في اليوم العالمي للمياه ما زالت السياسة العنصرية الإسرائيلية تصادر حقوق الفلسطينيين المائية

بي دي ان |

23 مارس 2022 الساعة 03:55م

احتفل العالم في 22 آذار/مارس باليوم العالمي للمياه الذي يركز في موضوعه هذا العام على المياه الجوفية تحت شعار "المیاه الجوفیة - تجلية ما لا تراه الأعين"، بمعنى أن المياه الجوفية لا تظهر للعیان، ولكن تأثیرھا یظھر في كل مكان. يحتفل العالم في اليوم العالمي للمياه سنويًا منذ عام 1993، ليؤكد على أهمية المياه العذبة والإجراءات المناسبة لحل أزمة المياه العالمية. لكن هذا العالم ذاته مازال شاهدًا صامتًا على السياسات والإجراءات والممارسات العنصرية والتمييزية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي تجاه حقوق الفلسطينيين المائية والتي من أبرزها ما يلي:
1. ضمّنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مصادر مياه الأراضي المحتلة داخل نظامها القانوني واستغلتها لصالح الإسرائيليين مع إنكار حق الفلسطينيين في تطوير مصادرهم المائية.
2. سيطرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على مياه نهر الأردن والبحر الميت، ومنعت الفلسطينيين من الوصول إلى مياه نهر الأردن منذ عام 1967 والتي تقدر بنحو 250 مليون م3.
3. تحد إجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي من قدرة الفلسطينيين على استغلال مواردهم الطبيعية وخصوصًا المياه وإجبارهم على تعويض النقص بشراء المياه من شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت"، حيث وصلت كمية المياه المشتراة للاستخدام المنزلي 90 مليون م3عام 2020، وهي تشكل ما نسبته 20% من كمية المياه المتاحة.
4. افتقار الفلسطينيين في الضفة الغربية لكميات كافية من المياه هي مشكلة دائمة نشأت بسبب الممارسات الإسرائيلية القائمة على التمييز والحرمان، والسيطرة على الأراضي وعرقلة عمل لجنة المياه المشتركة، وتأخير تنفيذ مشروعات المياه والصرف الصحي، وهدم منشات مائية مثل آبار استخراج المياه الجوفية وآبار تجميع المياه في مناطق "ب" و "ج".
5. تنقل سلطات الاحتلال المياه ذات الجودة العالية من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية إلى المدن الإسرائيلية داخل إسرائيل، حيث أقيمت مستوطنات الإسرائيلية على أراضي في المناطق الفلسطينية الغنية بالمياه العذبة في الضفة الفلسطينية المحتلة. 
6. تساهم سلطات الاحتلال في الضفة الغربية بشكل كبير في تلويث المياه الجوفية، حيث أدى ضخ مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة والسائلة من المستوطنات، بالإضافة إلى نفايات بعض المصانع الإسرائيلية داخل الخط الأخضر-في المناطق المفتوحة من أراضي الضفة الغربية-، إلى تسرب المواد الكيماوية إلى الخزان الجوفي وارتفاع نسبة الملوحة والتلوث العضوي.
7. يحول جدار الفصل الذي أنشأته سلطات الاحتلال الإسرائيلي دون قدرة الفلسطينيين إلى الوصول للمياه الجوفية التي تقع ضمن الأراضي المصادرة خلف الجدار، ويتيح للاحتلال فرصة الاستفادة الحصرية من هذه المياه.
8. تضع سلطات الاحتلال اشتراطات أمام تنفيذ أية مشروعات تطويرية لقطاع المياه الفلسطيني، من أبرزها الحصول على الموافقة الإسرائيلية، وعدم السماح بإدخال قطع الغيار والمواد اللازمة لإعادة تأهيل البنية التحتية لقطاع المياه، الأمر الذي حد من القدرة على تطوير وتنمية القطاع المائي.
9. حفرت سلطات الاحتلال 26 بئرًا على طول خط الهدنة الفاصل بين القطاع وكيان الاحتلال الإسرائيلي في محاولة منها لمنع أو تقليص كميات المياه المنسابة طبيعياً إلى خزان قطاع غزة الجوفي. 
10. أقامت سلطات الاحتلال سدوداً صغيرة لحجز المياه السطحية التي تنساب عبر الأودية إلى قطاع غزة وخاصة وادي غزة.
11. ساهم الحصار والعدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة في زيادة معدلات تلوث مياه غزة، من خلال تدمير البنية التحتية لقطاع المياه، ومنع إدخال المعدات لصيانة شبكات المياه المتهالكة، ومحطات معالجة المياه العادمة، إضافة إلى تقييد إنشاء محطات جديدة. 
