السكوت من ذهب أحيانا!

بي دي ان |

05 ديسمبر 2021 الساعة 02:03م

-كان عباس محمود العقاد يقرأ كتبا كثيرة فى موضوعات مختلفة لا يقصد الكتابة فيها على الإطلاق .. وذات يوم زاره صديق فوجد على مكتبه بعض المجلدات فى غرائز الحشرات .. فقال مستغربا : "وما لك أنت والحشرات ؟ .. إنك تكتب فى الأدب وما إليه؛ فإية علاقة للحشرات بالشعر والقصة والنقد.؟
 أراد العقاد أن يقتضب الكلام بفكاهة تبدو كأنها الجواب .. فقال : "نسيت أننى أكتب أيضا فى السياسة" .. فقال الرجل : "نسيت والحق معك .. فما يستغنى عن العلم بطبائع الحشرات، رجل يكتب عن السياسة والسياسيين فى هذه الأيام".

- فين  مقالاتك؟ يا عم عشم؟ 
قال: لست من أهل الضجيج ولا من محبى الصخب،بل من الخير لنا أن نضج ونصخب كلما رأينا صورة قاسية من صور القبح العام المقرر علينا..لم أتوقف عن الكتابة السياسية.. لم اتعرض لأى ضغوطات لتخفيف اسلوب المعارضة! الموضوع بكل بساطة ليس هناك سياسة من أى نوع للكتابة عنها.. فقط اشباه ساسة وهمبكة ودجل ، والمصيبة انه دجل فاشل كمان!! يعنى تخيل تكون دجال وفاشل. وبالتالي ..ليس هناك أمل فى أى شئ كي نحافظ عليه. قضي الأمر..هذا البلد  دخل فى طريق معلوم نهايته. بعد نفق ومخطط الانقسام الاسود،البعض استسلم  لمصير مرعب مظلم محتوم..فأصبحت الكتابة تضييعا للوقت و إهدارا للجهد و توترا للأعصاب..هناك كلمة شهيرة تقال عند فقدان السيطرة على طائرة هليكوبتر و التأكد من سقوطها: استعدوا للإرتطام.

- لا يمكن ان يكون هذا هو الوضع الطبيعي للأمور، ولا يمكن ان يكون هذا الكم الوافر من الخلافات من صنع ايدينا، و يعلم الكثير من ابناء شعبنا  ان يدا عدائية داهية تلعب على اختلاف الفريقين، كما ويعلم الكثير ايضا ان هناك تمثليه كاذبة لدرجة الملل . اطرافها معروفين وممثلين دور البطولة معروفين كما هو حال باقي ديكور الخلفية "الكومبارس" ايضا معروفين ، والغالبية واجمة على اوسع نطاق،  فهل يعقل وهل رأيت ما صار اليه الحال؟! انها الدائرة الجهنمية المفرغة التي دخلناها  واصبح حلم حياتنا. ان نخرج منها.

- منذ تنفيذ مخطط الانقسام الصهيوني الاسود، هناك من يريد أن يؤكد للعالم بأن الذي سرق البلاد وخربها وأشاع الحزبية والمحاصصة وباع المناصب ودمر الركن الاهم فى مشروع الاستقلال- الوحدة الوطنية- إنما هم ناس اخرين، ومن يقف ضدهم في الشارع، وأن مقدمة انتفاع الموالسة. بات مقدماً على تحرير الشعب من الفساد والانتهازية، والانقسام والحزبية العنصرية، وأن فرض الهيمنة الكاملة على الناس له الأسبقية على تأمين مستقبل الشعب والخروج به إلى بر الأمان. مثل هكذا أزمة يسيطر عليها العناد واللامسوؤلية سوف تنفجر في أية لحظة وتتحول ثورة شعبية.. إلى صراع مسلح دامٍ بهدف، كنس الاحتلال الصهيوني الوحشي الدموي، ومعه جماعات دعم الانقسام والموالسة، واصحاب المخطط الصهيوني الحالي . 

- الثورة ليست هواية للشعوب .. بل هى رد فعل على المظالم والفساد والحرمان من الحقوق .. إنها محاولة لإعادة الاعتدال لكفتي ميزان مختل .. ولا أحد يريد الثورة بتكاليفها الباهظة وآلامها القاسية .. ولكن قهر الثورة هو قهر لطموح الشعب نحو الاستقلال و الوحدة الوطنية الحقيقية و العدل والحرية؛ الفساد و الظلم يدفع الشعوب إلى الضجر والتذمر ، "الثورات الشعبية لا تعرف الإجازات، وإذا توقفت الثورة الشعبية قبل بلوغ أهدافها، فإنها لابد أن تنتكس ، وتجد نفسها مرغمة أمام أعدائها على أن تسلم لهم بما حصلت عليه من انتصارات مرحلية فى فترات النضال، ثم يتعين عليها بعد ذلك ، أن تبدأ الطريق الثوري من أوله"

- فى مراحل التغيير فى تاريخ الأمم ، خاصة المراحل الثورية ، من أهم ما يجب عمله هو تحقيق الوحدة الوطنية والعدالة وإتمام المحاسبة القانونية؛ وهى فى أبسط معنى وتطبيق لها : العمل على تطبيق الدستور والقانون وتحقيق المساواة ، ثم وهو الأهم محاسبة كل من شارك وساهم فى تنفيذ مخطط الانقسام الصهيوني وانتهاك الدستور والقانون ونهب الثروات وانتهك حقوق الإنسان ، أو ساعد على ذلك كله ووافق عليه ، وهوفى مركز صنع القرار.. لا يمكن أن يفلت من المحاسبة كل الحاشية التى ساندت من كان يمارس كل هذه المخالفات والخروقات ، ومنحته القوة والمنعة والحماية الكاملة.

- على كل حال.. هنا الشعب الذي لن ينهزم.. والله يشهد اننا لم نيأس و لم نتخلي ولم نكف عن المقاومة. اليائسون اليوم من تحرير الأقصى هم كالذين كانوا يائسين من تحرير الجزائر، احتل الفرنسيون الجزائر مئة وثلاثين سنة، وجاءوا بأكثر من مليون مستوطن واستقروا بها حتى ظنوا أنهم ماكثون فيها أبدًا، ثم ثار الجزائريون وهرب كل هؤلاء المستوطنين وعادوا من حيث أتوا.‏ وما هروب الصهاينة. عنهم ببعيد.
 السكوت من ذهب أحيانا؟!