هل من انتفاضة جديدة تعيد الاعتبار؟

بي دي ان |

09 ديسمبر 2021 الساعة 08:21م

من جديد يحيي الفلسطينيون الذكرى الـ34 للانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي انطلقت شرارتها في الثامن من سبتمبر / كانون الأول 1987، وكان ذلك في مخيم جباليا "الثورة" والتي انتقلت فيما بعد لمختلف المدن والمخيمات الفلسطينية في شتى أرجاء الوطن، والتي وقعت اثر قيام سائق شاحنة إسرائيلي بدهس مجموعة من العمال الفلسطينيين على حاجز "ايرز".

أكثر من ألف وثلاث مئة شهيد، عشرات آلاف الجرحى والمعتقلين كانت حصيلة هذه الشرارة التي قلبت الطاولة وأعادت الاعتبار للقضية الفلسطينة بشكل قوي ولافت بعد معاناه الفلسطينين من التهميش سواء داخل وطنهم المحتل أو خارجه، خاصة في أروقة جامعة الدول العربية وغيرها والتي لم تعر اهتماماً واضحا ولَم تتخذ قرارات شافية بحق الفلسطينين وإنصافهم، خاصة في ظل احتلال يسيطر على أراضيهم ويطرد السكان الحقيقيين ويذل إلى العديد من الممارسات القمعية. 

تفصلنا عن الانتفاضة الأولى ثلاثة عقود ونحن مازلنا نقف خلف ذات الأهداف من تحرير واستقلال، أمنيات لم تتحقق رغم حجم التضحيات والدماء التي نزفت، في هذا اليوم بات من الضروري على الفلسطينيين وقيادات الشعب الفلسطيني الوقوف بكل جدية ومسؤولية للبحث في تراجع القضية الفلسطينية وفِي انعدام تحقيق أبسط الأهداف؛ وفشلنا في انتزاع أدنى الحقوق، بالرغم من أنه لو تمت مقارنة بسيطة مابين الانتفاضة الأولى من حيث التماسك المجتمعي والانتماء الوطني في ذروته، ومعنويات الثائر في أوجها، فقد شكلت الانتفاضة الأولى نموذجا مشرفا ولوحة وطنية مليئة بالفخر والاعتزاز، كانت الأمور لدينا واضحة والبوصلة محددة وخطابات القيادة الوطنية الموحدة مؤثرة ومرتقبة لحظة بلحظة، التفاف المواطنين لسماع أخبار صوت العاصفة المزلزل، كل ذلك كان من مقومات صمود الفلسطينيين ودافع قوي لاستمرار النضال خاصة في ظل قيادة فلسطينية كانت متابعة لحظة بلحظة تفاصيل الانتفاضة مع توجيهات وإيصال رسائل ومساندة بشتى الوسائل والطرق المشفرة والسرية بما بتناسب والمرحلة.
 
ما يؤلمنا اليوم هو عدم التكافؤ ما بين حجم التضحيات والنتيجة التي وصلنا إليها، والتي لم نحصل خلالها حتى على دولة على حدود ال٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية بل بالعكس فإن حل الدولتين أصبح في الماضي مع تضاعف الاستيطان والتهويد وابتلاع الأراضي وتجريف بيوت المواطنين خاصة بالضفة والقدس، وما زاد الطين بلة "الانقلاب الذي نفذته حركة حماس في نكسة ثالثة تحل على الشعب الفلسطيني والذي أدى إلى تعزيز الفصل الجغرافي في الوطن الواحد دون أي أفق بتراجعها عن خطيئتها مع الأخذ بعين الاعتبار نتيجة هذا الانقلاب وما صاحبه من فقر وبطالة وضرب النسيج المجتمعي والمنظومة الأخلاقية والقيمية بالعمق وهجرة الشباب وضعف الانتماء الوطني، وبالتالي استفراد العدو بالضفة الغربية والقدس وإضعاف الحالة الوطنية مع موجات التطبيع التي أيضا أضرت بالقضية الفلسطينية وكان بمثابة طعن في خاصرة فلسطين العربية من أشقاء.

بالتالي هذا المناخ الضبابي والمشهد السوداوي لابد أن يكون دافعا للفلسطينين بقيام انتفاضة جديدة؛ انتفاضة بثوب وطني وقيمي ومسؤول لاعادة أوراقهم من جديد وتوحيد خطاب وبرنامج وطني، وتوحيد اللحمة الفلسطينية، ووضع خطط استراتيجية لدعم صمود شعبنا مع ضرورة التواصل وإشراك فلسطينيي ال٤٨ والشتات ودمجهم في المنظومة الفلسطينية كما ينبغي وكما هو مطلوب، لأننا في أخطر مراحلنا والمؤامرات ضد قضيتنا والتحالف العربي الإسرائيلي في أوجه، بالتالي في ذكرى الانتفاضة الأولى؛ مطلوب من الفلسطينيين العودة للبدايات واستخلاص العبر ووقوف الجميع أمام مسؤولياتهم للحفاظ على هويتنا الوطنية والنضالية وتعزيز الانتماء الذي بدأ يتلاشى، لأن كثرة المغردين خارج السرب بات يشكل خطرا كبيرا على البوصلة ومساراتها.