إرفعوا سقف التضامن

بي دي ان |

30 نوفمبر 2020 الساعة 07:52ص

كأن العالم أدرك خطيئته الكبرى في تنبيه قرار التقسيم 181 لفلسطين التاريخية في 29 نوفمبر 1947، وتعمق لديه الشعور بالذنب لعدم تنفيذ القرار في الشق المتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية على المساحة، التي قررها آنذاك، في الوقت الذي إندفع بقوة بمعسكريه الرأسمالي والإشتراكي لإقامة الدولة الصهيونية الكولونيالية على ارض الشعب العربي الفلسطيني، وأندفعوا كل من موقعه وخلفياته وحساباته النفعية الضيقة والإستعمارية في تأمين مقومات دولة التطهير العرقي على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني، صاحب الأرض والتاريخ والديموغرافيا والهوية في ايار / مايو 1948. لذا بعد 30 عاما من القرار المشؤوم، وتحديدا في الثاني من كانون اول / ديسمبر 1977 إعتمد العالم قرارا إعتبر فيه يوم ال29 من نوفمبر من كل عام يوما دوليا للتضامن مع الشعب الفلسطيني حتى يستعيد حقوقه السياسية والقانونية على تراب وطنه الآم من خلال إقامة الدولة المستقلة وذات السيادة على حوالي 44% من مساحة فلسطين التاريخية، والتي تقزمت نتاج قبول القيادة الفلسطينية على إقامة الدولة على اساس قرار الأمم المتحدة 242 الصادر في نوفمبر 1967، اي على مساحة لا تزيد عن 22% من المساحة الكلية لفلسطين.

ورغم كل التنازلات الضخمة من قبل القيادة الفلسطينية لصالح تحقيق سلام الممكن والمقبول إستنادا لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، بيد ان دولة الإستعمار الإسرائيلية رفضت، وترفض حتى يوم الدنيا هذا من حيث المبدأ إقامة الدولة الفلسطينية، ليس لإنها دولة مارقة وخارجة على القانون، ولا لإنها تحاول تعويم روايتها المزورة، وفاقدة الأهلية التاريخية والمنطقية والسياسية والدينية، وانما لإن العالم لم يرتق لمستوى المسؤولية، وكونه تخلى بالممارسة العملية عن تنفيذ الشق المتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني، وابقاه حتى الآن. رغم مرور 73 عاما على النكبة بلا دولة، ويعيش اكثر من نصفه ( سبعة ملايين فلسطيني او ما يزيد عن ذلك) في دول اللجوء والشتات، ومن هم داخل الوطن الفلسطيني يخضعون للإستعمار والعنصرية والتهويد والمصادرة والضم لإراضيهم وحقوقهم السياسية والقانونية، ويمارس عليهم ابشع الوان واشكال الإنتهاكات بمسمياتها وعناوينها الأكثر سفورا وبشاعة من التنكيل والتعذيب والإعتقال والقتل وإستلاب ابسط حقوقهم الإنسانية.

اليوم ومع حلول الذكرى ال43 ليوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، ومع إقتراب رحيل إدارة ترامب الأميركية، والأكثر عدوانية وإجراما وفجورا في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فإن العالم مطالب بوقفة جدية ومسؤولة لمراجعة ذاته، وجملة قراراته الأممية والتي زادت على ال800 قرار اممي بين الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي، فضلا عن المعاهدات والمواثيق والأعراف الأممية ذات الصلة بالصراع، وبذل جهد حقيقي لتنفيذ قرار التقسيم 181 الدولي، الذي تم تقزيمه إلى النصف، أو آخر قرار اممي صادر عن مجلس الأمن صاحب الرقم 2334 في 23 كانون اول / ديسمبر 2016 لإنهاء الصراع، وفتح قوس الأمل امام الشعب العربي الفلسطيني للعيش بكرامة وحرية على ارض وطنه الأم، الذي لا وطن له غيره، والدي لن يتخلى عنه مهما قدم من تضحيات جسام، ولن يقبل باي توطين للاجئين الفلسطينيين حتى لو حمل كل منهم مئة جنسية اخرى.

وكي يكون العالم منسجما مع نفسه، ومع قراراته الأممية، عليه ان يشرع وفورا بفرض العقوبات الإقتصادية والتجارية والامنية والديبلوماسية دون تردد. وما لم يضع سلاح العقوبات محل ترجمة على الأرض لن تتراجع دولة الإستعمار الإسرائيلية عن خيارها الكولونيالي، ولن تصغي لكائن من كان. ولكنها ستذعن رغما عنها في حال رفع في وجهها الكرت الأحمر. وكخطوة اولى على الدول الأوروبية وغيرها من الدول، التي لم تعترف بالدولة الفلسطينية، الإعتراف بها فورا، ورفع مكانتها كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، والعمل على تبني مبادرة الرئيس محمود عباس، التي أعيد مناقشتها مؤخرا في مجلس الأمن، ومطروحة الآن على الطاولة الأممية لشق طريقها للتنفيذ. آن الآوان ليرفع العالم سقف تضامنه وتكافله مع كفاح الشعب العربي الفلسطيني. لا سيما وان التآكل في دور ومكانة الولايات المتحدة عالميا يسمح للأقطاب الدولية المعنية بالصراع فرض خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان عودة اللاجئين على اساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لإبناء الشعب الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة.
[email protected]
[email protected]