معلمة فلسطين لعام 2021: أن يسود الأمان أولا ثم نبدأ بالتعليم

بي دي ان |

16 ديسمبر 2021 الساعة 04:37م

هدى حبايب أدركت المعلمة نبأ سعيد فارس أبو زيتون (خندقجي)، أن الأمان والحب يسبقان التعليم، وأن بث الاطمئنان في نفوس الطلبة الأطفال هو الطريق نحو علاقة إيجابية ستفتح الباب للإبداع في التعليم والتعلم.

من هنا أنجزت أبو زيتون الكثير من الأساليب والوسائل الجديدة في طريقة تعليمها للأطفال، أحبتهم بصدق فأحبوها وأبدعوا في دراستهم، لم تترك فكرة راودتها تخدم التدريس إلا وسعت إلى تطبيقها، وثقت كل خطوة كانت تخطوها بصور وفيديوهات، ما فتح لها باب التتويج بلقب معلم فلسطين للعام 2021.

وأبو زيتون معلمة لصفوف الأول الأساسي في مدرسة ذكور دير الغصون الأساسية شمال محافظة طولكرم، درست تخصص التربية الابتدائية في جامعة القدس المفتوحة عام 2007، والتحقت في روضة الإسراء النموذجية في طولكرم عام 2014 مدة خمس سنوات، قبل تعيينها معلمة في مدرسة زيتا، لتنتقل فيما بعد إلى مدرستها الحالية.

وتقول لمراسلة "وفا": "اخترت ضمن أفضل 42 معلما ومعلمة من فلسطين، قدموا ملفات الانجاز التي أنجزوها منذ اليوم الأول من تعيينهم، وبعد عرضها على لجنة التحكيم وقع الاختيار على ثلاث معلمات من نابلس وطولكرم وخان يونس، وخضعت لمقابلة وحضرت لجنة من الوزارة لحضور الحصص، فحصلت على أعلى العلامات، وتم الإعلان عن فوزي بلقب معلم فلسطين لهذا العام".

وتصف لحظة الإعلان عن اسمها بالمفاجأة والشعور الرهيب، خاصة أن محافظة طولكرم تصدرت المرتبة الأولى لأول مرة، وهذا ليس غريبا على محافظة التفوق والنجاح، مهدية نجاحها إلى كل معلم ومعلمة في هذه المحافظة.

وأشارت إلى أن تفوقها في هذه المسابقة يترتب عليه الاستمرار في تطوير الذات لتقديم كل ما يجول في خاطرها من طرق وأساليب تعليم غير تقليدية، وتحمل الشعور بالمسؤولية تجاه الأطفال الذين تعتبرهم أولادها بالتبني.

واعتبرت أن بداية مشروع الانجاز في حياتها كانت مع أطفالها الخمسة الذين كبروا معها، خاصة أنها تزوجت في سن 16 عاما، ومارست الحياة معهم بطريقة صحيحة رغم الظروف الصعبة، وكانت النواة الصحيحة، فكل واحد منهم أصبح في مكانه ناجحا يوصل رسالته بشكل صحيح.

وقالت: "زواجي المبكر لم يقف عائقا أمام طموحي في التعلم والتعليم، بل كان حافزا لبداية التعلم بتشجيع ومساندة من زوجي، فدرست التوجيهي ونجحت والتحقت بالجامعة وحصلت على البكالوريوس بتقدير امتياز".

وتوضح أن من أحد أسباب النجاح الذي حققته في التعليم، هو المعلومات والخبرات السابقة والتحديات الكبيرة التي مرت بها خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، واستشهاد شقيقها طارق خندقجي، ودراستها في الجامعة وتربية أولادها، وما رافقها من صعوبات.

وأضافت: "هذه التحديات خلقت مني إنسانة قوية وصلبة قادرة أن تصبح معلمة وأما".

وتكمل أبو زيتون: "عندما وقفت في الصف لأول مرة، كنت متماسكة وثابتة مستحضرة كل متطلبات الطفولة وحاجاتها، واثقة بأني أعرف أين سأصل وبالتالي كنت قوية وقادرة على تحقيق النجاح مع طلابي، والحمد لله حققت نجاحات كثيرة ووثقت كل مبادرة ولحظات عشتها معهم، وأنا بطبيعتي أوثق كل انجازاتي ومبادراتي بالصورة والفيديو وعندي صفحات وقناة يوتيوب، وهذا من أجل أن يشاهده الأطفال وذووهم وإدخال الفرحة في نفوسهم، وهذا اعتبره جزءا من رسالة التعليم".