12. فاقم حصار قطاع غزة ومنع إمدادات الوقود المتكرر من جانب الاحتلال وتعميق أزمة الكهرباء في ظل جائحة كورونا، من أزمة البلديات وأربك جدول توزيع المياه وحرم مناطق واسعة، خاصة الأحياء الفقيرة من الحق في الحصول على حاجتهم من المياه بكمية كافية.
13. يعوّق الحصار الإسرائيلي تنفيذ مشاريع تحلية المياه، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي في غزة، ويفاقم بذلك معدل استنزاف الخزان الجوفي، وارتفاع معدل تلوث المياه في القطاع.
14. أكثر من 97% من نوعية المياه التي يتم ضخها من الحوض الساحلي لا تتوافق مع معايير منظمة الصحة العالمية، حيث بلغت كمية المياه المستخرجة من الحوض الساحلي في قطاع غزة 190.5 مليون م3 خلال العام 2020، وتعد هذه الكمية ضخاً جائراً أدى إلى نضوب مخزون المياه إلى ما دون مستوى 19 متراً تحت مستوى سطح البحر، كما أدى إلى تداخل مياه البحر، وترشيح مياه الصرف الصحي إلى الخزان. وتشير الإحصاءات التالية إلى طبيعة التلوث في مياه القطاع:
• تصل نسبة الكلوريد في بعض الآبار إلى حوالي 8000 ملجم/ لتر، فيما النسبة المسموح بها وفق معايير منظمة الصحة العالمية هي 250 ملجم/ لتر.
• يرتفع تركيز النترات في بعض الآبار إلى 500 ملجم/ لتر، فيما تصل أقصى نسبة مسموح بها وفق معايير منظمة الصحة العالمية إلى 50 ملجم/ لتر.
• يوجد 4% من الافراد في قطاع غزة لديهم وصول الى مياه مدارة بشكل آمن وخالية من التلوث وهي مصادر محسنة، مستخدمة في المسكن، متوفرة عند الحاجة وخالية من التلوث (خالية من بكتيريا E-Coli).  
15. يعد معدل استهلاك الفرد الفلسطيني اليومي من المياه أقل من المعدل الموصى به عالميًا وهو في تناقص مستمر، حيث بلغ معدل استهلاك الفرد الفلسطيني 84.2 لترًا في اليوم من المياه، وقد بلغ هذا المعدل 82.4 لترًا في اليوم بالضفة الغربية، و86.6 لترًا في قطاع غزة، وإذا ما تم الأخذ بالاعتبار نسبة التلوث العالية للمياه في قطاع غزة، واحتساب كميات المياه الصالحة للاستخدام الآدمي من الكميات المتاحة، فإن حصة الفرد من المياه العذبة تصل فقط إلى 26.8 لترًا في اليوم بقطاع غزة.
في اليوم العالمي للمياه، يشير الواقع المائي الفلسطيني  إلى أن سياسات وإجراءات وممارسات سلطات الاحتلال تنتهك حق الفلسطينيين بالحصول على ماء كافي وآمن صحيًا وفقًا للمضمون المعياري للحق في الماء الذي يكفله القانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث وضعت سلطات الاحتلال العديد من العراقيل التي حالت دون قدرة الفلسطينيين الحصول على الماء بالكمية والنوعية المناسبة، وحرمتهم من التصرف الحر بثروات بلدهم ومواردها الطبيعية وفي مقدمتها مواردهم المائية. كما أن السياسة المائية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين تنتهك القانون الدولي الإنساني، حيث ضمّنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مصادر مياه الأراضي المحتلة داخل نظامها القانوني واستغلتها لصالح الإسرائيليين مع إنكار حق الفلسطينيين في تطوير مصادرهم المائية، يضاف إلى ذلك سياستها التي أتاحت وعلى نطاق واسع استغلال المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية للمياه الفلسطينية، وبناء جدار الفصل العنصري الذي يحول دون قدرة الفلسطينيين على الوصول للمياه الجوفية. كما يعد جريمة حرب وفقًا لميثاق روما ما تقوم به قوات الاحتلال من اعتداءات متكررة على البنية التحتية لقطاع المياه أثناء الاجتياحات وعدوانها المتكرر على الفلسطينيين سيما في قطاع غزة المحاصر. عليه ولضمان تمتع الفلسطينيين بحقوقهم المائية نطالب المجتمع الدولي والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية تجاه حقوق الفلسطينيين المائية، والقيام بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتحمل مسؤولياتها تجاه حقوق الفلسطينيين المائية والكف عن انتهاكها، ووقف سياستها العنصرية والتمييزية التي تمنح امتيازات مائية للإسرائيليين على حساب الفلسطينيين. كما نطالب الجهات ذات العلاقة كافة بمضاعفة الجهود من أجل تسريع محاسبة سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمام المحاكم الدولية وفي مقدمتها المحكمة الجنائية الدولية، وذلك على جرائمها المرتكبة تجاه الحقوق المائية للفلسطينيين.

• أستاذ حقوق الإنسان في جامعة الإٍسراء-غزة