العالم يقاطع ودبي تفتح الأبواب

بي دي ان |

16 نوفمبر 2020 الساعة 07:16ص

لم يعد مفاجئا، ولا مستغربا رؤية ومشاهدة إنقلاب الوعي، وحرف بوصلة الصراع في العالم والإقليم، وتغيير مركبات التحالفات. عالم اليوم مليء بالتطورات الدراماتيكية، ليس بفعل سياسات إدارة ترامب اللامنهجية والعشوائية والشعبوية، لإنها هي ذاتها جاءت نتاج جملة من التحولات الإستراتيجية في النيوليبرالية الأميركية خصوصا والعالمية عموما، دون ان يلغي ذلك تأثيرها الفاجع والخطير في مجمل العمليات السياسية على مستوى الكون، وليس الأقليم الشرق اوسطي فقط.
من تلك التحولات اللامنطقية والخطيرة عمليات التطبيع الإستسلامية لعدد من الدول العربية مع دولة الإستعمار الإسرائيلية في الآونة الأخيرة تلبية لرغبة إدارة الرئيس دونالد ترامب، كونها حادت وخرجت عن محددات مبادرة السلام العربية ومقررات القمم العربية والإسلامية، ولإن نتائجها قلبت اولويات الصراع في المنطقة والإقليم ككل رأسا على عقب، ولإنها طعنت القضية الفلسطينية في الظهر، وعمليا تخلت عنها، ليس هذا فحسب، انما إنضوت بعضها في محاصرتها، والإعتداء على مصالحها، والإنقلاب على قرارات الشرعية الدولية والعالم، الذي يعمل بجهد حثيث على عزل المستعمرات الإسرائيلية، ومقاطعتها، وعدم الإعتراف بشرعيتها، وملاحقة الشركات والمؤسسات، التي تتعاون مع الشركات العاملة فيها، او التي تقيم مؤسسات فيها، او تساهم معها في تعميق عملية الإستيطان الإستعماري إن كان بالمعدات، أو بالإستثمار أو باي جانب له صلة بوجودها على ارض الدولة الفلسطينية الواقعة تحت نير الإستعمار الإسرائيلي.
ومن المفارقات الوقحة، في الوقت الذي يقاطع العالم المستعمرات تبادر إمارة دبي لفتح ابوابها امام وفد من المستعمرين الصهاينة مطلع الشهر الحالي نوفمبر 2020 برئاسة رئيس ما يسمى المجلس الإقليمي لمستعمرات محافظة نابلس حسبما ذكر موقع "القناة السابعة" الأليكتروني يوم الثلاثاء 6/11/2020. وعقد الوفد الإستعماري الصهيوني اجتماعات تجارية مع قرابة ال20 رجل اعمال ومندوبين عن شركات كبيرة في مجالات الزراعة والمبيدات والبلاستيك وشركات تسعى لشراء تكنولوجيا تسريع نمو المزروعات.... إلخ
وهذا يوسف بيضون، رجل الأعمال الإماراتي السابح في مستنقع التطبيع المسخ يرحب بالوفد الإستعماري في دبي، فيقول:" اريد ان ارحب برئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات السامرة (حتى انه لم يستخدم اسم مدينة نابلس) والوفد الذي إلتقينا به اليوم، وهذا يشرفنا (عن اي شرف يتحدث المأجور بيضون) خاصة بعد توقيع اتفاق "السلام" مع اسرائيل." ويطنب في الغزل بالوفد الصهيوني فيضيف "بالنسبة لنا، نحن إخوة وأخوات من كلا الجانبين، من إسرائيل ودبي، نجلس حول طاولة واحدة." بتعبير ادق شاء بيضون ام لم يشأ، هو شريك في ارتكاب جريمة حرب ضد الشعب العربي الفلسطيني، واخوته التي يتحدث عنها، هي ليست سوى اخوة أعداء السلام، والمتأمرون على الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية والقومية العربية.
ولا ادري إن كان بعض رجال الأعمال الإماراتيين يميزوا بين المستعمرات المقامة على اراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967، وبين الدولة الصهيونية التي اقيمت عام 1948 على الجزء الأعظم من فلسطين التاريخية ام لا؟ وهل يعوا اخطار تلك السياسة على المصالح الوطنية الفلسطينية العليا ام لا؟ وهل تابعوا المواقف الأممية عموما وما يجري في مجلس حقوق الإنسان ومواقف دول الإتحاد الأوروبي بهذا الشأن ام لا؟ وأي كان موقفهم، أو إدراكهم من عدمه، فإنهم باتوا متورطين في جريمة ترسيم الإستيطان الإستعماري، وشركاء مع إدارة ترامب المنتهية ولايتها، ومع كل اعداء السلام. ليس هذا فحسب، بل انهم اصبحوا عمليا شركاء في عملية الضم للإراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 لدولة الإستعمار الإسرائيلية. وهم بذلك يردوا ردا مباشرا على الحاكم بأمره في الإمارات، الذي إدعى انه اخذ ضمانا اميركيا إسرائيليا بوقف عملية الضم، حتى يدحضوا إدعاءاته الفارغة.
فضيحة إستقبال الوفد الصهيوني الإستعماري تؤكد، ان السيل بلغ الزبى في السلوك الرسمي ولا اقول الشعبي الإماراتي، وعلى كل المعنيين بعملية الإستسلام المذلة ان يراجعوا انفسهم، ويتوقفوا عن مواصلة السير في طريق الأعداء الصهاينة، ويعودوا لرشدهم ونبض شعبهم وامتهم، فهذا هو السبيل الأمثل والأفضل لهم ولمستقبل الإمارات الشقيقة وقبل فوات الآوان. لإن الشعوب وقواها الحية لن ترحم كائنا من كان من المتورطين في صفقة ترامب المشؤومة.
[email protected]
[email protected]