خاص- "بي دي ان":

بعد ارتفاع جرائم القتــــــل بحق النساء...من المسؤول؟ وهل سيتم تعديل قانون العقوبات المعمول به؟

بي دي ان |

25 نوفمبر 2021 الساعة 05:38م

شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً في عدد جرائم العنف الأسري بحق النساء والأطفال بالمدن الفلسطينية، دون وجود رادع قوي لمحاسبة المجرمين بما يضمن عدم تكرارها.

كانت جريمة مقتل المواطنة "صابرين تايه" ببلدة كفر نعمة في رام الله بالضفة الغربية على يد زوجها قبل أيام، آخر الجرائم التي تم تسجيلها والتي أثارت ضجة كبيرة بين أوساط الشعب الفلسطيني.

ما الأسباب التي أدت لاستمرار وتكرار هذه الجرائم؟ ومن يتحمل المسؤولية؟.

قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية الدكتور محمود الهباش، قال إن السبب الأساسي لوقوع مثل هذه الجرائم بعد غياب الرادع الديني، هو غياب الرادع القانوني، فعندما يأمن الإنسان من العقاب يسيء الأدب ويتجاوز ولا يفكر في العواقب لأنه لا يوجد لديه احساس بوجود رادع. 

وأضاف الهباش في تصريح خاص لـ"بي دي ان"، عندما يكون هناك رادع قانوني وجزائي يفكر الإنسان مرتين قبل الشروع بارتكاب أي جريمة.

وأضاف: كان هناك خلل كبير في استخدام ما يعرف بـ "العذر المخفف"، قبل أن يصدر الرئيس محمود عباس قبل فترة تشريعًا أعاد الأمور إلى اعتدالها في هذا الموضوع بحيث لا يتم استخدام هذا العذر المفترض بطريقة مجحفة بحق المرأة.

وتساءل الهباش: كيف يتم الإفراج عمن ارتكب جريمة قتل؟ ووفقاً لأي أساس؟ هل يتم على أساس قانوني؟ أو أساس شرعي؟ بالطبع لا يتم على أساس قانوني أو شرعي لذلك يحتاج إلى إعادة النظر من جديد.

وتابع، عندما تغيب النصوص القانونية الرادعة والحاسمة والحازمة وعندما تغيب سلطة تنفيذ القانون، حتى لو وجد نص وغاب التنفيذ كأن النص لم يكن، وبالتالي ترتفع جرائم القتل.

وشدد على ضرورة أن يكون هناك تضافر جهود وتعاون كامل بين جميع أركان المنظومة القانونية، والمنظومة الدعوية والأخلاقية في المجتمع لمنع وقوع مثل هذه الجرائم، وأن يتم الردع بأقسى حدود ممكنة بما يمنع وقوع مثل هذه الجرائم بالذات فيما يتعلق بجرائم القتل.

وأضاف، لماذا أوجد الله القصاص في القتل؟ وذلك في قوله الكريم: "ولكم في القصاص حياة"؟ لماذا شرع الإسلام للقاتل العمد أن يقتل؟ لو شعر القاتل بأنه سيُقتل سيفكر مئة مرة قبل أن يقدم على هذه الجريمة، لكن غياب الرادع وغياب التطبيق الأمين للنصوص الدينية والشرعية وبالذات فيما يتعلق بالحدود هو أحد أبرز الأسباب التي تؤدي لاستمرار جرائم القتل.

وحمّل الهباش الجميع المسؤولية تجاه هذه الجرائم، مؤكداً أن المجتمع مسؤول، والعشائر مسؤولة، والسلطة مسؤولة، والحكومة مسؤولة، ولا أحد ينبغي له أن يتهرب من المسؤولية، وبالتالي لو نفذت أحكام الله تنفيذاً دقيقاً وأميناً وتظافرت كل الجهود على ذلك من أسفل قاعدة الهرم إلى أعلاه، وبكل منظومات العمل ومنظومات التأثير سواء كانت فكرية- دينية- مجتمعية- أمنية- سياسية، لما ارتفعت جرائم العنف والقتل بهذا الشكل.

من جهته، قال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان الدكتور عمار الدويك، إن هناك خلل كبير في القوانين القائمة فيما يتعلق بموضوع حماية النساء من العنف، ولا توفر آليات مناسبة وكافية لتوفير الحماية لكثير من النساء والأطفال لمواجهة العنف، خاصة العنف الموجه من أحد أفراد الأسرة.

وأضاف الدويك في تصريح خاص لـ"بي دي ان"، نحن مع إصدار قانون كامل ومتكامل لموضوع حماية الأسرة من العنف، يحدد أولاً تعريف العنف، ويضع آليات فعالة ومناسبة للوقاية من العنف، وأيضاً توفير حماية لاحقة في حال كان هناك خطورة على حياة النساء أو الأطفال المعنفين، أو حتى كبار السن من الرجال لوضع آليات للحماية وآليات لإعادة التأهيل للدمج في المجتمع لهؤلاء الضحايا.

وشدد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار خصوصية هذا النوع من الجرائم لأنها تقع في داخل الأسرة، وبالتالي تحتاج لمتابعة خاصة من أجهزة متخصصة سواء من الأجهزة الأمنية، أو وزارة التنمية الاجتماعية أو القضاء.

ودعا الدويك، لضرورة تحديد عقوبات مناسبة لهذا النوع من الجرائم يضمن عدم تكرارها واستمرارها.

ولفت إلى أن القانون القائم به ثغرة كبيرة تجاه التعامل مع هذه الجرائم، وآلية الحماية المتوفرة الآن لحماية النساء ضعيفة جداً، ولعل جريمة مقتل المواطنة "صابرين تايه" أكبر دليل على ذلك، إضافة لضحايا أخريات من النساء.

وأضاف الدويك، لو كان هناك نظام متابعة وحماية للنساء المعنفات لكان من الممكن إنقاذ حياة الكثير منهن.

وأوضح أن هناك مسودة لقانون حماية الأسرة تم العمل عليها منذ سنوات، وكنا من الداعمين لها وبقوة، وخضعت لكثير من النقاشات وشارك فيها مؤسسات نسوية، وبعض المفتيين ورجال الدين سواء مسلمين أو مسيحيين.

وأضاف، هذه المسودة الآن لدى مجلس الوزراء الفلسطيني ومكتب الرئيس، لكن لاعتبارات سياسية الحكومة تتردد في إصدارها نتيجة لوجود معارضة من بعض المجموعات المحافظة لدور هذا القانون. 

وقال الدويك، إن جريمة مقتل السيدة "التايه" سيتم أخذ الاعتبار منها وطرح الموضوع مجدداً من أجل ضمان حماية النساء والأطفال من العنف الأسري.