مطاردة الإعلاميين الفلسطينيين

بي دي ان |

17 فبراير 2022 الساعة 01:10ص

العجز الألماني خصوصًا والغربي عموما في اتخاذ مواقف على اقل تقدير محايدة تجاه الصراع الفلسطيني الاسرائيلي مفهوم بالمعنى النسبي لأكثر من اعتبار، منها أولًا الغرب الرأسمالي هو الصاحب الحقيقي للمشروع الكولونيالي الصهيوني؛ ثانيا تبني الرواية والأهداف الصهيونية ودعمها وتعميمها؛ ثالثا رغم كل التناقضات بين الكنسية بشقيها الغربي والشرقي، الا ان التقارب بينهما دينيًا (العهدين القديم والجديد واسع وكبير وبدرجات متفاوتة بين الطوائف المسيحية باستثناء الأشقاء من المسيحيين العرب)، ليس هذا فحسب، لا بل ان هناك تناغما وتكاملا في تبني والترويج للأساطير والخرافات الدينية والميثالوجية؛ رابعًا فضلا عن ان ألمانيا لديها عقدة خاصة تجاه اليهود عمومًا ويهود الخرز الاسرائيليين خصوصًا، ومازالت تعاني من عقدة المحرقة، لذا نجدها تتساوق مع الرؤية الاسرائيلية لتغطي على نتائج الهولوكست، مع ان الحرب العالمية الثانية ذهب ضحيتها سبعين مليون إنسان من مختلف القوميات والاثنيات واتباع الديانات السماوية والعقائد الفكرية الوضعية المختلفة.
لكن هذه العوامل مازالت تؤثر في صناعة القرار داخل دول الغرب، ولم تتراجع كثيرا، رغم التحولات الواسعة في أوساط الرأي العام داخل أمم وشعوب الغرب الرأسمالي. لكن المنظومة الرسمية الحاكمة (الدول العميقة ) في دولها مازالت تعمل وفق ما تقدم من معطيات، وليس بسبب لوبيات الحركة الصهيونية الخزرية. إنما لان العائلات اليهودية الخزرية الصهيونية الثلاثة عشر تحتل مكانا مركزيا في مجموعة اباطرة رأس المال المالي العالمي، أضف الى ان الحكومة العالمية بمكوناتها المختلفة تعتقد ان وظيفة اسرائيل الاستعمارية والارهابية التخريبية لم تنته  بعد، وبالتالي حكومات تلك الدول اسيرة النواميس الناظمة للمصالح المشتركة، وتعمل بانحياز فاضح ومتناقض مع ادعاءاتها ب"الدفاع عن حقوق الإنسان"  و" حرية الرأي والتعبير ومعايير الديمقراطية" . لانها في الواقع تعمل عكس ذلك تماما وبشكل متناقض كليًا.
ما تقدم له عميق العلاقة مع ما قامت به في الآونة الأخيرة شبكة " دويتشه فيله"  ضد عدد من الصحفيين ومنهم فلسطينيين، حيث قامت بفصل خمسة صحفيين على خلفية تقرير الماني يتهمهم بالتضامن مع فلسطين وقضيتها وكفاحها التحرري من خلال نشرهم منشورات على صفحاتهم الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت الشبكة فصلت قبل أسبوع ٥ صحفيين يعملون لديها بينهم الفلسطينية مرام سالم، بدعوى استخدام عبارات " معاداة السامية". وجاءت قرارات الفصل التي شملت كل من باسل العريضي، ومرهف محمود، ومرام سالم، وفرح حرقة، وداود ابراهيم بعد تشكيل لجنة تحقيق "مستقلة" قبل شهرين ضمت وزيرة العدل الألمانية السابقة، زابينه لويتهويزر شنانبرغ، والأخصائي النفسي احمد منصور. واكدت مؤسسات ألمانية ان الشبكة ومن يقف خلفها تستخدم مفهوم " معاداة السامية" لخنق حرية الرأي والتغطية على قراراتها الجائرة والمنحازة لصالح دولة الابرتهايد الاسرائيلية، وللتضييق ومحاصرة كل من يقف ويساند قضية الشعب العربي الفلسطيني العادلة.
ولم تكتف بما حصل سابقا، إنما ألحقتها شبكة " دويتش فيله" بفصل صحفيين فلسطينيين اخرين اول امس الثلاثاء، وهما زاهي علاوي وياسر ابو معلق باستخدام تلك الذريعة المهينة والسخيفة، أي كذبة "معاداة السامية"، وكلاهما يعمل في القسم العربي في الشبكة الألمانية علاوي منذ ١٧ عامًا، وأبو معبلق منذ ١٢ عامًا، رغم ان تلك التهمة أصبحت مكشوفة، وتتناقض مع الحقائق لان كل الذين فصلوهم هم ساميون، واسرئيل لا علاقة لها بالسامية لا من قريب او بعيد، لانها أولًا تمثل يهود الخزر، الذين لا رابط يربطهم بالسامية، كما ان اليهود الصهاينة يتبعوا إثنيات مختلفة أيضا وليسوا ساميين، وبالتالي تلك التهمة الرخيصة لم تعد تنطلي على احد، وباتت مقززة ومرفوضة، وتتناقض مع تقارير المنظمات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وآخرها منظمة العفو الدولية "امنستي" التي أكدت في تقريرها الصادر قبل أيام في القدس المحتلة لندن في ان، ان دولة اسرائيل هي دولة فصل عنصري، ويفترض على العالم اتخاذ قرارات رادعة ضد كل انتهاكاتها الخطيرة لحقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين التاريخية من العام ١٩٤٨.
وعليه مطلوب من منظمات حقوق الإنسان الألمانية والأوروبية وكل أنصار العدالة الاجتماعية، والمدافعون عن السلام الممكن والمقبول، والرافضون لفاشية وعنصرية دولة اسرائيل ملاحقة الشبكة الاعلامية الألمانية ولجنة تحقيقها المتواطئة معها، وإعادة المفصولين الى عملهم أولا، وثانيًا تعظيم حملة الدعم لحقوق الشعب الفلسطيني، وثالثا تعميم نشر تقرير منظمة "امنستي" على اوسع نطاق ممكن في العالم، ورابعا مطالبة الأمم المتحدة والحكومات الغربية عمومًا وإدارة بايدن خصوصًا بإعادة نظر في مواقفها المنحازة والكف عن استعمال دولة الإرهاب المنظم الاسرائيلية كاداة ارهاب في العالم العربي والإقليمي، لانها باتت تشكل خطرًا على الغرب واميركا اكثر من غيرها من الدول، وعبء مالي وامني واقتصادي وأخلاقي، وخامسا في ذات الوقت الدعوة لتأمين الحماية الدولية للشعب العربي الفلسطيني.
[email protected]
[email protected]