انعقاد المركزي ضرورة

بي دي ان |

07 فبراير 2022 الساعة 12:41ص

استطيع تفهم مواقف القوى السياسية التي لم تنخرط حتى الان داخل حاضنة منظمة التحرير من انعقاد دورة المجلس المركزي، فحركة حماس بالأساس ليست معنية بوجود المنظمة، ومرات عدة سعت لتصفيتها، وتبديدها لاعتباراتها واجنداتها الاخوانية، ومن يعود للخلف مع وجود وتشكل حركة حماس مطلع العام 1988، والتحاقها بالانتفاضة الكبرى 1987 /1993 لاحظنا انها لم تقبل القسمة بالعمل في اطار القيادة الوطنية الموحدة، وقبل ذلك التاريخ، عندما كان فرع جماعة الاخوان المسلمين يعمل تحت اسم المجمع، كان انصار وكوادر التنظيم الاخواني يطاردون بالجنازير والبلطات والسكاكين عناصر فصائل منظمة التحرير في الجامعات الفلسطينية (الازهر والإسلامية والنجاح وبيرزيت والخليل وبيت لحم) وفي مؤسسات الهلال الأحمر، وقاموا بحرق مكتبة الهلال الأحمر في غزة وبرعاية رجال المخابرات والجيش الإسرائيلي. ومن عاش تلك المرحلة يستطيع ان يتذكر ذلك، وبإمكان الجميع العودة للارشيف والوثائق ذات الصلة.

اما حركة الجهاد الإسلامي، فهي لها اجندتها ورؤيتها الخاصة، رغم انها تؤكد انها مع وحدة الممثل الشرعي والوحيد. لكن في الممارسة العملية تتذرع بحجج للأسف غير موضوعية، او فيها اسقاطات رغبوية للتهرب من الحضور والمشاركة في اعمال دورات المجلسين الوطني والمركزي. مع ان ممثليها شاركوا في العديد من اللقاءات الوطنية ومنها لقاء الأمناء العامين في الثالث من أيلول / سبتمبر 2020، الا انها رسميا لم تشارك في أي من الدورات المجلسين، ان لم تخني الذاكرة. وبالتالي غياب الحركات الاسلاموية مع الفارق بينهما ولصالح حركة الجهاد نسبيا مفهوم، لانها حتى اللحظة لم تنضوِ تحت لواء المنظمة. ولكنه ليس مبررا في حال كانت معنية فعلا بالشراكة السياسية الفلسطينية.

 

اما بعض فصائل المنظمة والنخب المحسوبة عليها وابرزها الجبهة الشعبية فمقاطعتها غير مبررة، وغير مفهومة، ولا مستساغة، وتسيء لها من حيث تدري او لا تدري. لماذا؟ أولا لان انعقاد الدورة استحقاق تنظيمي وفق اللوائح الخاصة بعمل المجلس المركزي؛ ثانيا ذريعة التوافق بين الفصائل عشية انعقاد دورات المجلسين صحيحة وضرورية. لكن من يعطل التوافق؟ ومن الذي يتلكأ ويماطل؟ ومن الذي يجنح نحو الاقصوية، وإدارة الظهر للتوافق؟ الم تذهب اليكم قيادة حركة فتح في الوطن والشتات (دمشق وبيروت) للحوار لبلوغ التوافق؟ من الذي حال دون التوافق؟ ولماذا تربط الشعبية مواقفها مع مواقف أصحاب الاجندات الأخرى؟ وبالتالي من عطل التفاهمات والتوافق، هي القوى المقاطعة، وليست حركة فتح. دون ان يعني ذلك، ان حركة فتح ليس عليها ملاحظات، لا العكس صحيح؛ ثالثا هناك بعض النخب سعىت لرفع سعرها، فلجأت لخيار المقاطعة، ونسيت ان رفع الأسعار لا يكون بالمقاطعة، بل بالحضور، وتكريس الذات في الهيئات القيادية لمنظمة التحرير؛ رابعا وسقط البعض في متاهة التشخيص الخاطىء والساذج عندما تذرع بان انعقاد الدورة ال31 للمجلس المركز يؤثر سلبا على مبادرة الجزائر الشقيقة للمصالحة. اليس هكذا افتراض فيه شطط وهروب من المنطق والعقلانية؟ ومن قال ذلك؟ وأين هو التأثير السلبي لانعقاد الدورة على المبادرة الإيجابية للاشقاء في الجزائر؟ وهل انعقاد دورة المجلس واي كانت نتائجها تحول دون اية خطوات او مبادرات إيجابية وتجسير الهوة بين فصائل العمل السياسي؟ وهل يجب ان تبقى مؤسسات وهيئات المنظمة معلقة ومعطلة لحين قبول القوى المعطلة لها، والهادفة الى تبديد دورها؟ واليس هدف تلك القوى من تعطيل دورية اجتماعات الهيئات القيادية افراغ المنظمة من دورها ومسؤولياتها الوطنية؟ خامسا وهناك بعض النخب الهامشية جدا، وحساباتها شخصية وضيقة جدا، تجعجع كثيرا لمجرد الجعجعة لقبض الثمن، وتلوك وتجتر المفاهيم والمواقف السياسية الصبيانية بسبب وبدون سبب ضد المنظمة والقيادة الشرعية؛ سادسا في ضوء التطورات السياسية الخطيرة على الأرض الفلسطينية، وتغول الاستيطان الاستعماري، وتواطؤ الولايات المتحدة بشكل واضح وصريح مع خيارات دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، وفي ظل حالة التهالك والانهزام العربي الرسمي المريع عقد الدورة اكثر من ضروري، وحاجة ماسة للشعب والقيادة لاستعادة العافية الوطنية، واعادة النظر بالعديد من السياسات المتبعة لتعزيز الدور والمكانة الفلسطينية في المشهد العربي والإقليمي والدولي.

إذاً من يريد للمنظمة استعادة دورها، وحمايتها، والنهوض بها، عليه ان يدافع عن عقد الدورة، ويطالب القوى المشاركة برفع صوتها، ومساءلة القيادة عن أسباب تأجيل انعقاد الدورة ثلاث سنوات، والمطالبة بإعادة الاعتبار للمنظمة، وليس تفعيل دورها فقط، لتكريسها المرجعية الأولى للكل الوطني، والارتقاء بدوائرها وسفاراتها ومؤسساتها، وعمل هيئاتها القيادية بحيث تكون فعلا لا قولا القيادة الأولى للشعب الفلسطيني، وتعزيز روح المشاركة السياسية بين الكل الفلسطيني، وليس المقاطعة والتعطيل والحرد، والمطالبة بترجمة وتطبيق القرارات التي اتخذت من الدورة ال27 في اذار / مارس 2015 حتى الان على أرضية المبدأ القائل "خطوة عملية اهم من دزينة برامج." وتنفيذ ما تضمنته خطابات الرئيس عباس واخرها الخطاب الذي سيليقه مساء اليوم الاحد الموافق 6 شباط / فبراير 2022.