اتهامات روسيا باطلة

بي دي ان |

06 ابريل 2022 الساعة 05:36ص

ما اود الكتابة فيه موضوع مثار منذ أيام قليلة، عنوانه حملة تشهير واسعة ضد روسيا وجيشها بهدف التشهير بها، وبالصاق انتهاكات تصل لجرائم حرب بجيشها في الحرب الدائرة في مدينة "اوتشا" في نطاق العاصمة كييف. وسأحرص كل الحرص على الموضوعية بعيدا عن التحيز والاسقاطات الرغبوية، وعدم مدارة طرف ضد الطرف الاخر، وان كنت بمشاعري ورغباتي المعلنة ضد الولايات المتحدة الأميركية والغرب وإسرائيل الاستعمارية وما تمثل في الحرب. لكن هذا لا يعني عكس هذا البعد السياسي والعاطفي على الحدث والحرب الدائرة بين البلدين.
وانطلاقا من قراءتي التاريخية للحروب، فاني لا اضيف جديدا للقارىء بإعادة تذكيره بالسمات العامة للحروب، التي تتضمن حدوث حملات إعلامية متبادلة بين طرفي الصراع، وبث اشاعات مغرضة، كما ويجري تضخيم او العكس للخسائر والانجازات، وتعتيم على بعض جوانب الحرب، وفرض عقوبات متبادلة.
والحرب الروسية الأوكرانية، التي يشارك فيها الغرب الرأسمالي كله بكل ثقله السياسي والديبلوماسي والاقتصادي والمالي والأمني والسبيراني الا المشاركة المباشرة في ميادين القتال وفي كافة المجالات مؤيدا وداعما لاوكرانيا، التي شكلت رأس حربة له لتوريط روسيا الاتحادية في حرب قرر سيناريوهاتها وفقا لمصالحه وحساباته القومية والعالمية، من خلال التضحية بالشعب الاوكراني، وتمهيدا لاعادة تقسيم النفوذ في العالم، وتهميش دور روسيا، وعزلها كليا عن الغرب الأوروبي. ولهذا قادت الولايات المتحدة حملة عقوبات متعددة الأوجه لم يشهد لها العالم نظير بهدف تركيع روسيا، واخضاعها لمشيئة اباطرة رأس المال المالي الغربي.
بالعودة للحدث المحدد، فان وسائل الاعلام الأوكرانية بثت ونشرت قبل 3 أيام وتحديدا في الثالث من نيسان / ابريل الحالي مقطع فيديو يزعم انه تم تصويره في مدينة بوتشا شمال غرب العاصمة كييف، يتضمن وجود جثث قتلى اوكرانيين ملقاة على جنبات الطرق بشكل غير انساني في اتهام واضح للجيش الروسي بارتكاب عمليات القتل. مع ان القوات الروسية حسب المتحدث باسم الجيش الروسي، انسحبت من المدينة في ال30 من اذار / مارس الماضي. وبشهادة رئيس بلدية المدينة لم تكن هناك اية جثث في شوارع المدينة. اضف إلى ان المتتبع للحرب الروسية على أوكرانيا، لاحظ اتسامها بعدم استهدافها للمدنيين، لا بل حرص الجيش الروسي والقيادة السياسية بالفصل بين المدنيين الاوكران والنظام السياسي والقوات العسكرية الأوكرانية، حتى من استسلم من الجيش الاوكراني تم التعامل معهم بشكل انساني وفق معايير الصليب الأحمر الدولي كاسرى حرب، لا بل أعاد الكثيرين منهم لبيوتهم.
فضلا عن ذلك، لم يلحظ اية مظاهر انتفاخ على الجثث، ولا وجود لاثار دماء نازفة في الشوارع، لا بل الشريط المصور التقط لبعضهم وهم يضعون إشارات البيضاء الأوكرانية وكانوا يحركون أيديهم، وبعضهم انتقل من مكان لاخر اثناء مرور سيارة التصوير، مما يدلل على عملية تزوير وحملة تشويه للجيش الروسي. وحتى مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" أعلن للصحفيين "لا يمكننا تأكيد التقارير بشكل مستقل عن الفضائع في بوتشا، لا يمكننا تأكيد ذلك بشكل مستقل." مع ان الرئيس جو بايدن اعلن امس بعد تصريح المسؤول العسكري الأميركي اتهاما لما يسمى "جريمة" بوتشا. وهو تناقض صارخ في الموقف الأميركي بين المستويين السياسي والعسكري.
واعتبرت وزارة الدفاع الروسية ما نشر من صور ومقاطع فيديو من قبل النظام الاوكراني بمثابة عملية "استفزاز" جديد، وأضاف ان هذه المدينة الصغيرة كانت تحت سيطرة القوات الروسية قرابة الأسابيع الثلاثة، ولم يسجل فيها اية انتهاكات، كما لم يتم اغلاق مخارج المدينة في الاتجاه الشمالي، بينما قصفت القوات الأوكرانية على مدار الساعة الأطراف الجنوبية، بما في ذلك المناطق السكنية.
كما صرح وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، ان الوضع المفبرك والمزيف في بوتشا هو استفزاز، ويمثل تهديدا للسلم والامن الدوليين. وتابع في لقائه مع نائب الامين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفث "تم شن هجوم وهمي آخر في مدينة بوتشا بمنطقة كييف بعد ان غادرت القوات الروسية من هناك. وعلى اثر ذلك طلبت روسيا عقد جلسة طارئة لمجلس الامن لبحث عملية التزوير والاستفزاز الجديدة.  
من الواضح ان الفيديو لا يمت للحقيقة بصلة، ويتضمن حملة تشويه إضافية لروسيا وجيشها. حتى ان الرئيس زيلينسكي في اعقاب نشر الفيديو، سعى للتهرب من المفاوضات بذريعة، انه من الصعب مواصلة المفاوضات مع الجانب الروسي. مع ان المفاوضات مصلحة أولا للنظام السياسي في كييف قبل ان يكون مصلحة روسية. وبالنتيجة الاتهامات للجيش الروسي باطلة، ولا تمت للحقيقة بصلة. وهذا ليس دفاعا عن روسيا، وانما انصافا للحقيقة، ودرءا للحملة الغربية المتوحشة على روسيا الاتحادية.
[email protected]
[email protected]