العراق يجرم التطبيع

بي دي ان |

30 مايو 2022 الساعة 01:24م

اعادنا قانون تجريم التطبيع الذي صادق عليه مجلس النواب العراقي بالاجماع يوم الخميس الفائت الموافق 26 أيار / مايو الحالي الى الزمن العربي الجميل، كونه يأتي في لحظة عربية رسمية غاية في القتامة والسوداوية في اعقاب غرق عدد من الأنظمة السياسية في مستنقع التطبيع المجاني، او ما يسمى ب"السلام الابراهيمي" احد اهم مرتكزات صفقة القرن الترامبية.، وسقوط المناعة العربية في ظل غياب ضوابط ومعايير ركائز الامن القومي.  
وبداية تملي الضرورة تثمين موقف من بادر لطرح القانون، ومن صوت عليه، وهتف له وباركه. لا سيما وان الشعب العربي الفلسطيني دفع ويدفع ثمن التطبيع الاستسلامي غاليا جدا من دم أبنائه، ومن مكانة قضية العرب المركزية نتاج تخلي الغالبية العظمى من الأنظمة السياسية عن دورهم كحاضنة لفلسطين ومصالح وثوابت شعبها، والانزلاق نحو حالة التية والاغتراب عن أولويات ومحددات المصالح القومية، وقلب معادلات الصراع رأسا على عقب.
وأي كانت سمات وخصائص الحالة العراقية، وواقع القوى والأحزاب والجماعات السياسية وخلفياتها الفكرية والعقائدية في بلاد الراقدين، فإن إقرار القانون وبالاجماع يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح، ونقلة مهمة لكسر الواقع البائس في السياسة الرسمية العربية، وكبح جماح التغييب المتعمد للوعي العربي، وبداية وضع صرارة لوقف التدهور في منظومة الاستسلام المهينة والمذلة للوطن العربي الكبير من المحيط الى الخليج.
ومما لا شك فيه، ان الخطوة العراقية والجزائرية والتونسية تشكل رافعة لكل القوى والاطارات القومية السياسية الرسمية والشعبية، وفتحت الباب واسعا امام تعميق هذه الخطوات الشجاعة على اكثر من مستوى وصعيد للخروج من شرنقة الضياع وعمى الألوان. خاصة وان دولة الاستعمار الإسرائيلية ومن ورائها الولايات المتحدة استباحتا كل المحرمات والقوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية ومرجعيات عملية السلام، ولم تبق إسرائيل المارقة والخارجة على القانون جريمة حرب الا وارتكبتها، ومازالت تتغول على الشعب الفلسطيني ومصالحه، وكل يوم جديد من دورة استعمارها تصعد من دمويتها واستيطانها الاستعماري، وانفلات جيش موتها وعصاباتها الإرهابية ضد أبناء الشعب الفلسطيني منذ 74 عاما خلت لتركيعه، وكي وعي أبنائه للخضوع والاستسلام لمشيئة مخططها الكولونيالي الاجرامي، وهذا لن يحدث مهما كانت التضحيات الجسام التي سيدفعها الشعب الفلسطيني المتمسك والمدافع عن حقوقه وثوابته الوطنية في وطنه الام.
وتكمن أهمية القانون العراقي في حظر التطبيع " على كل من العراقيين داخل العراق وخارجه، بمن فيهم المسؤولون وموظفو الدولة والمكلفون بخدمة عامة من المدنيين والعسكريين والأجانب المقيمون في العراق، ومؤسسات الدولة كافة وحكومات الأقاليم ومجالسها البرلمانية ودوائرها، إضافة لوسائل الاعلام العراقية ووسائل التواصل الاجتماعي ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في العراق، مع الشركات الخاصة والشركات والمؤسسات الأجنبية والمستثمرين الأجانب العاملين في العراق." أي ان القانون لم يبق نافذة ولو ضيقة لمن يتبع للعراق الكبير في الداخل والخارج الا واخضعه للتجريم في حال ارتكب جريمة التطبيع مع دولة الابرتهايد الصهيونية. كما ادرج الأجانب الذين يعيشون على ارضه، والمستثمرين وكل من تطأ قدمه ارض العراق. وبالتالي فرض طوقا قانونيا واضحا وجليا لا لبس ولا غموض ولا ضبابية فيه على كل من له صلة ما ببلاد الرافدين.
وهو ما يستدعي من مؤسسات النظام السياسية والقضائية والأمنية اتخاذ ما يلزم من إجراءات لردع كل من تورط مع دولة المشروع الصهيوني الاستعمارية سابقا بعد عام 2003 وحتى الآن. والعمل على تنظيف العراق من كل البؤر العميلة والمأجورة المرتبطة بإسرائيل، ورفع الغطاء عن اية قوى اثنية او دينية او مذهبية ترتبط بالعلاقة مع دولة الجريمة والإرهاب المنظم الصهيونية. وملاحقتها وفق القانون الذي صوتت عليه كافة الكتل والقوى البرلمانية العراقية.
وعليه فان اقرار قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل يمثل خطوة متقدمة يفترض المراكمة عليها لاعادة العراق للعب دوره الهام في الجبهة الشرقية، ومنع إسرائيل من التمدد اكثر فاكثر في الساحات العربية على طريق كنس الاستعمار ومخلفاته في فلسطين والوطن العربي الكبير.
[email protected]
[email protected]