ما بين قرية أم النصر وتل السكن.. حذاري من غضب قادم

بي دي ان |

10 يونيو 2022 الساعة 11:47م

يقال: إن منصب الحاكم منصب فتنة وبلاء، لأجل ذلك تدافعه أهل العلم والدين.. خافوه على أنفسهم، وأقبل عليه المحبون للدنيا، وسارع إليه الثائرون.. جهلًا منهم بخطره. 

في أوقات الانتخابات الموسمية، يتوافد الكثيرون من المواطنين للترشح للانتخابات أيا كانت نقابية، برلمانية، وقد كفل القانون لأولئك المواطنون حق الترشح ، أما النوايا الداخلية للشخص المرشح فهي تبقى حبيسة صدره ، وبعد الفوز من الفائزين الذين يصبحون برلمانيون أو وزاراء أو حكاما، منهم من يجتهد ويتقي الله ومنهم من ينتظر السلطة لممارسة سلوكيات شاذة وغريبة فيها من التسلط والاذلال لشعبه، وربما كان قدر المواطن العربي على الأغلب أن يتولى أمره حكام يتغنون بمصطلحات كانوا قد حفظوها دون تطبيقها أو ملامستها على أرض الواقع. 

وللانسان حقوق كفلتها له القوانين والمواثيق وقبل هذا وذاك كفلته له الآدمية التي كرمه الله بها، وهي مباديء أخلاقية ومعايير اجتماعية لايجوز المس بها، وهي مستحقة وأصيلة لكل شخص لمجرد كونه إنسان، تلازمه بغض النظر عن لونه ودينه ولغته، بالتالي الأولى هو حفظ حقوق وكرامة المواطن في وطنه، وهذا من حق المواطن ولايجوز انتزاع كرامته وآدميته. 

ما حدث أمس في غزة وفي قرية أم النصر شمال غزة تحديدًا من تعد واضح وتعامل فظ، تم خلاله انتهاك حقوق وآدمية مواطنين عزل من قبل شرطة حماس وأجهزتهم الأمنية أثناء تنفيذ قرار اخلاء منازل المواطنين وهدمها بحجة تعد على أملاك حكومية، والأسوأ من ذلك اطلاق النار من قبل الأمن على المواطنين والذي نتج عنه إصابات في صفوف المواطنين. 

ما حدث كان كارثة بكل المعاني ، هدم بيوت فقراء واخراجهم من منازلهم دون توفير منازل تحفظ إيوائهم وتسترهم ، ويتم ذلك من قبل فصيل فلسطيني !! 
أذكر منذ عامين تقريبا، قامت حركة حماس بتوزيع أراضي "منطقة أثرية" (منطقة تل السكن) في مدينة الزهراء وسط غزة وتقطيع الأرض وتوزيعها على موظفيها مقابل مستحقات لهم بدل رواتبهم، منطقة أثرية عمرها مايقارب خمسة آلاف عام من الوجود، في حينها قامت العديد من الاعتصامات من قبل المثقفين والنخب والإعلاميين الذين يدركون قيمة هذه الأرض، وبالمقابل تجاهلت حماس تماما خطورة الخطوة التي تقوم بها، مع الفارق أن المواطنين أمس أبرزوا للشرطة وثائق تثبت ملكيتهم بأوراق من البلدية، بكل الأحوال ما حدث أمس انتهاكًا صارخًا وتعد على بيوت وحرمات المواطنين، بل هو أخطر من ذلك. 

لعل من أسوأ السلوكيات التي يسلكها شرطي تجاه مواطن هو مسك العصا وضرب المواطنين، هذا الحقد والغل الذي يعلو وجه الشرطي الحمساوي ليس المشهد الأول ولن يكون الأخير، وهو  إنما يدل على ثقافة شاذة وغريبة عن مجتمعنا الفلسطيني، كان الأولى في ظل هذه الظروف القاسية التي يعيشها المواطنون في غزة من فقر وبطالة وحصار والتي هي بالأساس نتاج فشل حكم حماس والذي أقر به بعض من قياداتها، كان أولى مساعدتهم وتوفير الحد الأدنى من متطلباتهم وتعزيز صمودهم والحفاظ على كرامتهم، فلا يحق لأي كان استعباد الأحرار خاصة في هذه المنطقة التي شكلت خط الدفاع على مدار سنوات طويلة، لذلك أطلق عليها الشهيد ياسر عرفات "قرية أم النصر " نحن أمام تحديات كبيرة وعدو إسرائيلي شرس فلا تشغلوننا ببعضنا البعض ونترك عدونا الأساسي.
 
تجاوزات الشرطة والأجهزة الامنية في غزة فاقت قدرة وتحمل المواطن ولعله ضرب من الخيال أن نطالب بتغيير سلوكهم واحترام المواطنين لأن الشرطة من بديهيات وجودها توفير الأمن والأمان وحفظ السلم المجتمعي، لكن ما نجده عكس ذلك تماما، بالتالي قل ما نقوله أنه لايجوز الاستخفاف بالشعوب والحذر من لحظة غضبها، فالشعوب إن ثارت وغضبت لن ترحم هذا ما يحدثنا به التاريخ وهكذا هي صيرورة الحياة.