بحر ومشكلته مع قانون الاسرة

بي دي ان |

29 مارس 2022 الساعة 11:22م

مازال قانون حماية الاسرة محل أخذ ورد من قبل قوى سياسية وحقوقية ومجتمعية ودينية، حيث تركز القوى الدينية وبعض الحقوقية هجومها على القانون لتوافقه مع اتفاقية "سيداو" محل التحريض والتشهير، مع ان الرئاسة والحكومة الفلسطينية وضحت للمرة الالف بأن تبني الاتفاقية كان مشروطا بمراعاة الواقع الاجتماعي والثقافي والديني. وحتى الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والمنظمات النسوية ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة لم تدر الظهر للواقع الاجتماعي، ومتمسكة بالعادات والقيم الأخلاقية والايجابية، وترفض منها بالضرورة المتخلفة والرجعية والبائدة.
اذا الموافقة على اتفاقية "سيداو" لم يكن اعتباطيا، ولم تتخلَ القيادات الرسمية عن اشتراطات الواقع الاجتماعي والموروث الحضاري الإيجابي، لا بل تمسكت به، وتدافع عنه، وتعمل على اغنائه وتجذيره بشكل يومي وفي مختلف المحافظات وحتى في دول الشتات من خلال اطر منظمة التحرير الشعبية والفصائلية، وتعمل جاهدة بكل الوسائل والسبل لحماية وتطور الاسرة الفلسطينية وفي الطليعة منها المرأة الفلسطينية عماد البيت والاسرة وحارسة روح الثورة والمقاومة.
انطلاقا مما تقدم، حرصت الرد على ما جاء في تصريح احمد بحر، العضو القيادي في حركة حماس يوم السبت الماضي الموافق 26 مارس الحالي، والذي استهدف فيه التحريض والإساءة للحكومة الفلسطينية، لانها مصممة على إقرار قانون حماية الاسرة الفلسطينية. وادعى أبو اكرم في تصريحه ل"دنيا الوطن" ان إقرار القانون يأتي "رغم مخالفته القانونية والدستورية وتعارضه مع الاحكام والتعاليم الإسلامية والقيم المجتمعية." ولم يكتفِ المسؤول الحمساوي بما ورد، انما افاض في ادعائه بالقول، ان "المجلس التشريعي (عن أي مجلس تشريعي تتحدث؟) حريص على صون الاسرة الفلسطينية وحفظ تماسكها من خلال القوانين والتشريعات، والتي يجب ان تمر بقنواتها السليمة،" وتابع موغلا في القفز عن الحقائق بالقول "فالمجلس التشريعي هو الجهة الوحيدة المخولة بإصدار القوانين والتشريعات."
من الواضح ان السيد بحر مازال يعيش في الماضي، لان المجلس التشريعي تم حله رسميا يوم السبت الموافق 23 كانون اول / ديسمبر 2018، ولم يعد له وجود. واما ان كنت تعتقد ان مجلس الصور الانقلابي، والذي لا يمت للتشريع بصلة، فهو منذ الانقلاب الأسود على الشرعية أواسط عام 2007 غير قانوني، ولا احد يعترف به لا في الوطن ولا في أي مكان، وبالتالي كان الاجدر بك ان تكتفِ بإصدار تصريحك بصفتك كعضو قيادي في حركة حماس، ووكونك جزء من الانقلاب فهذا ليس من حقك، لانك ترتكز على قاعدة متناقضة مع القانون والنظام الأساسي.
واما موقفك التحريضي والعدائي من الحكومة الشرعية وخلفياتها من إقرار القانون، فهي بالتأكيد الاحرص على القيم والقوانين ومع الاحكام الإيجابية من الموروث الحضاري الفلسطيني، وهي مصممة على حماية حقوق المرأة الفلسطينية، والارتقاء بمكانتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقانونية والسياسية، ولن تدخر جهدا من اجل تحقيق ذلك.
ومحاولتك ركوب موجة التحريض التي يقودها بعض رجال الدين ووجهاء العائلات والقانون، فاعتقد انك لم توفق، أولا لانك انقلبت عليها، كونك عضو قيادي في الانقلاب، وعليه لا يجوز لك من حيث المبدأ الحديث عن القانون والقيم، وانت تنتهكها منذ 14 عاما خلت بمواصلة الانقلاب على الشرعية الوطنية، وأيضا التلطي خلف اتفاقية "سيداو" لم يعد يفيدك بشيء. لان التوقيع على الاتفاقية الأممية، التي وقعت عليها 189 دولة وفي مقدمتها الدول العربية والإسلامية كان مرفقا بالملاحظة، التي اشرت لها من بداية كتابتي للمقال.
اضف إلى ان تقاطع قانون حماية الاسرة مع الاتفاقية امر طبيعي، ولا يعيب القانون، ولا ينتقص منه، ولا يسيء لمن وضعه. لانه بقدر ما دافع عن حقوق ومكتسبات المرأة ومساواتها بالرجل، بقدر ما اخذ الواقع الاجتماعي والثقافي والموروث الحضاري بعين الاعتبار. وسلط الضوء على نفي ومحاربة كل الانتهاكات الخطيرة التي تمس بمكانة المرأة الاجتماعية والقانونية والسياسية والاقتصادية، وسيعمل على ملاحقة كل من يأخذ القانون باليد تجاه المرأة، وسيدافع عن دورها ووضعها الإنساني والوطني والكفاحي، وسيدافع عن حريتها في العمل والحياة الكريمة، وحقها في الوصول لكافة المواقع الوظيفية وفي المقدمة السياسية.
مجددا ادعوا كل أصحاب المواقف التحريضية على الاتفاقية وعلى قانون حماية الاسرة الفلسطيني، ان يترجلوا عن منطقهم الخاطىء، لانه يسيء لوحدة وتطور المجتمع الفلسطيني، وبعض الابواق له اهداف مشبوهة ومسيئة للمجتمع وتقف وراءه دولة الاستعمار الإسرائيلية وادواتها المأجورة. وبالتالي على كل الوطنيين من مختلف المشارب والاتجاهات الدفاع عن المرأة وحقها الكريم والمساوي في الحياة للرجل وبما لا يتعارض والموروث الحضاري.
[email protected]
[email protected]