منصور والتواطؤ المعلن

بي دي ان |

07 ديسمبر 2021 الساعة 11:45م

لست مستغربا ولا متفاجئا من طروحات منصور عباس، رئيس كتلة "راعم" في الكنيست الإسرائيلي، وشريك يبنت وشاكيد وساعر ولبيد ومن لف لفهم من الصهاينة الأكثر تطرفا في الائتلاف الاستعماري الحاكم عندما أكد دون حياء، او شعور بالدونية، عندما قال في مقابلته مع صحيفة "كل العرب" يوم الخميس الموافق 25/ 11 الماضي " إسرائيل دولة يهودية شئنا ام ابينا". وهذا لا يمت للحقيقة بصلة، لأن الصهيونية اغتصبت الديانة اليهودية، واليهود الصهاينة المضللون في إسرائيل، او المتساوقون مع المشروع الكولونيالي الصهيوني، ليسوا اكثر من مرتزقة واداة وظيفية استعملهم ويستعملهم وظيفيا الغرب الرأسمالي لخدمة اغراضه وغاياته الاستعمارية على اكثر من مستوى وصعيد سياسيا واقتصاديا وثقافيا وامنيا. لان اليهود الملتزمون بالديانة اليهودية الحق رفضوا التساوق مع الأهداف الاستعمارية الوضيعة للغرب ولقادة المشروع الصهيوني. كما ان اليهودية كديانة ليست قومية،ولن تكون يوما قومية، ووصف الصهاينة بانهم "مجموعة قومية" لا ينسجم مع محددات مطلق قومية في العالم، والاهم من ذلك لم يكونوا يوما شعبا واحدا. لان المملكتين التي شكلها اليهود في التاريخ القديم، كانت عبارة عن ممالك ذات طابع بدوي اذا جاز لي التعبير من حيث طبيعة المكان وعدد السكان، وهم بدو رحل (متنقلين)، ولهذا سميوا بالعبرانيين، لانهم لم يستقروا في مكان واحد سوى ازمان محددة، كما ان التطور البشري آنذاك لم يرتق من حيث تطور قوى وعلاقات الإنتاج إلى المرحلة الاقطاعية، انما كانوا في مرحلة البداوة. وبالتالي لا يجوز إضفاء صبغة القومية عليهم قديما وحديثا.
نعم هناك هوية دينية وطائفية ومذهبية لجماعات بشرية، لكن هذه الهويات لا ترق لاسباغ صفة القومية عليها، ولا يمكن ادراجها تحت أي ذريعة او تلفيقات فكرية سياسية ب"القومية". كما لا يمكن اعتبار الدين ركيزة من ركائز القومية. رغم محاولات بعض القوى والأحزاب في العديد من دول العالم الثالث بما في ذلك الدول العربية باستخدام عامل الدين كجزء من مكونات القومية. وهذا غير صحيح. وبالتالي إسرائيل هي دولة استعمارية لقيطة تجمع سكانها الصهاينة مصلحة وظيفية مشتركة واحدة، هي استعمار ارض وتاريخ وثروات والموروث الحضاري للشعب العربي الفلسطيني لخدمة اسيادها الانكلو ساكسون ومن لف لفهم في الغرب والشرق الأوروبي ومن والاهم.
وهنا فرق بين الإقرار بوجود دولة، او كما يطلق عليها البعض مفهوم كيان، وبين اسباغها بالطابع القومي. رغم ان تموضع مجموعة بشرية في مكان جغرافي واحد يعتبر احد ركائز الدولة القومية، الا ان إسرائيل الوظيفية، مع انها تتربع على جغرافيا محددة مع الصهاينة، الذين جاؤوا بهم لفلسطين المنكوبة بهم وبالغرب، واقاموا الدولة بالتزوير والتلفيق، لا تستقيم مكانتها مع الدولة الطبيعية، لانها سلطة استعمارية، ومغتصبة لحقوق شعب اخر، لكنها لا تملك مقومات البقاء والاستمرار، مع انها، كما ذكرت قائمة على ارض ولديها مؤسساتها التنفيذية والتشريعية والقانونية، بيد ان المجموعة البشرية الموجودة على الأرض متعددة الانتماءات الاثنية، لا تحكمها لغة واحدة، رغم انها رسميا تعتمد اللغة العبرية، الا ان الجزء الأكبر منهم مازال يستخدم لغته القومية الام.
وتابع النائب منصور عباس زعيم الحركة الإسلامية الجنوبية (الاخوان المسلمين) انه "غير نادم على خطوته دخول الائتلاف الحكومي، بل على العكس ففي كل يوم تتعزز قناعته، بأن القائمة الموحدة تسير في الاتجاه الصحيح." وهذا بحد ذاته يعكس الإصرار على خدمة المشروع الصهيوني الاستعماري. وفي فقرة ثانية يقول" نحن لن نتنازل عن حقوقنا الوطنية والدينية والقومية والإنسانية، وهذه بالنسبة لنا خطوط حمراء لا نتجاوزها." وهنا ساطرح على الزعيم الاخواني المسلم بعض الأسئلة: ماذا ابقيت من خطوطك الحمراء حتى لا تتجاوزها؟ وهل لديك خطوط حمراء سوى التناغم والتساوق مع المشروع الكولونيالي الصهيوني؟ ماذا قدمت للجماهير الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة؟ هل تعتقد ان ادراج الخمسة مليارات في الموازنة لصالح المجالس القطرية الفلسطينية مقابل الانضمام لحكومة بينت اليمينية المتطرفة وفرط عقد القائمة المشتركة لصالح الاجندة الصهيونية يستحق هذه المغامرة؟ والاهم هل تعتقد ان حكومة التغيير الصهيونية ستلتزم بما تعهدت به؟ وماذا عن قانون "كامينتس"؟ وماذا عن "قانون القومية الأساس للدولة اليهودية" الذي يقر حق تقرير المصير لليهود الصهاينة على كل ارض فلسطين؟ وماذا عن مساواة الجماهير في ال48؟ وهل القوانين الإسرائيلية الفها الى يائها تمنح أبناء فلسطين المتجذرون في وطنهم الام ذات الحقوق، التي تمنحها لليهود الصهاينة؟ وأين هي خطوطكم الحمراء؟ وماذا تمثل من مصالح الجماهير الشعبية الفلسطينية، ومستقبل كفاحها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتربوي التعليمي والديني؟ اين دور ومكانة اللغة العربية؟
لا اريد ان اناقش باقي ما حملته المقابلة مع فايز اشتيوي وسعيد حسنين، لانها لا تخرج عن النقطتين المثارتين انفا. مرة أخرى راجع نفسك، إن كنت معنيا بالدفاع عن مصالح وحقوق الشعب العربي الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، الذين مازالوا يعانون من الاستغلال والاضطهاد والعنصرية والفاشية، واستطلاعات الرأي الأخيرة قبل يومين تقول ذلك بعد انضمامكم للحكومة الأكثر تطرفا وعنصرية واستعمارا. واذا كنت جادا ولديك انتماء لوطنيتك ادفع بعودة الانضمام للقائمة المشتركة، وغادر الحكومة المارقة، لانها حكومة متعفنة اكثر من حكومات نتنياهو الخمس السابقة