رسالة للرفاق في الشعبية

بي دي ان |

31 يناير 2022 الساعة 11:58م

ساتوجه مجددا للرفاق في الجبهة الشعبية لمناقشة ما حملته رسالتهم، التي نشروها امس الاحد الموافق 30 يناير الحالي من موقف غير إيجابي من عقد الدورة ال31 للمجلس المركزي يوم الاحد القادم الموافق 6 فبراير القادم، انطلاقا من الحرص على التاريخ المشترك الذي جمعني بالرفاق جميعا على مدار ثلاثة عقود، وغيرة على تجربة الرفاق الكفاحية ومكانتها الأساسية في منظمة التحرير، كفصيل ثاني احتله بجدارة طيلة ال54 عاما الماضية، فضلا عن تجربة حركة القوميين العرب من 71 عاما خلت، وأيضا وفاءا للروابط الرفاقية سابقا وحاضرا مع العديد من رفاق النضال المشترك.
وبداية اود ان أؤكد، انني لم اتفاجأ بموقف الرفاق في الشعبية. لان تاريخ علاقتها بمنظمة التحرير تميز بعدم الاستقرار، والمقاطعة الدورية لدورات المجلسين الوطني والمركزي، وهي بالضرورة صاحبة وجهة نظر خاصة بها في قراءتها ومحاكاتها للتطورات الوطنية والعربية والإقليمية والدولية، والتي اتسمت بالتطرف والاقصوية (وانا كنت من المدافعين عن هذا الخيار في عقود انتسابي لها. لكني في السنوات الأخيرة عشية مغادرتي لاطارها، ومع خروجي من صفوفها اعدت النظر في مواقفي الفكرية والسياسية، وتعافيت من تعاليم المدرسة السياسية التي تمثلها). ولكني احترم مواقف رفاقي القدامى، من منطلق احترامي لقناعاتهم ووجهة نظرهم.
بيد ان احترام الرأي الآخر، لا يعني التسليم به، انما مطلوب لاغناء واثراء الحوار فتح أبواب النقاش في القضايا الخلافية على أرضية "ان الخلاف في الرأي، لا يفسد للود قضية". واعتقد ان الرفاق في الجبهة باتخاذ موقف المقاطعة لدورة المجلس المركزي ال31 في السادس من فبراير القادم جانبوا الصواب، وكان الاجدر بهم ان يشاركوا ويدلوا بوجهة نظرهم بشكل كامل، ويدافعوا عن منهجهم السياسي، ويحاولوا التأثير في أعضاء الهيئة القيادية المركزية لما فيه المصلحة الوطنية العامة، ان كان لديهم ما يقنعون به الاخرين.
كما ان عقد الدورة أولا يستجيب للوائح والاسس التنظيمية الخاصة بالهيئة والمنظمة عموما. لا سيما وان قيادة الشعبية تعلم ان الدورة الحالية تأخرت ثلاث سنوات، وهي لا تحتاج إلى توافق لعقدها، بل ان الضرورة التنظيمية تستدعي التئامها دون انتظار؛ ثانيا عدم عقدها يكرس سياسة الخطأ، ولا يصوب مسيرة المنظمة؛ ثالثا التئام الدورة لا يعطل الحوار الوطني الشامل، لا بل هي جزء اصيل من الحوار الوطني، ويمكن للشعبية ان تراكم عليه، وتستثمره في الدفاع عن وجهة نظرها؛ رابعا تفعيل المجلس المركزي حاجة ماسة للكل الفلسطيني، ان كانوا معنيين بتطوير عمل مؤسسات المنظمة؛ خامسا عقد الدورة الجديدة ترسيخ لمبدأ الديمقراطية، وليس العكس، وتلغي التفرد والاستئثار بالقرار؛ سادسا  المجلس المركزي لا يشكل عقبة امام اجراء الانتخابات، ولا يعيق عقد اطار الأمناء العامين للفصائل في حال استدعت الضرورة الوطنية ذلك؛ سابعا لكن اطار الأمناء العامين لا يمكن، وليس مقبولا ان يكون بديلا مؤقتا او غير مؤقت عن الهيئات القيادية للمنظمة، اذا كنتم معنيون بتطوير مكانة المنظمة كمرجعية وطنية، فالضرورة تحتم التأكيد على دورها ومكانتها؛ ثامنا من يحاول الالتفاف على اطر الهئيات القيادية للمنظمة بعنوان إطار الأمناء العامين، هو من يريد الالتفاف على مكانة منظمة التحرير، وليس العكس؛ تاسعا من قال ان عقد الدورة يكرس الانقسام؟ اليس التساوق مع خيار الانقلاب، والركض في متاهة الانقلابيين هو التكريس للانقسام؟ لماذا تلوون عنق الحقيقة، وتعاندونها باصرار، وتلجأون لسياسة اغماض العيون عن الصواب والمصلحة الوطنية، وتتذرعون بمواقف متناقضة مع منهجية الشعبية التاريخية في دفاعها عن الوطنية الفلسطينية؟ عاشرا من يريد الوحدة الوطنية عليه ان يتجذر في بيت الوطنية الفلسطينية، وان يتمترس، ويدافع عنها بكل ما يملك، وينتزعها من اية قوة تريد الانتقاص من مكانتها، ويحول دون تعريضها لحملات التشهير والتحريض والتخوين؛ حادي عشر ومن يريد الوحدة الوطنية مطلوب منه ان يكشف الحقيقة للجماهير، ويشير باصبع الاتهام والادانة لمن صنع الانقسام والانقلاب ويتخندق في خيار الامارة، وينفذ الاجندات المتناقضة مع مصالح الشعب العليا؛ ثاني عشر من قال لكم ان من يريد الانضمام للمنظمة مطلوب منه ان يتخلى عن خلفياته الفكرية والسياسية؟ هذا كلام لا أساس له من الصحة. ولكن كما عشتم تجربة العمل الوحدوي في منظمة التحرير، تعرفون جيدا الية عملها، فإن برنامجها يشكل قاسم مشترك جامع للكل الوطني، ولا يبنى البرنامج وفق مزاجية حركة فتح او الشعبية او الديمقراطية او من يريد ان يلتحق كما حركتي الجهاد وحماس، وبالتالي على من يريد اكتساب عضوية المنظمة، الممثل الشرعي والوحيد عليه ان يشارك فيها على أساس برنامج الاجماع، لا على أساس برنامجه الخاص. لا برنامج حركة فتح، ولا برنامجكم، ولا برنامج حماس. وانما استنادا لفلسفة الاجماع الوطني، التي تختلف معاييرها وضوابطها السياسية والتنظيمية عن الخطاب الفصائلي.
اكتفي بما ناقشت متمنيا على الرفاق في الشعبية مراجعة الذات قبل فوات الأوان، والفرصة متاحة امامهم، وهم فصيل أساسي له كل الاحترام والتقدير في أوساط الكل الوطني. المهم ان يدركوا موقعهم ومكانهم المناسب، وان يكفوا عن سياسة الحرد والمقاطعة غير المبررة للمنظمة وهيئاتها القيادية، ويحموا موقعهم في بيت الاجماع الوطني، منظمة التحرير.