تطبيع المغرب .. «الصفقة والصفعة»

بي دي ان |

12 ديسمبر 2020 الساعة 08:29م

من جديد، حفلة "إعلان تطبيع أخرى" وهذه المرة المغرب، الدولة الرابعة التي تعلن تطبيعها مع العدو الإسرائيلي، مقابل وعود أمريكية مزعومة لابرام صفقة ما، يتم خلالها إعلان ترامب "الصحراء الغربية" المتنازع عليها جزء من المغرب، ولست أدري فعلا إن كان هذا الاعتراف الأمريكي، كاف لحسم الصراع بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء أم أن هذا الاعتراف الأحادي هو الذي سيفترش الأرض لمعركة جديدة بين المتخاصمين ؟!.

لا نذيع سرا عندما نقول أن المغرب لديه علاقات استخباراتية مع "إسرائيل" منذ الستينات، وأن القصر الملكي المغربي كان مفتوحا دائما لعلاقات دبلوماسية علنية مع "إسرائيل"، إلا أنها توقفت بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، لتعود من جديد بعد لقاءات سرية استمرت سنوات، وفق تسريبات إعلامية  كشف النقاب عنها جليا مؤخرا.

المغرب الشقيق والذي لا تربطه علاقات طيبة مع الشعب الفلسطيني فحسب، بل نال ثقة الجميع ليصبح رئيسا للجنة القدس، وهذا يعطيه صفة إضافية تجاه قضية فلسطين. كان الأجدر لهذه الثقة أو الإضافة أن تكون سببا لوقف أو منع هذا التطبيع الساري المفعول منذ سنوات خفية، وكل ما في الأمر أنه تم الإعلان عنه فقط. 

باتت الأمة العربية تبيع وتشتري، كذبا وزورا، باسم فلسطين، غطاء كاذبا ووهميا لكل مؤامراتهم وخيانتهم للقضية الفلسطينية، مع العلم أن كل حفلات التطبيع تلك هي اعتراف واضح وصريح بكل عمليات الضم والتهويد والقتل والاستيطان الإسرائيلية، وسرقة الموروث الثقافي الفلسطيني، وهي دعم لكل مخططات العدو الإسرائيلي بكل روايته المزعومة من جهة، وترك الفلسطينين وحدهم  من جهة أخرى، في معركتهم اليومية التي امتدت عبر عقود طويلة يجابهون ويقاتلون ويستشهدون في سبيل الدفاع عن حقوقهم ووطنهم. طعنة جديدة في خاصرة فلسطين من بلد شقيق وحبيب، دون علمنا ما إذا كنّا نستطيع أن نعول على وعي الشعب المغربي وحبه وإدراكه لحقوق الفلسطيني في أرضه أم لا، خاصة في ظل غياب الديمقراطية في بلداننا العربية على وجه العموم.

إن سقوط قلعة عربية جديدة في وحل التطبيع هي مأساة جديدة تحل على القضية الفلسطينية، نكسة أخرى لكنها ملساء، ترتدي ثوبا ناعم، وفي الوقت ذاته، هل تساءلنا نحن الفلسطينيون ما إذا كانت  الدبلوماسية الفلسطينية تتحمل جزءا من هذه الخطيئة أم لا، وبالنظر للسابق، خاطبت حركة فتح ومنذ عقود مضت، المؤسسات والمنظمات والأحزاب في جميع دول العالم وأقامت العلاقات في خطوة منها لتعزيز الوعي العربي خاصة تجاه القضية الفلسطينية، لقد بدأ واضحا أن هناك قصور في أداء الدبلوماسية الفلسطينة، ولم يتم حتى إعادة تقييم عمل سفاراتنا بالخارج، كما أن هناك ضعف في واجبنا كفلسطينين تجاه التواصل مع شعوبنا العربية بمؤسساتها وحركاتها وأحزابها وبرلماناتها.

بعد كل حفلة تطبيع لدى دولة عربية، يقابلها وابل من البيانات والاستنكارات من قبلنا كفلسطينين، في حين لم نجر أي تقييم لأدائنا وفعلنا غير المتكافئ مع ما نتعرض له، نحن أصحاب القضية بكل أسف نفتقد لفعل مؤثر وصاخب، وكأن حالة يأس تلف إرادتنا فتطرحها وتكسرها وفي تساؤلات مشروعة: هل فقدنا كل أصحاب الفعل الحقيقيون؟! وهل عزفنا عن فكرة تجديد دماء وضخ شباب لمعركة لا تنتهي؟! وهل بات الحفاظ على وزير هنا وسفير هناك أهم بكثير من الحفاظ على قضيتنا الفلسطينية ؟!. أعتقد أنه في حال بقاء الأداء الفلسطيني الدبلوماسي والفصائلي بنفس الآلية، أقترح طباعة نماذج للشجب للأيام القليلة القادمة، مع تمنياتي بعدم إظهار ملامح الإندهاش .