا، اتلف الاف الدونمات من المحاصيل في الجانب الاسرائيلي، وكان هذا احد اشكال تغيير حسابات التكاليف في جولات التصعيد، من خلال تصفير تكاليف التصعيد على المقاومة، وتعظيمها على الاحتلال لاستنزافه، واجباره على الخضوع لشروط المقاومة.

علينا كفلسطينيين مؤمنيين بتجاربنا المريرة السابقة في الحروب الثلاثة وجولات التصعيد المتفرقة، التمييز بين التفاهمات الجديدة بوساطة السفير القطري العمادي، وبين التفاهمات السابقة، اذا ما اعتمدنا على التكاليف كمعيار
حينها سنقتنع ان ما توصلت له المقاومة، لم يكن أفضل المأمول، بقدر ما كان أفضل الحلول التي تجنبنا حربا، الجميع يتوقع انها ستكون الأعنف، وهذا ذكاء في ادارة الصراع، وقراءة دقيقة لحجم الاثار التي ستكون ناجمة عنه
لا شك ان هناك قضايا كثيرة اثيرت، يستفيد بشكل مباشر منها المواطنين مثل،  زيادة أعداد الاسر الفقيرة المستفيده من ال 100 دولار ، وزيادة كمية الكهرباء، عبر صيانة خط161 وتمديد خط الغاز للمحطة، رفع الحظر عن بعض المواد المزدوجة، و توفير ما يلزم غزة من ادوات طبية او علاجات او اجهزة لمواجهة وباء كورونا.

لكن يبقى لكل مرحلة ادوات، وفي كل مرحلة مهم جدا تقييم مستوى الاهداف الممكن تحقيقها، في ظل حالة الانقسام، والتهافت العربي نحو التطبيع، وتراجع الاهتمام فلسطينيا وعربيا واقليميا بالقضايا الوطنية المصيرية للشعب الفلسطيني، فالصراع مستمر ولن ينتهى الا بزوال اسرائيل.