المقاصة حق وليست منّةْ

بي دي ان |

02 ديسمبر 2020 الساعة 07:44ص

مجددا تعيد حكومة نتنياهو غانتس موضوع اموال المقاصة إلى صدارة المشهد السياسي الفلسطيني الإسرائيلي بعد قرار الكابنيت السياسي الأمني خصم 600 مليون شيكل من اموال المقاصة، التي تدفع لذوي واسر الشهداء والأسرى يوم الأحد الماضي الموافق 29/11/2020، والذي يعتبر متناقضا مع أولا الرسالة التي ارسلها المنسق الإسرائيلي، كميل ابو ركن لحسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية قبل ايام قليلة، والذي إلتزمت فيه حكومة نتنياهو بالإتفاقات المبرمة وخاصة الجانب المالي بين الجانبين؛ وثانيا للتعهد الذي قطعته القيادة الإسرائيلية للوسيط الأوروبي، دولة النرويج خصوصا والأوروبيين عموما. هذا ويكشف التصرف الإسرائيلي الإستعماري الجديد القديم عن عدم الإلتزام باي تعهد قطعه على نفسه، ويُصر على إنتهاج سياسة التغول والإستقواء على حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، وتوجيه صفعة للمطبعين العرب، الذين طالبوا القيادة الفلسطينية لإستلام اموال المقاصة، ولاولئك الذين إدعوا ان التطبيع مع اسرائيل سيوقف الضم، ويدعم خيار السلام، كما انه يشكل استهتارا واساءةً للإتحاد الأوروبي، الذي ضغط على القيادة الفلسطينية لإستلام تلك الأموال.
ومن نافل القول، ان القرصنة الإسرائيلية بمثابة نسف لبرتوكول باريس الإقتصادي، ولكل الإتفاقات الموقعة، وشكلا من اشكال كي الوعي الفلسطيني بالقوة والإبتزاز، وفرض الإملاءات للتخلي عن رموز الثورة الفلسطينية من شهداء وأسرى حرية، وكأن الدولة الصهيونية تريد ان تنزع عن منظمة التحرير وسلطتها الوطنية ثوبها الوطني، وتعريتها امام ابطال المجد والحرية، وامام شعبها وكل احرار العالم من هويتها التحررية، وتحيلها لقائمة الأدوات المنبوذة، وتشويه رصيدها وتاريخها الوطني المجيد. بيد انها ستفشل، كما فشلت خلال الستة وعشرين عاما الماضية. لإن القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس لم، ولن تقبل المساومة على هويتها ودورها الوطني التحرري، ومكانتها التاريخية كقائدة لسفينة الحرية والإستقلال والعودة وتقرير المصير، ولن تستسلم امام الضغوط والإملاءات الإسرائيلية مهما ناورت وإستخدمت من اساليب قذرة ومفضوحة.
وعلى ما يبدو ان القيادات الصهيونية لم تتعلم من درس التاريخ في الصراع مع القيادة الفلسطينية، وإختلطت عليها الأمور، وفشلت في تقدير الموقف، ولم تميز بين المرونة السياسية، التي تنتهجها القيادة الفلسطينية لبناء جسور السلام الممكن والمقبول على اساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لإبناء الشعب داخل دولة إسرائيل، وبين الإستسلام لرؤيتها الإستعمارية. وتتجاهل عن سابق تصميم وإصرار، أن الشعب العربي الفلسطيني، هو صاحب الأرض والتاريخ والهوية، وصاحب الرواية الأصلية، التي ستبقى الشوكة في حلقها. والتي لن يتخلى عنها الشعب حتى بعد بناء ركائز السلام. لإن هناك فرقا شاسعا بين القبول بالسلام والتعايش، وبين حقائق التاريخ وشواهده المتأصلة على الأرض، وفي الوعي والوجدان الوطني.
وعود على بدء، فإن قرصنة حكومة نتنياهو الأيلة للسقوط لإموال المقاصة، التي هي اموال الشعب العربي الفلسطيني الخالصة، وتأخذ عليها عمولة لصوصية 3%، لن تمر، ولن تتنازل عنها القيادة الفلسطينية مهما طال الزمن من الصراع السياسي والقانوني والمالي، وأي كان إختلال موازين القوى بين الشعب الفلسطيني وقيادته والقيادات والحكومات الإسرائيلية الحالية والقادمة. وعلى قوى الإئتلاف الصهيوني الهش الحاكم حتى الآن، ومعهم المعارضة من مختلف المسميات والتصنيفات الصهيونية ان تكف عن لعبة المنافسة السوداء فيما بينها على حساب مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني. لا سيما وان أجراس الإنتخابات بدأت تقرع من جديد، مما حدا بكل المكونات الصهيونية بالمزاودة فيما بينها على حساب الدم الفلسطيني، بإعتباره السلعة الأرخص، والأكثر إستقطابا لإصوات المستعمرين الصهاينة في صناديق الإقتراع. فضلا عن منهجها وخيارها الإستعماري الإستراتيجي الهادف لتصفية القضية وأهداف الشعب الفلسطيني.
آن الآوان على دول العالم قاطبة، ودول الإتحاد الأوروبي عموما والنرويج خصوصا العمل على وقف سياسة اللصوصية والقرصنة الصهيونية، وإلزامها بدفع كامل اموال المقاصة دون نقصان أغورة واحدة. لإن رواتب الشهداء والأسرى حق اساس ومقدس، لا يمكن التخلي عنه، او السماح بالعبث به، أو الإنتقاص منه، فهولاء كانوا ومازالوا أحد اهم روافع الكفاح الوطني التحرري. وكما قال الرئيس عباس لو بقي قرشا واحدا معنا، فهو للشهداء والأسرى اولا وثانيا ... وعاشرا والف.
[email protected]
[email protected]