لا أنكر أنها كانت لحظة صادمة، حاولت أن أدقق النظر قدر المستطاع وأنظر لكل صورة من صور المعرض (الذي على أساس أنه خاص بالشهيد الرمز زعيم الثورة الفلسطينية ياسر عرفات)، وفي متحفه الذي يحمل اسمه، دققت النظر وحاولت تفسير القيمة الفنية التي تحملها الصور، والتي تبين فيما بعد أن الصورة وراسمها لا يحملون أي قيمة، فلا الصورة تحمل قيمة رمزية وطنية ولا الرسام يحمل قيمة أخلاقية، وعلى ما يبدو أن راسمها ليس على دراية بشخص الرجل الذي يقوم برسمه، فالإساءة لشخص الرمز ابو عمار واضحة وفي ظل وجود رسامين ليسوا عرب حسب توقيع بعض الرسومات كما يبدو، فلم يكن ضرورة للاستعانة بهم وخاصة لدينا فنانين يرسمون رموزهم بالدماء. 

وبكل الأحوال أيا كانت جنسية الرسام لا يعنيني كثيرا؛ ولكن هناك تساؤلات مهمة يجب على القائمين على المعرض الاجابة عليها ولو مكرهين. 
أولا من هم الذين تعاقدوا مع أولئك الفنانين وهل تم إبلاغهم بفحوى الرسوم؟ ثم في حال شاهد القائمون على المعرض هذه الصور لماذا استمروا بالتعاطي معها وعلى أساسها تم افتتاح المعرض ؟ هل لهذه الدرجة فعلا لم يستطيعوا الحكم على الرسومات ؟ أم أن هناك مالا نعرفه نحن خلف هذه الرسوم ؟ والتساؤل الآخر؛ يقال أن المعرض كان بكلفة ما يقارب نصف مليون دولار ! مطلوب الاجابة على مدى صحة ذلك.
 
فالمال ليس بكثير على أي عمل يحمل اسم وتاريخ ونضال ياسر عرفات، لكن إذا كان هذا الرقم مقابل هذه الإساءة فأعتقد أن هذا يحتاج الكثير من الاجابات.
 
في كل الأحوال ما هو مؤسف حقا أن هذه الإساءة غير البريئة مصدرها متحف ياسر عرفات الذي من المفترض أنه يحمل اسم رمز لقضية تحرر، متحف لزعيم مؤثر في شعوب وأجيال عرفت فلسطين من خلاله.  

ما هو مطلوب الآن ليس فقط لجنة تحقيق، بل إحالة إدارة المتحف ومعاقبتهم  لأنه لا يجوز العبث بأحد أهم أعمدة فلسطين الهوية والتاريخ، ومن ثم إقامة معرض وطني للشهيد ياسر عرفات لاعادة الاعتبار لروحه ورمزيته. 

وأخيرًا مؤسف أن نتعرض كشعب محتل كل فينة وأخرى لأزمة هنا ومطب هناك وننشغل بها دون انشغالنا بعدونا الأول، فدعونا نحد من افتعال الأزمات بقصد أو بدون لنتفرغ لقضيتنا وتوحيد الجهود وتحديد المسار والبوصلة كي لا ننحرف عن هدفنا الأساسي في التخلص من الاحتلال والتقدم نحو التحرر.