مندلبليت يكرس القضاء الاستعماري

بي دي ان |

07 فبراير 2022 الساعة 12:42ص

مطلق استعمار، وبغض النظر عن شكله ومحتواه لا يمكن ان يقبل القسمة على أي ذرة من العدالة، فكل احتلال لاي شعب من شعوب الأرض قديما او حديثا، كما الاستعمار الإسرائيلي الاجلائي الاحلالي الأخير في العالم يرفض رفضا قاطعا ان ينتج مؤسسة سياسية او امنية او قضائية، حتى لو من الأدوات المحلية (من أبناء الشعب الواقع تحت نير الاستعمار) الا لخدمة مشاريعه ومخططاته الاستعمارية. وكل استعمار، هو شكل من اشكال الإرهاب، لا بل هو اعلى اشكال إرهاب الدولة المنظم. وبالتالي اعتقاد البعض بإمكانية العكس يقع في دائرة الخطيئة والغباء، والرهان على قربة مخروقة. 

وبالنسبة للاستعمار الإسرائيلي الوحشي، الذي انشأ دولته مدعوما من قوى رأس المال الغربي، الأساس الذي ارتكز عليه النفي الكلي للشعب العربي الفلسطيني، واستباحة روايته برواية مزورة ومفبركة ومتناقضة مع كل الوقائع وحقائق التاريخ والجغرافيا والموروث الحضاري، وعلى حساب نكبته ودمه ودم اجياله المتعاقبة. وعليه لا يمكن ان يكون الا معاديا ومتناقضا مع العدالة بمختلف مستوياتها، وضد العدالة، لانه ولد على انقاضها. ولا يعني اتخاذ محكمة العدل العليا بعض القرارات الشكلية هنا او هناك لصالح بعض المواطنين، الا شكلا من اشكال تلميع صورة الاستعمار، والتغطية على مسلسل الجريمة والإرهاب المنظم الإسرائيلي. 

وفي هذا السياق، جاء قرار المستشار القضائي السابق للحكومة الإسرائيلية، افيحاي مندلبليت مساء الثلاثاء الماضي الموافق مطلع شباط / فبراير الحالي وعشية تركه منصبه في صبيحة اليوم التالي الأربعاء الموافق الثاني من شباط الحالي بترسيم وتشريع مستعمر "افيتار"، التي اخليت قبل ستة اشهر من الان بالتوافق مع توجهات رئيس الوزراء، نفتالي بينت، وزير الخارجية يئير لبيد واقطاب اليمين المتطرف في حكومة التغيير. وكان ذات القاضي والمحاكم الإسرائيلية التي نظرلات في القضية أبقت المدرسة الدينية الصهيونية في المستعمرة، ولم تسلم الأراضي المقامة عليها "افيتار" في جبل أبو صبيح لاصحابها الأصليين من سكان قرية بيتا والقرى المجاورة.  

وهو ما يشير بوضوح شديد، بان المستشار القضائي مندلبليت المتواطىء من رئيس الوزراء الفاسد والسابق، بنيامين نتنياهو ليس اكثر من مستعمر، وشريك في عملية التطهير العرقي الاسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وفي تهويد ومصادرة أراضي القرية البطلة بيتا، وملاحقة كفاح أبناء الشعب، الذين لم يستسلموا لقرار المحاكم السابقة وقدموا حوالي عشرة شهداء وعشرات الجرحى دفاعا عن ارضهم المنهوبة والمصادرة بذرائع استعمارية مفضوحة ورخيصة. 

كما ان المستشار القضائي غير المأسوف على اخلاء موقعه، بقراره الاجرامي الإرهابي أصل من خلال ما يسمى القضاء الإسرائيلي السياسة الاستعمارية، وعكس مكانته كمستعمر وضيع، وجير القضاء المزيف والمفصل تفصيلا على مقاس دولة المشروع الصهيوني الكولونيالية لخدمة مخططاته ومشاريعه الاجرامية. 

ولا اعتقد ان هناك انسان يملك حدا ادنى من معايير المعرفة الإنسانية يمكنه التصديق للحظة بان القضاء الصهيوني برمته من الفه الى يائه يمكن ان يكون جزءا من منظومة العدالة. ولكن المؤسف ان بعض القوى المشاركة في الحكومة الفسيفسائية، والتي تدعي انها من "اليسار" او المحسوبة عليه، كما "ميرتس " و"حزب العمل" والقائمة العربية الموحدة المحسوبة بالاسم على الشعب الفلسطيني برئاسة الاخواني منصور عباس، انها بقيت داخل اطار الحكومة الساقطة والمهزومة، ولم ولن تفعل سوى اصدار بيانات عنترية كاذبة ضد الخطوة. وحتى زعيم الحركة الإسلامية الجنوبية، الذي يدعي انه فلسطيني وعربي، لم يحرك ساكنا. لا بل انه كما يعلم الجميع "اعترف بيهودية الدولة الإسرائيلية". فهو لم يشرعن المستعمرة "افيتار" انما شرعن كل المشروع الاستعماري الصهيوني، وتماهى معه، ووقف في خندقه. 

طبعا استخدمت مفهوم "الأسف" مفترضا، ان "ميرتس" و"العمل" يمكن ان يتمردا على قرار القاضي مندلبليت، ويعلنا انسحابهما من الحكومة. لكنهم اكدوا انهم لا يختلفوا في الجوهر عن بينت وساعر وشاكيد وليبرمان وغيرهم من جوقة وعصابات الفاشية والعنصرية الصهيونية، والدليل عدم زحزحة انفسهم خطوة صغيرة ضد عملية تشريع المستعمرة. وهو ما يؤكد مقولة "فاقد الشيء لا يعطيه". وهذه القوى فاقدة مكانتها، ورخيصة اكثر مما يتصور أي مراقب. 

وذريعة الخشية من عودة الحاوي زعيم الليكود، ليست سوى كذبة كبيرة ومفضوحة، ولم تعد تنطلي على احد. ومن يراهن على هذه القوى من المؤكد انه ساذج، ويبيع نفسه وهما تلو الوهم، ولا يرى ابعد من ارنبة انفه.