الذكرى الـ46 ليوم الأرض

بي دي ان |

27 مارس 2022 الساعة 08:46م

تحل بعد غدٍ الثلاثاء الذكرى ال46 ليوم الأرض الخالد في خضم تعاظم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على كل مليمتر من الأرض الفلسطينية، حيث تقوم حكومات إسرائيل الاستعمارية وادواتها الرسمية وشبه الرسمية بعمليات نهب وتهويد ومصادرة للأرض الفلسطينية العربية في كل فلسطين التاريخية، وان كانت تتسارع وتتكثف الان في القدس العاصمة الأبدية والنقب والمدن المختلطة، وكما اعلن امس المناضل محمد بركة في قرية سعوة/ النقب اثناء احياء ذكرى يوم الارض، فإن إسرائيل تصادر او تدمر بيت كل ست ساعات على مدار السنة، وتلجأ لكل الأساليب القذرة المعلنة والسرية للقضم التدريجي للأرض الفلسطينية لتحقيق اكثر من هدف: الأول وضع اليد على اكبر مساحة ممكنة من الأرض الفلسطينية؛ الثاني دفع الفلسطينيين للترانسفير، او القبول بالفتات من ملايين الدونمات المنهوبة؛ والثالث تضييق الخناق على من يرفض الهجرة والترانسفير وابتزازه في لقمة عيشه وسحب الجنسية منه؛ والرابع اقناع الفلسطيني انه غريب ولاجىء في ارض وطنه الام، وتكريس عملية قلب الصراع رأسا على عقب.
كما ان يوم الأرض يهل هذا العام والحزن يعم أبناء الشعب الفلسطيني لسبب رئيس، انه في الوقت الذي يحيون فيه ذكرى احد اهم أسباب الصراع والنكبة الفلسطينية، أي يوم الأرض، وفي الوقت الذي تتعمق وتتوسع فيه عمليات النهب والاستيطان الاستعماري في النقب، تعقد قمة إسرائيلية أميركية عربية اليوم الاثنين الموافق 28 مارس الحالي على ارض النقب الفلسطيني العربي، وبالقرب من قبر بن غوريون، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول، اضف إلى ان هدف القمة المذكورة لا يشير من قريب او بعيد لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولا لتنفيذ مبادرة السلام العربية، انما لمناقشة الملف الإيراني وملف الحرب الروسية الأوكرانية.
وعلى ما يبدو ان المسؤولين العرب المشاركين في القمة لا يميزون بين حقائق التاريخ وبين المرونة السياسية، بين المكان والزمان (التوقيت)، بين الاستراتيجية والتكتيك. مع ان كل من الولايات المتحدة والقيادات الإسرائيلية المختلفة يستثمرون كل لقاء، وكل موقف برمزيته التاريخية والسياسية، وعلى سبيل المثال امس الاحد في اجتماع حكومة بينت وعشية عقد القمة غير المرحب بها أعلنت عن بناء خمسة مستعمرات على ارض النقب، الذي يعقدوا فيه مؤتمرهم، ويشهد النقب ذاته هجمة استعمارية مسعورة منذ بداية العام لمصادرة ملايين الدونمات من أهلها واصحابها الفلسطينيين العرب. وكأن لسان حال إسرائيل يقول لابناء النقب الفلسطينيين العرب، ها نحن احضرنا المسؤولين العرب ليباركوا مخططاتنا ومشاريعنا العدوانية ضدكم.    
مع ذلك، سيبقى الشعب العربي الفلسطيني حريصا على العلاقات الأخوية العميقة مع الشعوب العربية، ويتمسك بقناعة بان حاضنته الاستراتيجية هي الجماهير الشعبية العربية، ولن يتنكر يوما لروابطه الأخوية مع كل الشعوب دون استثناء، ليس هذا فحسب، انما سيعمل على تعميق تلك الروابط الكفاحية على الصعد المختلفة.
مجددا والشعب العربي الفلسطيني يحي يوم الأرض، فإنه يجدد الوفاء والتمسك باهدافه وثوابته الوطنية كاملة غير منقوصة، ويؤكد لذاته ولعدوه الإسرائيلي الصهيوني ولكل العالم، انه ما لم يتم حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لارضهم وفق القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، فإنه لن يكون هناك استقرار وهدوء في المنطقة. ويطالب العالم ان يتوقف عن الصمت على جرائم الحرب الإسرائيلية، والزام إسرائيل المارقة والخارجة على القانون باستحقاقات السلام كاملة غير منقوصة. وعدم التذرع بالحرب الروسية الأوكرانية، والاختباء خلف دخان قنابلها. لان قضية الشعب العربي الفلسطيني ولاجئوه مضى عليهم 74 عاما خلت من التشريد والطرد والفقر والحرمان والاضطهاد والعنصرية. كفى هروبا للامام من معالجة جريمة العصر، والتلطي وراء ذرائع واهية ومفضوحة.
وهي فرصة في الذكرى ال46 ليوم الأرض الخالد ان تبادر الإدارة الأميركية، التي فرضت على الاشقاء العرب الحضور للقمة البائسة، التي لا تمت لمصالح العرب بصلة، لا بل العكس صحيح، ووزير خارجيتها الذي يقود الاجتماع بمطالبة حكومة بينت بالتوقف فورا عن انتهاكاته الخطيرة في النقب والقدس العاصمة وفي عموم الضفة الفلسطينية، وإلغاء قرارات بناء المستعمرات الخمس، والافراج الفوري عن اسرى الحرية في باستيلات السجون الإسرائيلية، وترتيب عقد مؤتمر دولي للسلام ملزم وفق اجندة زمنية محددة للانسحاب الإسرائيلي الكامل من كل أراضي دولة فلسطين المحتلة، وضمان عودة اللاجئين، والمساوة لابناء الشعب حملة الجنسية الإسرائيلية في ال48، هكذا يمكن ان يكون المؤتمر المزمع عقده اليوم مجديا وهادفا. غير ذلك هو بلا معنى ولا جدوى، ويخدم اجندة بينت، وتثبيت حكومته العرجاء، ويصب في مصلحة تأبيد الاستعمار الإسرائيلي على ارض الشعب الفلسطيني.
[email protected]
[email protected]