عام جديد والثورة مستمرة

بي دي ان |

29 ديسمبر 2021 الساعة 12:51ص

يوم الجمعة القادم تقف شعوب الأرض على قمة جبل العام 2021 مودعة إياه بما حمله من هموم ومنغصات وارباكات وانفراجات، وفي اللحظة ذاتها عند منتصف ليل الجمعة السبت تبدأ الساعات الأولى من فجر عام جديد تفتح ابوابه على خجل، وبشكل موارب والشعوب تتلمس طريقها اليه متأملة ان يكون عاما اكثر انصافا وعدلا وإيجابية، وحاملا بشائر الامل بتجاوز تداعيات وباء كوفيد 19، وانتهاء دوامة الحروب والصراعات، واغلاق نوافذ الحرب الباردة المتصاعدة بين الأقطاب الدولية والمتنافسة على كعكة النفوذ في العالم، وفتح الأفق لعالم اكثر تعاونا وتكاملا وتكافلا، عالم قائم على ترسيخ قواعد السلام والتسامح والعدالة الاجتماعية، عالم حر وخال من الأوبئة وتلوث المناخ، وديمقراطي بكل معايير الديمقراطية، عالم بلا حروب، وبلا استعمار، وبلا نهب ثروات شعوب العالم الثالث الفقيرة والمضطهدة، عالم بلا عنصرية وتمييز عرقي او ديني او جنسي او اللون.

لكن بين الحلم والواقع مسافة بعيدة، وبون شاسع، رغم ان أبواب العام الجديد ستفتح على خجل، الا ان المقدمات التي تعيشها البشرية طيلة التاريخ المعاصر لا توحي بالاطمئنان، ولا تمنح الثقة واليقين بما يحمله العام القادم من إيجابيات، دون ان يعني ذلك فقدان الامل ببعض التحولات الكيفية المساعدة في تجاوز عقد الصراع هنا او هناك في العالم.

واذا عدنا لتشخيص واقع الحال الفلسطيني، ورغم اليقين العميق ببؤس اللحظة الراهنة الناجمة عن وجود الاستعمار الإسرائيلي الوحشي، وبقاء الانقلاب والانقسام متسيدا على الأرض الفلسطينية، وغياب الامل في التقدم نحو الحل السياسي الممكن والمقبول وفق قرارات الشرعية الدولية، وتعاظم الازمات في الداخل الفلسطيني، وتعقيدات الوضع العربي والإقليمي والدولي، الا ان الشعب العربي الفلسطيني ينتزع لحظات الفرح والعيد من فم التغول الاستعماري الصهيوني، ومن لعنة الانقلاب الاخواني ابتهاجا بالعام الجديد، وبانطلاقة الثورة ال57، وكسرا لعتمة الليل المحيطة بالوطن والشعب، وفتح نافذة للامل بعام اكثر اشراقا، وبضخ الافاق الواعدة بتجاوز بعض الازمات والاربكات، واستنهاض همم الشعب وروح الثورة المتجددة والمستمرة مع عملية البناء لركائز الدولة الفلسطينية القائمة على الارض، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد، وتعميق روح المقاومة الشعبية في عروق الشعب، التي تنيرها الشموع في برقة وبيتا وبيت دجن وكفر قدوم وعصيرة ونعلين وبلعين والقدس العاصمة واحيائها المختلفة وكل بقعة من ارض فلسطين العظيمة، ورفع الحصار الظالم عن قطاع غزة.

نعم الشعب الفلسطيني يعي تماما حجم القيود الاستعمارية الوحشية المحيطة به، والاخطار المحدقة بمشروعه الوطني، ويدرك ان العالم وخاصة الغرب الرأسمالي عموما والولايات المتحدة خصوصا لم يرتقِ لمستوى المسؤولية الأخلاقية والقانونية والسياسية لحل المسألة الفلسطينية، وانصاف الشعب في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير والمساواة، ووقف التغول الكولونيالي لدولة المشروع الصهيوني. ومع ذلك يصر على الاحتفال واحياء ذكرى ثورتة المجيدة، وتجديد ايقاد شعلتها، وتخليد شهدائه ورموزه الوطنية، والتأكيد على المضي قدما في الدفاع عن ثوابته وحقوقه السياسية الوطنية غير المنقوصة مهما كلف الثمن، ومصمم على طي صفحة الانقلاب الحمساوي، وإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية في اطار منظمة التحرير الفلسطينية، ومواجهة الازمات ضمن الإمكانيات المتاحة له، ومن خلال الضغط على القوى المختلفة للإسهام بدورها في التخفيف من معاناته وازماته ذات الطابع الموضوعي المتعلقة تحديدا بانتهاكات وجرائم الحرب الإسرائيلية وغيرها من الانتهاكات للحقوق والمصالح الوطنية. 

الشيء المؤكد، ان شعب المعجزات والحامل لراية السلام لا يقبل بالبقاء في دوامة الحزن والظلام، ومصمم على مشاركة شعوب الأرض قاطبة برسم لوحة الفرح والعيد برأس السنة الجديدة، لعل العام المقبل يحمل إنجازات ونجاحات وطنية ذات أهمية تكتيكية واستراتيجية على طريق كنس الاستعمار الصهيوني عن ارض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية وفتح قوس الامل بعودة اللاجئين الى ديارهم التي شردوا وطردوا منها في سني النكبة 1948وهزيمة حزيران 1967 ويتقدم صفوف الشعوب نحو آفاق التطور عبر مراكمة عملية البناء لتكريس المكانة اللائقة بالدولة القادمة شاء العدو الإسرائيلي ام ابى، سيدة على جزء من تراب فلسطين التاريخية، وتجسيد السلام الممكن والمقبول فلسطينيا وعربيا ودوليا.

وكل عام والشعب العربي الفلسطيني وشعوب الامة العربية والعالم اجمع بخير.