مسيرة الأعلام.. من غاب ومن حضر؟!

بي دي ان |

01 يونيو 2022 الساعة 12:38ص

مايو/ أيار حمل في طياته العديد من التواريخ والمناسبات الوطنية، تماما كما كتبت معظم تفاصيل أيامه بدماء أطفال فلسطينيين بفعل الإرهاب الإسرائيلي الذي تقصد في كل الأحوال إطلاق النار على الجزء الأعلى بنية القتل، فكان الشهداء الأطفال الذين حرموا حياتهم وحرموا البقاء في مدارسهم مع زملائهم وحرموا الأمنيات التي خبؤوها لسنوات قادمة. 

أيار ومنذ ٧٤ عام يعيد لأذهاننا وذاكرتنا ذكرى النكبة والمجازر البشعة التي ارتكبها العدو الصهيوني بأبناء شعبنا لطرد أصحاب البيوت من بيوتهم وإحلال مستوطنين جدد أتوا بهم من الخارج، وتشتت الفلسطينيين السكان الأصليين في مختلف دول العالم مهجرين مطرودين من أراضيهم وإلى الآن. 

واستمرارًا لجرائم دولة الكيان قام الاحتلال بترتيب وحماية مسيرة الأعلام الاستفزازية الإسرائيلية الأحد الماضي، وبهذا يكون قد مر ثلاثة وخمسين عام على بداية هذه المسيرة، حيث سارت في محيط البلدة القديمة بالقدس المحتلة إلى باحة حائط البراق التي حولها الاحتلال إلى باحة للصلوات التوراتية الدينية، حيث سار ما يقارب خمس وعشرين ألف مستوطن تحت حماية ما يقارب ثلاثة آلاف شرطي احتلالي، عاثوا فسادا بالقدس وقتلوا أطفالها ودمروا ممتلكات الفلسطينيين، وضربوا النساء واعتقلوا وعذبوا عشرات الشباب، مارسوا الارهاب بأبشع صوره وبوحشية فائقة وأمام الكاميرات دون أي اعتبار لأي شيء انساني أو قانوني أو دولي. 

وفي قراءة متأنية لما حدث خلال المسيرة الاستفزازية نلاحظ: غياب فعل فلسطيني شامل، حيث وجود المدافعين والمرابطين كان حجمهم متواضع قياسًا بحجم الجريمة الصهيونية المرتكبة. كنا بانتظار انتفاضة قوية واشعال ثورة من أهلنا بالداخل، لكن هذا أيضا لم يكن.  

قامت مسيرات رفع أعلام فلسطينية بالضفة الغربية، فلم تشكل واحد بالمئة لمسيرة أو اعتصام ينادي بسقوط السلطة، أو سقوط قانون سيداو أو "عيد ميلاد فصيل معين". 

عيون كثيرة كانت تنظر لغزة وتترقب فعل يشفي غل المقدسيين خاصة والفلسطينيين عامة بناء على تهديدات فصائلية خاصة من حركة حماس "أنه في حال تكرر مشهد تدنيس القدس أو استباحته فإن " ١١١١ " صارخ سينطلق على دولة الكيان في الرشقة الأولى، وسيكون زلزال هنا وبركان هناك.. وتفاجأ الجميع أن ما كان في غزة "مباراة كرة قدم". 

إن كاتبة هذه السطور من مدينة غزة، وأمام بيتها وأمام عينها سقط برج الجوهرة الذي يقابل بيتي مباشرة، وكوني أقطن شارع الوحدة وما أدراك ما شارع الوحدة في العدوان الأخير على غزة ( شهر مايو ) من العام الماضي، بالتالي ندرك جيدًا ونعيش حالة البؤس وتفاصيل العذاب والكوارث التي نتجت عن العدوان الماضي "ومازالت" وهذا يعني أن غزة لا تحتمل أي عدوان جديد، بالتالي كان على حماس أن لا ترفع سقف الآمال والوعود والتوعد برشق هذا الكم من آلاف الصواريخ لأن الثقة مهمة خاصة في ظل ظروف ومعطيات حساسة للغاية، في حين أنه لو تم اغتيال قيادي بالحركة لكانت هناك المغامرة ورشق الصورايخ وهذا ما حدث حين اغتيال الجعبري،  وهددت به حماس مؤخرا، أنه في حال اغتيال قيادي منها سيكون الرد المزلزل وضرب تل ابيب بشكلٍ لم تتوقعه. وإلى سيل من التهديدات، مما يجعل الجميع  يتساءل هل القيادي أغلى وأهم وأكثر قدسية من الأقصى ؟! وسؤال آخر هل الصواريخ التي فعليا لم تثبت جدواها من حيث النتائج الميدانية سوا الهلع وحفر حفرة؛ هي الفعل المقاوم الوحيد ؟ ألا توجد هناك أي وسائل أخرى ؟ أم أن الفعل ذاته كان محظورا بفعل ضغوط معينة ومصالح معينة ؟

بالعموم هذه التساؤلات وغيرها تساءلها الشارع الفلسطيني وهذا حقه، لأنه على مايبدو أصيب المقدسيين تحديدا بخيبة أمل بل والأقصى أيضا. 

كما أنه من الملاحظ خلال المسيرة، صمت مطبق للشعوب العربية التي كانت دائما تطوف شوارع وأزقة مدنها نصرة للأقصى، صاحبها بضع من الإدانات الاعتيادية من قبل أنظمة عربية أدانت بالمساء واستيقظت على حفل في ذكرى "استقلال إسرائيل المزعوم" البحرين مثال مخزي على ذلك؛ ولست أعلم هل تمعن العرب المطبعون المطبلون بهتافات المستوطنين في المسيرة التي تنادي بالموت للعرب والشتائم على النبي محمد عليه والسلام وغيرها. ألم يدركوا خطورة تدنيس المستوطنين للأقصى مسرى الرسول عليه السلام؟ غريبة هذه البلادة وهذا السقوط المدوي لبعض الأنظمة العربية. 

في هذه الظروف وبعد المسيرة مطلوب من الفلسطيينين تقييم برامجهم الوطنية، واعادة الاعتبار للوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام الذي يعتبر نكبة ثالثة على الفلسطينيين، لأنه ثبت لا أحد مع الفلسطيني إلا الفلسطيني وليس جميعهم انما الأحرار منهم والمخلصين والأوفياء لوطنهم، وتكثيف الدعاوي لملاحقة العدو قانونيا عبر المؤسسات والمحاكم الدولية، وفضح جرائم الاحتلال عبر كل الوسائل والمنابر الدولية.

للقائد ابن القدس البار "فيصل الحسيني في ذكراه" لروحك الطاهرة سلام.. ولقلبك وردة.