خطيئة خطاب زيلينسكي

بي دي ان |

26 مارس 2022 الساعة 11:11م

بعد استجداء، وافتعال مشكلة مع رئيس الكنيست، ميكي ليفي، لانه رفض منح الرئيس زيلينسكي فرصة التحدث امام البرلمان الإسرائيلي. مع ذلك تم التوافق بين مكونات الائتلاف الحاكم باعطاء الرئيس الاوكراني فرصة مخاطبة أعضاء الكنيست الإسرائيلي يوم السبت الماضي الموافق 19 مارس الحالي، ولمدة عشر دقائق. والملاحظة التي رافقت بث كلمة حاكم كييف عبر الزووم غياب غالبية الأعضاء، او لجوئهم لاعتماد منصة الزووم للاستماع له.
اضف إلى ما تقدم، لم تجد كلمة الرئيس الاوكراني الارتياح في أوساط النواب الإسرائيليين، لانه وقع في المبالغة غير المقبولة من خلال مقاربته بين الحرب الروسية الأوكرانية، وتعرض يهود أوروبا للمحرقة النازية في المانيا وبولندا وغيرها من الدول الأوروبية الخاضعة آنذاك للحكم الألماني النازي بقيادة هتلر. واعتبروا ذلك التشبيه محاولة معيبة، لا سيما وان عدد اليهود الاوكران لا يزيدوا عن 200 الف اوكراني، مما اوقعه في المحذور الصهيوني لجهة تقزيمه المحرقة، البيضة الذهبية الصهيونية، وكون المتحدث هبط بالحرقة الى الدرك الأسفل من وجهة نظرهم، والتي أدت لحرق ومقتل الملايين من اليهود (اقل من عدد أصابع اليد الواحدة)، رغم ان دولة إسرائيل المارقة والخارجة على القانون ضاعفت العدد، وتاجرت به، ومازالت تتاجر به حتى اليوم وغدا. وهذا لا يعني ان المحرقة لم تحصل، ولا ينفي انها استهدفت الملايين من اتباع الديانة اليهودية من الخزر. وبالتالي لم يحقق الرئيس الاوكراني الهدف المرجو من خطابه امام البرلمان الإسرائيلي.
كما ان خطابه المشوش، والانفعالي، ذات الطابع التجاري الرخيص اوقعه في الخطيئة اكثر من مرة أولا عندما شبه أوكرانيا بإسرائيل، وهذا ينتقص من قيمة ومكانة أوكرانيا، الدولة التي نشأت وترعرت بشكل طبيعي؛ ثانيا ضرب على وتر النغمة اليهودية (بالمناسبة هو يهودي اوكراني ومعه في الحكومة والبرلمان ما يزيد على العشرة، رغم ان عدد اليهود لا يتجاوز 5,% من عدد السكان) لاستجداء عواطف النواب عندما ذكرهم، بأن "غولدا مائير هي يهودية اوكرانية" ؟!؛ ثالثا ليس ما تقدم فقط، انما ذهب لتذكيرهم " ان ما تواجهه إسرائيل من عداء من العرب، هو نفس ما تجده أوكرانيا من الروس، العرب يخططون للخلاص منكم بالخيار 2 والروس يخططون منا بنفس الخيار 2،" وهنا خسر الفلسطينيين والعرب وانصارهم، وليس فقط الإسرائيليين الصهاينة، الذين رفضوا مبدأ التشبيه من اصله؛ رابعا عاير الإسرائيليين، بانهم تنكروا لمساعدات الاوكرانيين، حينما قال "كثير من الاوكرانيين قدموا الخدمة للدفاع عن دولتكم ضد العداء العربي لكم، فقدموا الخدمة الان للدفاع عن دولتنا ضد العداء الروسي لنا، بامكانكم فعل الكثير." وهنا أيضا حسم عدائه للعرب والفلسطينيين باعترافه على مشاركة الاوكرانيين لدولة إسرائيل الاستعمارية في جرائم حربها ضد الفلسطينيين والعرب عموما؛ خامسا طالبهم بإدخال السلاح لهم ليدافعوا عن انفسم، كما تستخدمون السلاح " لقتل الفلسطينيين بذريعة "الدفاع"  عن انفسهم.
وللرئيس الاوكراني مواقف معلنة سابقة على الحرب الروسية الأوكرانية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وقدم الدعم السياسي والإعلامي والمادي، كما اعترف في خطابه للاسرائيليين المستعمرين بعدائه للفلسطينيين. ولم يحاول ان يستخدم لغة الاستعارة ليخفف من انحيازه السيء لدولة المشروع الكولونيالي الصهيوني.
ورغم ذلك لم تتخذ قيادة منظمة التحرير موقفا معاديا من الشعب والدولة الأوكرانية، لا بل وقفت على الحياد الإيجابي، وحرصت على عدم التورط في المواقف المعلنة، لانها حريصة على علاقات إيجابية مع الدولة والشعب الاوكراني، ودعمت وتدعم خيار الحل السياسي، كما انها تتألم لمأساة اللاجئين الاوكران، لان الشعب الفلسطيني يعاني من ويلات اللجوء والتشرد والطرد الصهيوني لحوالي سبعة ملايين فلسطيني في الشتات والمهاجر ول74 عاما خلت. ولهذا كان موقف الشرعية الفلسطينية إيجابي من الشعب الاوكراني، ومع استقلال وسيادة أوكرانيا على أراضيها وحماية حقوقها ومصالحها بعد بلوغ الحل السياسي لازمة الصراع الدائرة الان بينها وبين الاتحاد الروسي.
غابت الحكمة عن الرئيس زيلينسكي اثناء القاء الخطاب، وقبل القائه من خلال ادلائه بمواقف متاجرة بالمسألة اليهودية بطريقة اساءت لليهود الاوكرانيين اكثر مما افادتهم. يا حبذا لو ان الرئيس الشاب يراجع موقفه جيدا، ويتوقف عن مساندة الدولة الإسرائيلية الإرهابية، ويدعم حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني، ودعوة إسرائيل والمجتمع الدولي لدعم حق عودة اللاجئين الفلسطينيين لوطنهم الام فلسطين، ولبيوتهم وبساتينهم وفق القرار الدولي 194.
[email protected]
[email protected]