برقة تشق طريق الانتفاضة

بي دي ان |

27 ديسمبر 2021 الساعة 12:48ص

منذ أسبوع والتطورات العاصفة تأخذ مسارا تصاعديا، وتحولا تدريجيا في شكل وعمق المواجهة بين الجماهير الفلسطينية في محافظة نابلس وجيش الموت الإسرائيلي وقطعان المستوطنين وخاصة بعد العملية الفدائية، التي جرت قرب مستعمرة حومش يوم الخميس الموافق 17 /12/ الحالي. ومساء السبت الماضي المتزامن مع عيد ميلاد السيد المسيح حدث تطور نوعي، حيث حشدت قطعان المستعمرين ما يزيد على 11 الفا من زعرانهم وقاطعي الطرق مدعومة بقوات الجيش الإسرائيلي بهدف اقتحام قرية برقة في الشمال الغربي لمدينة نابلس، وإعادة احياء مستعمرة حويش المخلاة منذ 2005، مما استدعى النفير العام في أوساط الشعب الفلسطيني وقواه ونخبه الحية في محافظات الشمال.
وفعلا هبت النساء والشباب من مختلف القرى المجاورة في المحافظات الثلاث نابلس وطولكرم وجنين: من بازاريا، وسيلة الظهر وسبسطية والناقورة وعصيرة الشمالية وبيت ليد ودير شرف وعنبتا واجنسنيا وزواته وتل وصرة والفندقومية والعطارة وعنزة والعصاعصة وصانور وميثلون واليامون ونور شمس ومخيم طولكرم تلبية لنداء الدفاع عن أبناء القرية البطلة برقة، ودفاعا عن الكرامة الوطنية، التي حاول ويحاول قطعان المستعمرين ودولتهم الاستعمارية المارقة والخارجة على القانون امتهانها.
لم يكن هجوم  عصابات المستعمرين اول امس على برقة مجرد ردة فعل، انما حاولوا الاستفادة من تداعيات عملية حومش بالتنسيق مع قيادة الجيش الإسرائيلي وباقي أجهزة الامن لتحقيق اكثر من هدف، أولا ترهيب الجماهير الفلسطينية في المربع المحيط بالعملية الفدائية؛ ثانيا تخريب ممتلكاتهم تحت يافطة الانتقام لقتيلهم؛ ثالثا قطع الشوارع الواصلة بين القرى المجاورة لحومش ومحافظتي نابلس وجنين لتضييق الخناق عليهم؛ رابعا دفع الجماهير للهرب من قراهم كمقدمة للاستيلاء عليها وإقامة بؤر استيطانية جديدة؛ خامسا التمهيد للترانسفير الواسع لاحقا؛ سادسا فرض الوجود الاستيطاني الاستعماري في محافظات ومدن الضفة باعتباره شريكا أساسيا في تقاسم الأرض والحكم، التي لم يتم الاستيلاء عليها؛ سابعا شطب عملية السلام برمتها، وفرض الكانتونات على الأرض، وتحويل المناطق الفلسطينية المأهولة إلى عوازل متباعدة عن بعضها البعض، وربطها جميعا بضباط الإدارات الاستعمارية (المدنية) المتعددة؛ ثامنا تصفية السلطة الوطنية بواقعها القائم.
لكن الجماهير الفلسطينية وقواها ونخبها السياسية من الوان الطيف الوطني المختلف اداركا منها لابعاد الجرائم الوحشية، التي ارتكبها، ويرتكبها قطعان المستعمرين على امتداد الضفة الفلسطينية بما في ذلك القدس العاصمة دعتهم للتنادي دعما لقريتي برقة وبازاريا، واستعاد حماة القريتين في المواجهة مع قطعان المستعمرين روح الانتفاضة الكانونية الكبيرة 1987 / 1993 من حيث شكل واليات عملية الدفاع والتصدي لهجوم البرابرة الجدد. فشهدت القرية روح التكافل والتكامل في بناء المترايس والتحصينات في الشوارع، ومتابعة رجال الاعلام بث المعلومات والاخبار أولا بأول للعالم عبر مواقعهم ووكالات انباءهم، والممرضون مع سيارات الإسعاف يهتمون بنقل الجرحى من ميدان المواجهة الى مواقع الإسعاف الاولي، ونقل من يحتاج للنقل للمستشفيات حفاظا على روحه، وهناك من قام بدور نقاط المراقبة ونقل الاخبار للصامدين على خطوط التماس والمتاريس ... الخ
نعم كانت بروفة برقة السبت الماضي تجسيد حي، واستحضار لروح ثورة كانون الأول 1987، واعطت الجماهير الفلسطينية في برقة وبازاريا تحديدا دعما معنويا كبيرا، وشدت من عضددهم، ومنحتهم طاقة جبارة لتحدي العصابات الصهيونية القاتلة، مما فرض على جيش الموت الصهيوني اتخاذ قرار بمنع وصول المستعمرين لمستعمرة حومش خشية عليهم. لان الجماهير الفلسطينية المدافعة عن حقها في الحرية والاستقلال مستعدة ان تموت في سبيل دحر المعتدين بما في ذلك قوات الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي استنفرت عملائها وادواتها في المنطقة.
ورغم إصابة حوالي 300 جريح بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيلة للدوموع من أبناء الشعب، الا انهم لم يأبهوا لتغول الجيش وعصاباته، وواصلوا التحدي، الذي لم يتوقف حتى الان. لا سيما وان قوات الجيش قامت بتعزيز قواتها لفرض القيود على الجماهير الفلسطينية المدافعة عن قراها وحقوقها، وخشية من انتشار شرارة المواجهة امس الى باقي المحافظات الفلسطينية، وانفجار بركان السخط والغليان والغضب الشعبي في الشوارع والميادين، واشعال نيران انتفاضة جديدة تعيد الاعتبار للقضية الوطنية، وتردع عصابات المستعمرين، وتحجم مكانتهم ودورهم، وتعيدهم لما كانوا عليه سابقا عندما كانوا يخشون المشي في الشوارع، واعادتهم لجحورهم كمقدمة لإزالة كل المستعمرات من الأرض الفلسطينية كلها وفي المقدمة منها القدس العاصمة الأبدية، وفرض الحل السياسي السلمي بإرادة وسواعد الجماهير الفلسطينية العربية
لم يعد على العين الفلسطينية قذىً، وباتت الصورة واضحة، ولا مجال للتردد في الدفاع عن الذات الوطنية، وقهر حكومة بينت لبيد وزمرتهم المارقة وفرض السلام القابل للحياة، والذي يضمن الحقوق الوطنية وثوابت الثورة المعروفة للعالم، ويسمح للاجئين بالعودة لديارهم على أساس القرار الدولي194.
[email protected]
[email protected]