العنصرية تفضح أكاذيب الغرب

بي دي ان |

04 مارس 2022 الساعة 11:49م

الولايات المتحدة الأميركية قامت على جماجم وجثث مئة مليون هندي احمر، وبعد استقلالها وضعت استراتيجية قبل 246 عاما بالسيطرة واستعمار الجزء الغربي من الكرة الأرضية، واعتبرت جمهوريات الموز في اميركا اللاتينية بمثابة الحديقة الخلفية لها. وفي الحرب العالمية الثانية مطلع اربعينيات القرن العشرين عمقت ووسعت نطاق استراتيجيتها ليصبح العالم بقاراته الست جزءا من مصالحها الحيوية، واعتمدت مبدأ "مونرو" الذي يتيح لها التدخل في أي دولة من دول العالم لمجرد الاشتباه بانها يمكن ان تشكل خطرا على امنها القومي. وبعد نشوء نظام القطبين الرأسمالي والاشتراكي في النصف الثاني من اربعينيات القرن الماضي، ثم انهياره مطلع تسعينيات القرن العشرين امست القطب الأوحد المسيطر على النظام السياسي العالمي قامت بغزو واحتلال او اسقاط 66 نظاما سياسيا في العالم، واوجدت 44 نظاما ديكتاتوريا استبداديا في العالم، وقتلت الملايين من البشر دون وازع أخلاقي او قانوني ولخدمة مصالحها الاستراتيجية وفرض هيمنتها الكلية على الكرة الأرضية، لهذا نشرت حوالي 800 قاعدة عسكرية في القارات المختلفة لتكريس خيارها اللا أخلاقي الاستعماري. 

فضلا عن انها مارست ابشع اشكال التمييز العنصري في الداخل الأميركي ضد السود والملونين من بني الانسان حملة الجنسية الأميركية، مع ان دستورها وشعاراتها السياسية تتحدث عن "الديمقراطية والحرية" و"حقوق الانسان". وهي للأسف شعارات كاذبة، لا تمت للحقيقة بصلة. لان ممارساتها وسياساتها اليومية تتناقض تناقضا كليا مع روح تلك المبادئ السامية، ليس من خلال ما ارتكبته وترتكبه من جرائم خلال الحقب الماضية من تاريخها فقط، وانما بوقوفها ودعمها اللا محدود لدولة التطهير العرقي الإسرائيلية، التي تمارس ابشع اشكال العنصرية والفاشية المعاصرة ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وكيلها بعشرين كيل، وليس بمكيالين.

واتضح اكثر فاكثر نزوعها العنصري من خلال تغطية مراسلي العديد من القنوات الأميركية والأوروبية للحرب الروسية الأوكرانية الجارية منذ سبعة أيام خلت، حيث ميزوا في تغطيتهم للاحداث عن عنصرية قميئة ومفضوحة وعلى الملأ عندما اعتبروا ان الحرب الدائرة هناك تستهدف الانسان الأبيض المتحضر صاحب العيون الزرقاء، وليس ضد انسان اسود او ملون في العراق او أفغانستان او افريقيا. وكأن الحرب وقتل الانسان الأسود والملون مباحا وحلالا ومشروعا، اما الانسان الأبيض في أوكرانيا او دول أوروبا الغربية والغرب عموما حراما، وغير مسموح به.

ولم يقتصر الامر على المراسلين الاميركيين، وانما على حرس الحدود الاوكراني والبولندي، الذين مارسوا التمييز العنصري بشكل فاجر ومخل بالاداب والقانون وحقوق الانسان، التي لم تميز بين انسان وانسان مهما كان لونه او جنسه او دينه او عرقه واثنيته ضد الطلاب الافارقة والعرب والاسيويين الفارين من ويلات الحرب الروسية الاوكرانية لدول الجوار الأوروبي المحاذية لاوكرانيا وخاصة بولندا، الذين سمحوا للفارين الاوكران بالعبور لدولهم، ومنعوا الافارقة والملونين من الدخول. ليس هذا فحسب، بل ان المساعدات التي يوزعونها على الفارين اقتصرت على أبناء الشعب الاوكراني دون غيرهم. وكأن لسان حالهم يقول "الانسان الأوروبي يرث والافريقي والملون لا يرث"!؟.

والاسئلة التي تطرح نفسها على الغرب الرأسمالي بكل مشتقاته ومسميات دوله، اين هي حقوق الانسان؟ وأين هي الابعاد الإنسانية؟ ولماذا تكيلون بمكيالين واكثر؟ ولماذا تصفون الحرب الروسية على أوكرانيا "إرهابا"، وحربا غير عادلة، وتصمتون صمت اهل الكهف ضد الاستعمار الإسرائيلي لارض الشعب الفلسطيني؟ ولماذا اتخذتم إجراءات فورية ورادعة سياسية ومالية واقتصادية وامنية ضد روسيا الاتحادية، ولم تتخذوا اجراءا واحدا ضد إسرائيل المارقة والخارجة على القانون رغم مرور 74 عاما على استعمارها ومذابحها وسيطرتها على ارض ومصالح الشعب الفلسطيني، واتخاذ مئات القرارات الأممية لصالح حقوقهم؟ لماذا الصمت المعيب واللا أخلاقي على الممارسات والانتهاكات العنصرية الإسرائيلية ضد أبناء فلسطين؟ ولماذا حركتم جيوشكم واساطيلكم واسلحتكم على العراق وافغانسان ودمرتم البلدين دون وجه حق، وتبين بعد ذلك ان كل ذرائعكم كاذبة ولا أساس لها من الصحة؟ ولماذا تبيحون لانفسكم التدخل في شئون الدول الأخرى عموما وشعوب ودول العالم الثالث خصوصا؟ وما هي اسانيدكم القانونية والأخلاقية؟

كان ومازال الغرب الرأسمالي عنوانا للعنصرية والإرهاب المنظم الدولاني، وما استخدام الشعارات الديماغوجية عن "الديمقراطية" و"حقوق الانسان" و"تقرير المصير" الا لخداع وتضليل الرأي العام العالمي، ولارتكاب ابشع جرائم الحرب ضد الإنسانية كلها. آن الآوان ليستيقظ العالم من سباته، وان يوقف هذه العنصرية البغيضة والقاتلة، واتخاذ ما يلزم من القوانين الرادعة من خلال تغيير مركبات المنظومة العالمية برمتها، وعزل وطرد الدول ذات الرصيد العنصري الاجرامي من المؤسسات الأممية وخاصة مجلس الامن الدولي.