خلفيات معركة الأسرى

بي دي ان |

20 مارس 2022 الساعة 12:00ص

جبهة الأسرى في مواجهة الجلاد الإسرائيلي الاستعماري مفتوحة على الصراع الدائم، ولم تتوقف او تهدأ يوما، وان حصل هدنة مؤقتة في اعقاب تحقيق الحركة الأسيرة الوطنية هذا الإنجاز او ذاك، فلا يعني هذا القاء سلاح المواجهة. لان مجرد وجود السجن والجلاد الصهيوني ومواصلة الاعتقالات الاجرامية ضد المواطنين الفلسطينيين العزل، او المناضلين وممارسة التنكيل الوحشي ضدهم، وفرض الاحكام الجائرة عليهم بسبب ودون سبب، بالإضافة للاعتقال الإداري المنافي لابسط حقوق الانسان، يعني ان الصراع مستمرا ومتواصلا بين ابطال الحرية من أبناء الشعب والقتلة من جلادي سلطات السجون الإسرائيلية. وتنطبق المقولة الفلسفية على جبهة باستيلات الموت الإسرائيلية "السكون نسبي، والحركة والصراع مطلق" إلى ان تتحقق الحرية كاملة على المستويين من المعتقل الصغير ومن المعتقل الكبير، أي الاستعمار الجاثم على انفاس الشعب، والمعطل والكابح لحريته واستقلاله وتطوره.
وفي سياق الحرب الدائرة على جبهة السجون شكلت لحظة انتزاع ابطال سجن جلبوع الستة مطلع أيلول / سبتمبر 2021 محطة هامة في تأجيج حدة المواجهة. لان العملية البطولية لجنرالات الحرية في جلبوع وجهت صفعة غير مسبوقة لسلطات السجون، ليس لانها اول مرة، انما لكون معتقل جلبوع محصن بكل تقنيات الحداثة والقيود الاستعمارية، ومع ذلك حطمها الاسرى البواسل بجبروتهم وشجاعتهم الفولاذية. وما زالت المواجهة محتدمة منذ ذلك التاريخ، حيث ضاعفت سلطات السجون من إجراءاتها وانتهاكاتها القمعية ضد الاسرى في مختلف المعتقلات ال23 الإسرائيلية، وقامت على اثر ذلك إدارات السجون وفقا للتعليمات السياسية والأمنية من الحكومة وقيادة الأجهزة الأمنية بتصعيد تلك الإجراءات الإرهابية، وعملت على نقض كل اتفاقاتها السابقة مع المعتقلين فرسان المجد والعطاء، وانقضت على منجزات الحركة الاسيرة.
في اعقاب هذا التحول الإسرائيلي الاجرامي ضدهم، تم تشكيل قيادة طوارء من مختلف ممثلي فصائل العمل السياسي لمواجهة التحديات الجديدة، ولكبح الإرهاب الصهيوني، واستعادة المنجزات التي حققتها الحركة الاسيرة خلال العقود الماضية. وبين الشد والرخي، والتقدم والتراجع في المواجهة تشهد باستيلات العدو الإسرائيلي حالة من الغليان والسخط المتصاعدة، وأعلنت لجنة الطوارئ خطة تصعيدية تصل في 25 اذار / مارس الحالي لاعلان الاضراب العام إن لم تتوقف سلطات السجون عن انتهاكاتها الوحشية ضدهم، وما لم تعيد النظر في سياساتها وقراراتها المجحفة بحقوقهم.
ومنذ مطلع شباط الماضي تشهد السجون الإسرائيلية خطوات نضالية تصعيدية من قبل نشامى الحركة الاسيرة، وخاصة في سجني "نفحة" في النقب، وسجن "الريمون" وباقي السجون بدرجات متفاوتة، وتتمثل مطالب الحركة الاسيرة في العناوين التالية: وقف الإجراءات القمعية ضد المعتقلات الفلسطينيات ال32 في سجن الدامون، ومنحهن حقوقهن في الزيارات، وعدم الحرمان من الكانتينا، والسماح لهن بالمكالمات الهاتفية مع ذويهن، وتأمين الرعاية الطبية المناسبة لهن وللمعتقلين من الرجال؛ ثانيا إعادة العمل بنظام الفورة وفق الاتفاقات السابقة، والاليات التي كان معمولا بها؛ ثالثا وقف كل الإجراءات التنكيلية بحق الاسرى؛ رابعا التوقف عن الفحص الأمني؛ خامسا إعادة أدوات المطبخ للمعتقلين، وتحسين مستوى الاكل؛ سادسا التوقف عن سياسة الفصل بين ممثلي الحركة السياسية الفلسطينية... إلخ
لعل أهمية محطة جلبوع تكمن في انها اعادت روح التماسك والالتفاف بين اطراف الحركة الاسيرة الفلسطينية، حيث وضعتهم إجراءات القمع الاجرامية الصهيونية وجها لوجه امام تحدٍ مضاعف، ودفعتهم جميعا لاعادة الاعتبار لروح الوحدة والتعاضد بينهم. لان سلطات السجون الإسرائيلية الاجرامية لا تميز بين سجين فلسطيني وآخر، وتخضعهم جميعا لعمليات التنكيل الوحشية، وتمارس البطش دون وازع أخلاقي او قيمي او قانوني، وتستهتر بحياتهم، ولا تؤمن لهم الحد الأدنى من مقومات الحياة الامنة والمناسبة. فضلا عن الوضع المزري لزنازين العزل الانفرادي والاعتداءات المتكررة، والاقتحامات المتعاقبة والمتوالية لاقسام السجون، والتدخل في شؤون الاسرى من النساء والرجال واقسامهم وغرفهم، وفرض إجراءاتها التنكيلية عليهم.
ولا اضيف جديدا للتأكيد على ان معركة الحركة الاسيرة، هي معركة الشعب كله بمختلف قطاعاته وتجمعاته في الوطن التاريخي والشتات والمهاجر، وبالتالي تملي الضرورة على القوى السياسية والقطاعات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الاكاديمية والاتحادات النقابية بتعزيز الفعاليات داخل الوطن وخارجه لابقاء قضية الاسرى حاضرة وقوية في المنابر العربية والإقليمية والعالمية. والعمل بكل الوسائل للافراج عن النساء والأطفال والشيوخ وفي المقدمة منهم المناضل فؤاد الشوبكي والمرضى وخاصة المناضل ناصر أبو حميد، الذي يعيش وضعا صحيا صعبا جدا.
[email protected]
[email protected]