وأضافت: "عندما جئت لتعليم جيل الأطفال، وتعاملت معهم بطرق تدخل حب المادة عندهم، بعيدا عن أنها مادة علمية ننهيها ونعود بعدها للبيت، وأنا أعلم أن على كل إنسان أن يؤدي رسالته بطريقته التي يراها صحيحة، وآمنت بهذه الرسالة، وبدأت بتطبيقها على طلابي الأطفال، فلمست حاجتهم للمحبة والحنان والذكاء العاطفي والاحتواء، وأنا أدرك أن هؤلاء الأطفال بحاجة إلى الصبر، ويجب سماعهم بتفاصيلهم البسيطة التي هي أصلا ستشكل معالم مستقبلهم وشخصياتهم".

وتشير "فمثلا إذا سمح لهم بالحوار فإن ذلك سيساعدهم مستقبلا على أن يصبحوا متكلمين وقادرين على تسويق أفكارهم".

واعتبرت أن هذه الإيجابية في التعامل تخلق علاقة ودية في كل مكان تتواجد فيه سواء مع الأطفال أو الزميلات، وتقول: "دائما أبث ثقافة أن المدرسة بيتنا الكبير، ففي المدرسة 500 طالب، أقف إلى جانبهم خلال تحركهم سواء في الصف أو الساحة، وأوقن أن هذا الجيل إذا تمت صياغته بشكل سليم فسنكون بخير".

وترفض أن تصف الأطفال بأنهم جيل الكتروني، بل ترى أنهم جيل يحب أن يعمل بيده ويحب اللعب والعمل، وهذا من تكوينهم الفطري، أما الجانب الالكتروني فنحن من نفرضه عليهم، لكن حقيقة يجب أن نتفرغ لهم ونسمعهم وننفذ الأنشطة التي تجعل منهم محبين للدراسة والتعلم.

ومن هنا، استخدمت المعلمة نبأ أدوات تتناسب مع مستوى الطلاب العقلي، فهم يحبون اللعب إذن ليكن حفظ جدول الضرب باللعب، بالكرات والأطواق في الساحة، وهم يحبون الالكترونيات إذن فلننفذ مسابقة الكترونية باستخدام الرسوم المتحركة.

كتبت المعلمة نبأ سيناريوهات تعليمية وأناشيد، لحنتها بتعاون أولادها المتخصصين في الصحافة والجرافيك والفنون، سجلت أصواتهم في البيت، باستخدام الميكروفونات وبرامج المونتاج وتصميم صور متحركة، كل ذلك لصالح الحصص التعليمية لتخرج بالشكل الجميل الذي يستسيغه الطالب ويحب الدراسة ويقبل عليها بشغف.

كما وظفت المعلمة نبأ الدراما في التعليم، خاصة أن لديها ملكة الكتابة وتأليف القصص والمسرحيات، وأدخلتها في الحصص، وتقمصت شخصية الأعداد، حتى أن كتاب الرياضيات عند الطلاب يسمى "كتاب نبأ"، لأنها قررت أن تجعل من الرياضيات مادة تطبق في الحياة، تتكلم وتنطق وتمشي ولها عيون بدل أن تكون مادة مجردة معقدة، وهي تقول لطلابها "إن الحياة رياضيات"، نتعامل معه في كل مكان ونوظفه بطريقة فنية محببة سواء في البيت أو الشارع أو المدرسة.

وتقول: "قدمت الكثير من المبادرات على مستوى الوطن، والتحقت بالكثير من الدورات وأتعامل بإيجابية مع كل الملاحظات، وأناقش كل السياسات، وأنا على يقين أن الخير موجود دائما، وبالتالي علينا أن نمحوره فيما يتلاءم مع البيئة وتوفير الأدوات ما يساعد في تطوير خبراتنا وتجاربنا".

وحول علاقتها مع الطلاب تقول: "علاقتي معهم علاقة أمومة قبل كل شيء، أبكي لبكائهم وأفرح لفرحهم، أمسح على رؤوسهم وأحضنهم وأقبلهم، واقرأ عليهم المعوذات من أجل ان يحميهم الله من كل سوء، أكون معهم طوال الوقت حتى في فترة الاستراحة بين الحصص، وأحرص أن أحافظ على أمانهم واطمئنانهم، وفي نفس الوقت اكتسب منهم الحنان واعتبرهم أطفالي بالتبني".

وتطمح أبو زيتون إلى إكمال دراسة الماجستير والدكتوراة، وترى أن كل شيء يأتي في وقته، وحتى يتحقق تؤكد على أهمية تطوير نفسها وأدواتها بالتعليم، بعيدا عن التكرار والروتين.

وتقول: "أحب أن أكون كل خمس سنوات في مكان مختلف، استخدم أدوات مختلفة وطرقا متنوعة، وأتعرف على وجوه جديدة حتى يكون هناك تغيير وإبداع، فمن المستحيل أن نكرر نفس الصورة حتى يوم التقاعد".

واختتمت انها تسعى لخلق أنماط متعددة في التعليم، والاستفادة من الأخطاء، "فحتى لو معلومة صغيرة من طفل يمكن أن أقف عندها واستفيد منها وهذه هي الروح الإيجابية".