"أزمة الرواتب" والحكومات الثلاث

بي دي ان |

04 ديسمبر 2020 الساعة 11:15م

لم يكن تقاضي ما يعادل ثلث راتب من إجمالي رواتب موظفي السلطة الوطنية في المحافظات الجنوبية، الأزمة المالية الأولى التي يعانيها الموظفون، فبعد نجاح حركة حماس في الانتخابات عام 2006 وأصبحت جزءا من الحكومة الفلسطينية أنداك، مر الموظفون بضائقة مالية كبيرة بعد تأخر الرواتب عدة شهور ومن ثم أصبح الموظف يتقاضى ألف شيكل، إلى أن انتظم راتبه بعد شهور عديدة تحمل خلالها الموظف هذه الأزمة، في عام 2017 أصدر د رامي الحمد الله رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، قرارا بخصم ما يعادل 25 % من موظفي السلطة، في المحافظات الجنوبية، وكأنه كتب على موظفي هذه البقعة السيئة الحظ، تحمل وزر كل فعل وفاعل سياسي، وحتى هواة السياسة، لتستمر بنا الكارثة التي نتجت عن القرار حتى يومنا هذا، بكل ما حمله هذا القرار من تداعيات على الموظفين وأسرهم.

ولعل الأسوأ من ذلك هو قرار وضع جزء كبير من الموظفين على مقصلة  "التقاعد المالي"  وهو اختراع غريب لم نشهده إلا في تلك الحكومة وفِي بلادنا هذه، قانون يفرض على الموظف أن يبقى على رأس عمله، لكنه في ذات الوقت متقاعد ماليا، أي لا يتقاضى راتبه كاملا ولا نصفا، هذه العبثية في قرارات لم يعد يتحملها الموظفين، كان لابد لها من حل، فلا يجوز أن يتحمل الموظف وزر أي حدث سياسي مهما كان، خاصة أنه على أكتافهم تم بناء اللبنات الأولى والأهم في مؤسسات دولتنا التي لم تكتمل بفعل فاعلين خطيرين"الاحتلال" و"الانقسام". 

حمل ثقل هذه الملفات د. محمد اشتية فور تكليفه رئاسة الحكومة الفلسطينية الثامنة عشر، وسط آمال وتفاؤلات جمة من قبل الموظفين بتحسين أحوالهم وإنصافهم وعودة حقوقهم لاسيما بعد إعلان د. اشتية أن التقاعد المالي غير قانوني ووعوده المتكررة بحل القضية، الجدير بالذكر أن إجمالي ما يتم خصمه من رواتب عموم الموظفين يصل إلى 25% ولم نستنتج أي قرار أو إقرار من التصريحات الحكومية السابقة، إلى أن صدرت تصريحات على لسان الأخ روحي فتوح، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، أقر فيها بأنهم " تجرّؤوا على أولادهم وخصموا من رواتبهم 25%".

 شكلت هذه المفاجأة التي أثارها الأخ روحي فتوح  رسالة واضحة واعترافا صريحا بحقوق الموظفين ومستحقاتهم لدى الحكومة، وبذلك يكون قد فعل خيرا بهذا الاعتراف الواضح والجريء. بقي الآن، وفِي ظل استلام السلطة الوطنية أموال المقاصة من جهة ووجود لجنة مشكلة بالأساس للبحث في قضايا غزة من جهة أخرى، يجب العمل فورا، وليس التفكير، بمتابعة قضايا موظفي المحافظات الجنوبية، ووقف كل هذه الإجراءات التي لا تليق بهم، حفاظا على كرامة الموظف وأسرته، وخاصة بعد خصم كافة اقساط البنوك دفعة واحدة واستياء الموظفين جراء ذلك، في خطوة أثبتت خلالها بنوكنا الوطنية أنها بحاجة إلى تعزيز الوطنية لديها. 

المطلوب الآن إنهاء هذا الملف المالي بأقصى سرعة كي نتفرغ لما هو أهم، فلدينا احتلال غاشم، مطلوب تكاتف الجميع في مواجهته، فلا يمكن أن ننتظر من جائع أن يثور ضد احتلال، وكفانا كسر لهيبة شبابنا ورجالنا، ولنأخذهم من مربع الذل والخذلان إلى مربع الكرامة، كما أنه مهم جدا عدم تجاهل جائحة كورونا وما يصاحبها من تداعيات حظر التجوال وحاجة الأسر لمتطلبات حماية ووقاية وأغذية وأدوية مختلف، جميعها تضاف إلى فاتورة الموظف .