جريمة هزت من تحجرت قلوبهم

بي دي ان |

13 نوفمبر 2021 الساعة 09:39م

تنتشر الجريمة في العديد من الأماكن، وكل بقعة معرضة لتكون مسرحاً لجريمةٍ ما، وتجتهد كل حكومة في الدولة أن تَحِدَّ من نسبة الجرائم في دولتها، كما تختلف ردود أفعال الناس أيضا وفق طبيعة هذه الجريمة وطبيعة المجرم والضحية، ولعل أبشع هذه الجرائم ما يتم خلالها تدمير الانسان وإيذائه بشكل مباشر نفسيا وجسديا، خاصة إذا كانت الضحية من الحلقات الضعيفة في المجتمع كالمرأة أو الطفل، وتصبح كارثة أكبر حين تكون الضحية "طفلة" أي اجتمعت الصفتين. 

وتعظم الجريمة حين يكون المجرم من دعاة الدين والخلق أو أن يكون من الأشخاص الذي من المفترض أن يكون حامي العرض أو الوطن، ومن هنا فقد كانت الجريمة التي شهدتها مدينة رفح منذ يومين باغتصاب رجل لطفلة دون الخامسة من عمرها كانت بحجم زلزال صدم المواطنين أجمع وما زاد الطين بلة أن المغتصب (المجرم) يعمل نقيب بجهاز الشرطة في حكومة غزة، أي أنه من المفترض أنه يشكل الدرع الواقي للمواطنين ويقوم على حمايتهم، والمصيبة الأكبر أنه (المجرم) يكون عّم الطفلة الذي أيضا من المفترض أنه حامي العرض ضد أي اعتداء.

فكان الحدث جللاً والصدمة كبيرة هزت قلوب من تحجرت قلوبهم واحتضرت ضمائرهم، جريمة غريبة وسلوكٌ شاذ، قاسٍ، تقف الآدمية والإنسانية في حالة ذهول، فكيف لرجل أن يغتصب ابنة أخيه ابنة الخمس سنوات؟! كيف يموت الدين والأخلاق والإنسانية والرجولة في كفن واحد ويسقطون في ذات الحفرة في آن واحد ؟ فكيف تجرأ على الدم والقداسة والحرمة وكيف وكيف ؟! ألفُ تساؤلٍ يجول بأذهاننا أمام هذا المشهد السافر، الوقح وكل الاجابات لن تقنعنا كما كل أنواع العقاب لن يشفي غل الذين ظُلِمُوا وصُدموا.

هذه الجريمة ليست الأولى التي هزت مشاعرنا وصدمتها حتى النخاع ولن تكون الأخيرة لأن التهاون مع المجرمين لا يردع الآخرين، ولا يشكل سياج أمان للمواطنين، فالكثير من المجرمين خارج السجون، كما أن عمل بعض العشائر ولجان الإصلاح أيضا فتحت باب التسيب لدى العديد من المجرمين ليمارسوا جرائمهم مصحوبة بالاتكال على فنجان قهوة في ديوان فلان وشق علان، وهنا قد يفهم بعض رجال العشائر والمخاتير دورهم بشكل مغلوط مما يؤدي إلى ازدياد الجريمة في مجتمعنا الذي لم يعد يحتمل مزيدا من التسامح في حالات كثيرة تستوجب أشد العقاب، ثم أن القانون غير منصف تجاه العديد من القضايا التي تمثل الاعتداء والعنف الأُسَري وما شابه. 

في ذات السياق تابعنا بيان الشرطة بخصوص الجريمة حيث أشار البيان إلى "اعتداء شاب على طفلة" هذه السطور التي تمثل صدمة أخرى، فكان على الشرطة أن تعطي الأوصاف حجمها، أن المعتدي نقيب بشرطتها، وأننا أمام جريمة هزت الوطن وليس اعتداء (يا حكومة) وأظن أن هذه الصيغة قد لا تبشر بعقاب يستحقه مجرم، ارتكب جريمة مركبة ولكن سننتظر، مع مطالبتنا بتنفيذ أقصى عقوبة بحق المجرم، فهو من ناحية ضابط أمن ومن ناحية عّم الطفلة وهذا مما زاد من ثقل الجريمة بالتالي مضاعفة العقاب.