فشل التمديد مؤشر للانهيار

بي دي ان |

08 يونيو 2022 الساعة 12:42ص

دولة إسرائيل الفاشية، وغير الشرعية، التي لا تملك دستورا، ورفضت الالتزام بالحدود التي اقرها قرار التقسيم الدولي 181، وبالتالي لا حدود لها، لانها تقوم على سياسة القضم التدريجي للأرض الفلسطينية العربية التي لم تسيطر عليها عام النكبة 1948، وتعمل على مدار الساعة منذ قيامها قبل 74 عاما على انتهاج سياسة التمدد والتوسع من خلال الحروب والبناء الاستيطاني الاستعماري وفق خطط مدروسة ومعدة سلفا، ولهذا اعتمدت قياداتها السياسية والعسكرية مقولة: "أينما وصلت اقدام الجنود الإسرائيليين تكون حدود دولة إسرائيل".
اذا هذه الدولة لا تحكمها القوانين، ولا المعايير والقيم والمعاهدات والمواثيق الأممية، انما نواظم المشروع الكولونيالي الصهيوني ومصالح اسيادها في الغرب الرأسمالي. والقوانين المعمول بها داخل إسرائيل هي لخدمة المرتزقة الصهاينة، وان وجدت قوانين ذات صلة بالشعب الفلسطيني ومصالحه وحقوقه، تكون أداة لتشريع المزيد من الانتهاكات وجرائم الحرب ولفرض السيطرة على ما تبقى من ارض وطنهم، ولتبديد مصالحهم وحقوقهم الوطنية. وعليه فان قانون الطوارئ في الضفة الغربية، الذي اطلقته وشرعته إسرائيل بعد احتلالها للأرض الفلسطينية الباقية من فلسطين التاريخية عام 1967، يعتبر أولا امتدادا لقانون الطوارئ البريطاني لعام 1945، الذي تخلت عنه المملكة المتحدة، ثانيا يهدف لتمديد سريان استعمارها لاراضي الدولة الفلسطينية، ثالثا لتشريع استيطانها الاستعماري للأراضي الفلسطينية في الضفة بما فيها القدس العاصمة وقطاع غزة والجولان السورية؛ رابعا لاطلاق يد قطعان المستعمرين وادارتها الاستعمارية المسماة "المدنية" لاستباحة الدم الفلسطيني، ودفع خيار الترانسفير قدما، رابعا لحماية العصابات الصهيونية وتعزيز مكانتها من خلال تنظيم صلاحيات المحاكم "المدنية" الإسرائيلية، خامسا وفي ذات السياق يعتبر غطاءً قانونيا تحايليا على جرائم وموبقات قطعان المستعمرين في أراضي دولة فلسطين المحتلة والجولان السورية.
وعليه لا اتفق مع وجهات النظر القائلة ان عدم التمديد للقانون لا يسمح للصهاينة المستعمرين في الضفة الحصول على الهوية الإسرائيلية. لان هذا هراء، ولا أساس له من الصحة في الواقع العملي. لان الدولة ومنظومتها القانونية والتشريعية واداتها التنفيذية والدينية والتربوية الثقافية تعمل كلها لخدمة تعميق المشروع الاستيطاني الاستعماري، وبناء دولة إسرائيل الكاملة على فلسطين التاريخية. ومن يعود لقانون "أساس الدولة اليهودية" المصادق عليه في 19 تموز / يوليو 2018 يؤكد هذه الحقيقة، حيث جزم القانون ان "حق تقرير المصير في فلسطين كلها من البحر الى النهر لليهود الصهاينة فقط دون سواهم" وهو ما ينفي حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم على ارض وطنهم الام. ويعتبر القانون الناظم الأساس لعلاقة مركز الدولة في تل ابيب مع المستوطنين في الضفة بما فيها القدس العاصمة الفلسطينية الأبدية. وبالتالي الحديث عن حرمان المستعمرين من التأمين الصحي، والانضمام لنقابة المحامين وغيرها من المسائل ذات الصلة بحقوقهم الاستعمارية لا أساس له من الصحة وتم تجاوز هذه التفاصيل عبر إقرار قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية."
ومع ذلك، من المؤكد ان عدم إقرار تمديد القانون اول امس الاثنين الموافق 6 حزيران الحالي شكل هزيمة للائتلاف الحكومي، واكد بما لا يدع مجالا للشك، ان الحكومة باتت قاب قوسين او ادنى من الانهيار والتفكك. وهذا ما حذر ونبه منه جدعون ساعر، حين طالب بضرورة تصويت كل مكونات الائتلاف على التمديد للقانون. لانه وفق ما ذكر، في حال لم يصوت الجميع، فانه انذار واضح بانهيار الائتلاف. وهو عنوان من عناوين الثقة بالحكومة، التي لم تعد لديها اية حصانة نيابية.
وكان لرفض النائبين مازن غنايم (راعم) وغيداء زعبي (ميريتس) التمديد للقانون أهمية نسبية، لان رفضهم كشف افلاس الائتلاف الحاكم، وقابليته للانهيار، لان التناقضات القائمة والممارسات العنصرية الوقحة لبينت ولبيد وغدعون ساعر وشاكيد وليبرمان اكدت بما لا يدع مجالا للشك، ان كل المسكنات والمهدئات للمحافظة على الائتلاف فشلت، وبالتالي لم يبق سوى إزالة قشة صغيرة لقصم ظهر بعير الحكومة وسقوطها، والذهاب للانتخابات مجددا.
كما ان عدم تصويت المعارضة من اليمين الصهيوني المتطرف لم يكن رفضا لمبدأ التمديد، وانما التمهيد لاسقاط حكومة بينت / لبيد، ونتاج حسابات فئوية خاصة. بالمحصلة مدد للقانون او لم يمدد لن يشكل أي عقبة امام مواصلة حكومة التغيير او اية حكومة إسرائيلية قادمة في تعميق الاستيطان الاستعماري، ولن يتأثر أي مستعمر صهيوني من ذلك، وسيعمل الجميع على تبديد خيار السلام الممكن والمقبول، حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران1967، ولعبة القوانين لم تعد تنطلي على احد، لانها تستخدم لتلميع صفحة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية.