ساعر يقلب المعادلات

بي دي ان |

13 ديسمبر 2020 الساعة 07:18ص

يوم الثلاثاء الماضي الموافق 8/12/2020 اعلن جدعون ساعر إنشقاقه عن حزب الليكود. وأعلن القيادي الليكودي المتطرف عن نيته تشكيل حزب جديد لخوض الإنتخابات البرلمانية القادمة، وأكد انه سينافس نتنياهو على رئاسة الحكومة. وبدا واضحا ان خطوة عضو الكنيست، لم تأتِ بشكل إعتباطي، ولا ردة فعل سريعة، انما هي فكرة خامرت عقله كثيراقبل الاقدام عليها، وتنافس فيما مضى على زعامة الليكود، بيد ان الحظ لم يحالفه في كانون اول / ديسمبر الماضي (2019) حيث حصل على 30% من اصوات الليكوديين، في حين حصل زعيم الحزب على 70%. ورغم عمليات التحريض الواسعة، التي شنها رئيس الحكومة الفاسد وأنصاره لعزله كمقدمة  لإخراجه من الحزب، إلآ ان ساعر أكد تمسكه بموقعه، ورفض مغادرة الليكود انذاك.  
لكن مع قراءة رجل المزاج البارد على حد وصف محللة الشؤون الحزبية في صحيفة "يديعوت احرنوت" سيما كدمون التطورات المتحركة في المشهد الإسرائيلي، وخلوصه لإستنتاج، انه آن الآوان لتوجيه لطمة قوية لدحرجة بيبي نحو بوابة السجن، وإنزاله عن كرسي الحكم، مع تصويت 61 نائبا على حل الكنيست بالقراءة التمهيدية الأسبوع الماضي، ووقوف حزب غانتس مع هذا الحيار، وايضا مع إقتراب غروب شمس الرئيس ترامب عن البيت الأبيض، وفوز منافسه الديمقراطي، بايدن، إن لم تحدث تطورات مفاجئة، وقبل هذا وذاك مع قراءته للخارطة الحزبية الداخلية للحزب نفسه، وبروز تصدعات في مكونات العديد من القوى، وصعود نجم زعيم "يمينا" بينت، الذي لا يرى بشخصه الجدارة لقيادة تكتل اليمين في حال خسر نتنياهو، لذا أقدم جدعون ساعر على خطوته المتأخرة، والتي اعتبرها عدد من المراقبين الإسرائيليين ب"الشجاعة". لا سيما وان المنظومة الحزبية والسياسية الإسرائيلية والصهيونية عموما تعاني من ازمة قيادة.
وتأكيدا على ان خطوة الليكودي السابق لم تكن وحيدة، ومعزولة عن تنسيق مسبق مع عدد من أقرانه في الحزب وغيره من القوى اليمينية المتطرفة، اعلن كل من تسفيكا هاوزر ويوعاز هندل من كتلة "ديريخ يسرائيل" عن انضمامهما لساعر، ولخياره، واعلنا ان إسرائيل بحاجة لتغيير قيادة نتنياهو، الذي لم يعد حسب وجهة نظرهم جميعا مؤهلا لقيادة الحكومة والدولة. ولم تعد تفيده بشيء بضاعة التطبيع الفاسدة مع بعض الدول العربية مسلوبة الإرادة. كما قد ينضم إلى المنشق الليكودي الجديد، رئيس الأركان، غادي ايزنكوت، فضلا عن عدد من رموز الليكود، الذين يرفضون تغول زعيمهم الفاسد، ولم يعودوا قادرين على البقاء تحت قيادته، ويرفضون تمسكه بالحكم، رغم توجيه تهم الفساد والإحتيال وخيانة الأمانة والرشوة رسميا له.
ما اهمية هذا المستجد النوعي نسبيا في المشهد الإسرائيلي عموما، والليكودي خصوصا؟ هل يكسر التابو النتنياهوي، ويحطم صورته الهشة، ام قد تكون ضربة هامشية؟ هل تدفع عربة الإنتخابات للإمام ام تؤجلها؟ وهل تعمق من إنشقاق الليكود، وتكون بمثابة الشعرة التي تقسم ظهر البعير؟ مما لا شك فيه، ان خطوة ساعر المتأخرة من وجهة نظري عام على اقل تقدير، يمكن اعتبارها خطوة بالإتجاه الصحيح اسرائيليا للتخلص من الحاكم الفاسد، وتفتح الأفق امام مزيد من الإنشقاق داخل الليكود، وقد تكون شبيهة بإنشقاق شارون عن الليكود، وتشكيله حزب "كاديما" عام 2005، الذي اندثر وتلاشى نتيجة إفلاس قادته بعد رحيل الملك الإسرائيلي السابق. لإن عقد المسبحة الليكودية يبدو انه إنفرط.  وبالنسبة لموضوع الإنتخابات، ورغم إقرار اللجنة الوزارية قبل ثلاثة ايام عن التوجه للإنتخابات بعد المصادقة التمهيدية عليها، وبعد تحديد يوم ال16 من اذار/ مارس 2021 القادم موعدا لها، بيد ان إمكانية تراجع حزب "ازرق ابيض" عن دعم الإنتخابات في ضوء التطور الجديد، إمكانية قائمة. لإن استطلاعات الرأي أعطت للمنافس الجديد ما بين 16 و17 مقعدا في حال جرت انتخابات جديدة، وبذات الوقت تراجعت مكانة حزب وحصة غانتس إلى 7 او 6 مقاعد. غير ان الليكود، الذي يرفض اجراء الإنتخابات الآن، مازال محافظا على تقدمه في حصوله على 25 او 26 مقعدا. لكن ذلك لا يؤهله في ضوء توزع المقاعد على الكتل القديمة والجديدة على حصاد ما يريد من المقاعد لقيادة الدولة، مع ان احد الإستطلاعات اشار إلى إمكانية حصول اليمين على 61 مقعدا. لكن هذة النتيجة لا تصب لصالح قيادة ساكن شارع بلفور. وبالتالي إمكانية وصول نتنياهو وغانتس إلى مساومة تحفظ ماء وجههما، هي امكانية منطقية، إن لم يُّصر "كاحول لافان" على موقفه، ويمضي إلى الإنتخابات في حال لم يتراجع زعيم الليكود عن تعنته، ورفضه اقرار الموازنة، وعدم وفائه بالتناوب على رئاسة الحكومة. يوم الأثنين القادم (غدا) تتضح الصورة بشكل جلي، وتزيل كل الغموض والتشوش في المشهد الإسرائيلي.
[email protected]
[email protected]