الجزائريون لم يصفقوا لزيارة "بلينكن" !

بي دي ان |

03 ابريل 2022 الساعة 09:25م

في قمة إستمرت لست ساعات فقط، إستقبلت الجزائر لأول مرة منذ 22 عام وزير الخارجية الأمريكي  "بلينكن"، الذي إلتقى  مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره رمطان لعمامرة، وبحث الطرفان عدة ملفات، أبرزها الأمن والاستقرار الإقليميين وكذلك التعاون التجاري وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك. وشرح "بلينكن" في كلمته فوائد التطبيع مع "إسرائيل" واصفاً "قمة النقب" بأنها حدث تاريخي من أجل تحقيق التنمية والاستقرار والسلام في المنطقة. وبالرغم  من أن الجزائر من أشد المؤيدين للشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة، وتعارض بشدة التطبيع مع إسرائيل، صرح بلينكن من الجزائر بأن واشنطن تدعم هذا التطبيع و"تعتزم تشجيع الدول الأخرى على الانضمام إليه" في إشارة واضحة منه لتشجيع إنضمام الجزائر الى إتفاقية "أبراهام" التطبيعية  مع دولة الاحتلال. 
في الواقع، لم تلقى عبارات "بلينكن" هذه أي صدى وإهتمام في كلمات المسؤولين الجزائريين الذي شاركوا في القمة، كما أنها أيضاً لم يتم تداولها عبر وسائل الاعلام الجزائرية. فالجزائر من أشد الدول العربية المعارضة لأي خطوات تطبيعية مع دولة الاحتلال، كما أنها وقفت بحزم لمنع قبول "إسرائيل" كدولة مراقب في منظمة الدول الأفريقية. وتَعتبر الجزائر أن "إسرائيل" ليست فقط كياناً يغتصب حقوق الشعب الفلسطيني، وإنما هي أيضاً تمثل تهديداً صريحاً وقوياً للأمن القومي العربي. في هذا الاطار، لم يستطع "بلينكن" أن يقنع الجزائريين بأهمية التطبيع بين إسرائيل وبين دولة كبرى ونفطية في الاقليم العربي كالجزائر، بل إنه عندما تحدث عن الفوائد الاقتصادية لإتفاقية "أبراهام" لم يذكر أياً من هذه الفوائد، في الوقت الذي يدرك الجزائريون بأن "التطبيع العربي البيني" إن صح لنا التعبير، ستكون له الفوائد الاقتصادية والسياسية والأمنية الأكبر مقارنةً بالتطبيع مع إسرائيل. 
من زاوية أخرى، لا تأخذ الجزائر  التهويل الأمريكي والاسرائيلي بشأن الخطر الايراني محمل الجد، وتعتبر الجزائر أن علاقاتها القوية مع روسيا سواء في المجال الاقتصادي أو السياسي أو في مجال الطاقة يعتبر خطاً أحمر لا يجوز نقاشه. وفي الوقت الذي تباكي فيه "بلينكن" على الأزمة الأوكرانية داعياً دول المنطقة الى الوقوف مع "الضحية والمبادئ" على حد تعبير الأخير، يستشعر الجزائريون بقوة المعايير المزدوجة التي تكيل بها الولايات المتحدة تجاه هذه الأزمة مقارنةً بالقضية الفلسطينية. إضافةً الى ذلك، فإن كلمات "بلينكن" حول أسس حل الصراع في الصحراء المغربية في إطار جهود الأمم المتحدة، لم تزيل قلق الجزائريين الذين سمعوا خطاب "بلينكن" نفسه في الرباط قبل يوم من زيارته للجزائر، وهو يؤيد خطوات الحكم الذاتي في الصحراء المغربية. 
من الواضح، أن "بلينكن" لم يكن مقنعاً في الجزائر، ولم يقدم لهم أي شئ، ولذا لم يصفق له الجزائريون، بل إنهم إعتبروا الزيارة تأتي في سياق البرتوكول أكثر من كونها قادرة على إرساء مرحلة جديدة في العلاقات الأمريكية الجزائرية تقوم على مبادئ المساواة وإحترام سيادة الدول، وإحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، ومقاومة الاستعمار والامبريالية؛ وهي المبادئ الأساسية في سياسة الجزائر الخارجية التي أرسى قواعدها منذ عقود طويلة الرئيس الجزائري الراحل "بومدين".

• مدير وحدة الأبحاث في معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي